السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة عمري 22 سنة، أعتقد أني أعاني من وسواس قهري حاد منذ أكثر من عام، في البداية كانت تأتي لمخيلتي أن أقتل ابنة أختي الصغيرة، وكأن أحدا ما يحثني على قتلها مرارا وتكرارا، وكنت أكره هذه الفكرة، ولكني تحسنت بعد ذلك قليلا، ولكن رجع الوسواس بطريقة أصعب، لأنه أصبح يشككني بكل شيء، حتى بالله سبحانه وتعالى وبقدرته، وأصبحت أخاف من الله في كل دقيقة، وأتخيل بأنه سيقبض روحي بسبب هذه الوساوس، ويشككني بالعقيدة الإسلامية، أو يأتي لي وأنا أصلي، ويسب الله -والعياذ بالله- بالرغم من أنني دائما أستعيذ من الشيطان، وأدعو الله، ولكن الوسواس لم يختف كليا، وإنما يخف قليلا ثم يرجع.
دائما ما أشعر بصوت يأتي لي ويقول: لا تضحكي لأنك ستموتين، ولا تأكلي لأنك ستموتين بعد قليل، أو أن والدك إذا خرج الآن سيموت، وإذا لم يكن والدك سيكون أخوك أو أختك الصغرى، حتى أنني أصاب باضطراب وخوف وهلع بمجرد أن تقول: سأذهب لغرفتي، وأتخيل أصوات صراخ رجل أو امرأة، وأشعر وكأن أحدا ما يراقبني، وأتخيل أشياء مخيفة، أو أني سأصاب بأمراض خطيرة، أو أني سأموت بحادث، وأتساءل في نفسي: هل اقترب موعد وفاتي؟ وهل الله يحبني؟ وهل صلاتي مقبلة كوني كافرة؟!
أعتذر عن الإطالة، ولكن أردت أن أعلمكم بتفاصيل مرضي، فالوسواس أتعبني، وأصابني باكتئاب حاد، وأصبحت أكره الحياة، والطعام والشراب، وفقدت الشهية، وأشعر بتعب وإرهاق، وأشعر برأسي وكأنه سينفجر، وأشعر بدوار واضطراب في خفقان القلب.
لاحظ أهلي ذلك، وأخذوني إلى راق شرعي، فتحسنت قليلا، ولكن عندما قرأت عن الوسواس؛ وجدت بأنه لا يزول إلا بالأدوية المضادة، المشكلة أن أهلي يرفضون ذهابي إلى عيادة نفسية، ويرفضون تناولي بعض الأدوية دون استشارة طبيب، بسبب وفاة رجل نعرفه توفي بسبب الأدوية النفسية، بماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ zahra حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
أنت بالفعل تعانين من وساوس قهرية فكرية، ومحتواها قطعا قبيح ومؤلم لنفسك، ونحن نقدر هذا كثيرا، وفي ذات الوقت أود أن أبشرك بأن الوساوس يمكن علاجها، وأهلك يجب أن يقتنعوا بذلك، ويجب أن يقتنعوا أن هذه الوساوس مؤلمة جدا للنفس، وأن الوساوس تعطل الإنسان وتعطل من حوله، وأن الوساوس تؤدي إلى الاكتئاب، وأن الوساوس تؤدي إلى عدم الفعالية، ولا بد أن يعرفوا ذلك، وكذلك يجب يعلموا بأن الوسواس أصبح الآن في جله يعتبر مرضا طبيا.
العلاج في مثل هذه الحالات يصل إلى درجة الوجوب كما أفاد علماؤنا جزاهم الله خيرا، قال صلى الله عليه وسلم: (ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء، فتداووا عباد الله)، والوسوسة معروفة، حتى كان بعض الصحابة يشتكون منها لرسول – صلى الله عليه وسلم – فها هو أحد الصحابة يشتكي إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائلا: (لزوال السموات والأرض أحب من أن أتكلم به)، فطمأنه الرسول – صلى الله عليه وسلم – قائلا: (الله أكبر، أوجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان).
الوساوس تأتي دائما حول الأمور الدينية والأمور الحساسة، حتى وإن كان للشيطان دور فيها، ولكن الجانب الطبي فيها مؤكد، وحين نقول أن الأدوية مهمة، لأنه اتضح وبما لا يدع مجالا للشك أنه توجد تغيرات في الدماغ، وهنالك مواد معينة تسمى بـ (الموصلات العصبية) يحدث فيها نوعا من الخلل، لا تعرف أسبابه بالضبط، ولكن المهم أن هذه الأدوية الحديثة تعدل هذا الاضطراب الموجود في كيمياء الدماغ وتؤدي - إن شاء الله تعالى – إلى الشفاء والتعافي.
تحدثي إلى أحد أفراد أسرتك، وليس من الضروري للأسرة كلها، اختاري شخصا تعتقدين أنه يمكن أن يتفهم وضعك، ويقنع البقية لأن تذهبي إلى الطبيب، فهذه الحالة تعالج وبصورة فعالة جدا خاصة عن طريق الأدوية، لأن وساوسك جميعها من النوع الفكري السخيف، لا يوجد لديك طقوس وسواسية، ولا يوجد لديك أفعال وسواسية، إنما هي أفكار واجترارات، وهذه يعرف عنها أنها تستجيب للعلاج الدوائي أفضل من العلاج السلوكي، فأقنعي ذويك بذلك، وتوجهي لتناول العلاج، والأدوية كثيرة.
من أفضل الأدوية التي يمكن أن تفيدك عقار (بروزاك)، أو عقار (فافرين)، أو كلاهما، وأنا أتفق مع أهلك إذا قالوا لك أن استشارة الطبيب مهمة، فهذا كلام جيد، إذن اذهبي إلى الطبيب، والمملكة العربية السعودية مليئة بالأطباء، ونحن هنا في إسلام ويب حين نصف بعض الأدوية لبعض الناس هذا من قبيل التسهيل، ونعتقد ونعرف تماما أن هذه الأدوية سليمة، والدواء إذا لم يكن سليما لن يعطيه الصيدلي بدون وصفة طبية، اذهبي إلى طبيب هذا أمر جيد ومقبول، وأنا أؤيده تماما، وبالمناسبة كثيرا من الأطباء العموميين وأطباء الأمراض الباطنية يدركون الآن عن هذه الحالات النفسية – خاصة الاكتئاب، والوساوس، والمخاوف – لأنها أصبحت منتشرة جدا، حتى إن إحدى الدراسات أشارت أن سبعين بالمائة من حالات الوساوس والقلق والاكتئاب النفسي يمكن أن يعالجها طبيب الأسرة.
فاذهبي إلى أحد المراكز الصحية، وأنا متأكد أن المملكة العربية السعودية بها أطباء متميزين ومدربين تدريبا صحيحا فيما يخص طب الأسرة، ولديهم إلمام بمثل هذه الحالات، بمعنى آخر: إذا كان هنالك عدم قبول للذهاب إلى الطبيب النفسي فيجب أن يكون هنالك قبولا لأن تذهبي إلى الطبيب العادي – أي طبيب الأسرة – في المركز الصحي.
هذا هو الذي أنصحك به، وأما من الجوانب السلوكية، فحاولي أن تحقري هذه الأفكار، يجب ألا تناقشيها، لأن الدخول في تفاصيلها ومحاولة تشريحها وتفصيلها وإقناع الذات هذا يؤدي إلى ما نسميه بالحوار الوسواسي، وهذا قد يعمق هذه الوساوس.
تمارين الاسترخاء أيضا وجد أنها مفيدة جدا، وموقعنا به استشارة تحت رقم 2136015، أرجو أن ترجعي لها وتسترشدي بما هو موجود من إرشاد يوضح كيفية تطبيق الاسترخاء، وأرجو أن تنتفعي به، وحاولي بقدر المستطاع أن تكثري من الاستغفار والصلاة على الرسول – صلى الله عليه وسلم – وفي ذات الوقت اصرفي انتباهك أيضا من الوسواس، وذلك من خلال تحقيره وتجاهله – كما ذكرنا – واشغلي نفسك بما هو مفيد.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.