أريد علاجاً للقلق والخوف من الموت والأمراض

0 433

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بعمر 21 عاما، مريضة بزيادة في نشاط الغدة الدرقية من صغري، وقد قرر الطبيب إجراء الجراحة خلال هذا الشهر -بإذن الله- أتناول هذه الفترة علاج أندرال 40، وكاربيمازول، وديكسازون، والمشكلة أني متوترة جدا وقلقة، وأشعر بأن شيئا خطيرا سيحدث، بعد أن علمت بأمر الجراحة أحسست بألم في صدري، وذراعي الأيسر وتحت الإبط، ثم آلام في ظهري وأسفله، وأكتافي، وضيق بالتنفس، وذكر الطبيب أنها آلام بعظمي لتعرضي لهواء أو مكيف، وأخذت فولتارين، لكن ألم ظهري يغيب ويعود، خاصة عندما أستلقي على ظهري، أو أتحرك حركات معينة، أو عند السجود، وهذا الشيء زاد من خوفي، وصرت لا أنام من الخوف، مع اضطرابات في القولون وإمساك، وألم أسفل البطن وانتفاخ، وقلة شهيتي، وكانت نتائج فحص الايكو ليس بها شيء خطير، فضربات قلبي سريعة من تأثير زيادة نشاط الغدة الدرقية، ولدي دوخة وزغللة، ولا أعرف السبب.

أيضا أنا موسوسة، وأخاف من الموت جدا، وتحدث لي نوبات خوف وذعر منذ وفاة جدتي منذ 6 سنين، وزاد هذا الخوف بعد سفر إخوتي وشعوري بالوحدة، حتي صرت أخاف أن يحدث لي شيء وأنا بمفردي بالمنزل، مع العلم أني منذ صغري أفكر بالأشياء السيئة كثيرا، وأن أحدا سيموت، وأظل أفكر إذا حدث هذا الشيء، وكيف سأتعامل معه، أصبحت لدي أفكار سيئة وتشاؤمية في الحياة، وحزن دائم حتى في وجودي وسط أقاربي، لا أجد لذة للحياة، وأنا منذ شهرين وأنا معتزلة للناس، ولا أكلم أحدا ولا أخرج من المنزل إلا للضرورة، ودائما أفكاري حول أمراض خطيرة وسيئة ستحدث لي، ونظرتي للحياة أصبحت أني بلا قيمة، وبلا هدف، بعدما فاتتني سنة من دراستي، وقد تفوتني هذه السنة أيضا إذا استمرت هذه الحالة.

أصبحت مقصرة في عبادتي، ودائما أفكر أن ربي غاضب علي، وأني لن أعود كسابق عهدي وأعوض ما فاتني من حفظ القرآن، وفقدت إحساسي بالصلاة وقراءة القرآن، حتى صارت نوبات الخوف تأتيني عند قراءتي للقرآن عندما أمر على آيات العذاب أو الموت.

أصبح لدي خوف من الارتباط بالناس مرة أخرى أو التحدث مع أحد، ودائما يزيد الخوف مع دخول الليل، وإذا استيقظت في منتصف الليل أفزع وأخاف، وأشعر بخوف غير طبيعي لا يهدأ حتى يطلع النهار.

لا أعرف هل أنا بحاجة لمعالجة نفسية؟ لأني أخاف حتى أذهب لطبيب نفسي، لأن الأمر يزداد سوءا، وأشعر أن لا خلاص منه، أريد حلا لمشكلة القلق، والخوف والوسواس، وهذه النوبات التي تأتيني، فأنا أشعر أني لو ذهبت لطبيب نفسي سأصاب بالجنون، وأخاف جدا من العلاج أن يكون له تأثير على حالتي المرضية أو أدمنه.

كيف يمكنني التخلص من خوفي من التعامل مع الناس مرة أخرى؟ وكيف أستطيع التعامل مع الوحدة وفراقي لإخوتي؟ فسفرهم أثر في كثيرا.

اعذروني على طول الرسالة، فلم يكن من السهل علي أن أكتب لأحد هذه الأشياء، لأول مرة أحكيها، فأنا لا أحكي لأحد حتى أقرب الناس لي، بل أكتمها داخلي، أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ر.م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

لا شك أنك تعانين من قلق المخاوف، ولا شك أن زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية هو أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى هذه الحالة، وأصبحت الأمور أكثر تعقيدا لأنك مقدمة على الجراحة، ومن الطبيعي أن يتخوف الإنسان حول هذه الجراحات حتى وإن كانت بسيطة، ومضمونة النتائج -إن شاء الله تعالى-.

أنا أرى أن تطلعي طبيب الغدة الذي يشرف على علاجك بكل الأعراض التي ذكرتها، وتوضحي له أنك قد تواصلت معنا، ونحن نرى أنك تعانين من قلق المخاوف، ربما يقوم الطبيب برفع جرعة الإندرال، ومن الأفضل أن يحولك إلى زميل له يعمل بالطب النفسي، حيث إن حالتك تحتاج لأحد الأدوية المضادة للمخاوف مثل عقار (زولفت)، والذي يعرف أيضا تجاريا باسم (لسترال)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين) أو عقار (سبرالكس)، ويسمى علميا باسم (إستالوبرام)، هي أدوية كلها طيبة، جيدة، سليمة، وفاعلة، حين تبدئين في تناول أحد الدواءين قطعا سوف يحدث لك تحسن، والتحسن غالبا يبدأ في الأسبوع الثاني أو الثالث من بداية العلاج، لأن هذه الأدوية تشتغل من خلال البناء الكيمائي، فإذا هذا هو خط العلاج الأول، أي تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف.

النقطة الثانية هي: أن تحسني قناعاتك حول إجراء الجراحة، وحول نتائجها، فهي -إن شاء الله تعالى– جراحة بسيطة، وسوف تريحك من الكثير من الأدوية، وتعود لك صحتك -إن شاء الله تعالى– كاملة ومتكاملة.

النقطة الثالثة هي: أن تصرفي انتباهك تماما عن التفكير في هذا الأمر، وذلك بقدر المستطاع، وهذا لا يتأتى إلا من خلال: أن تشغلي نفسك بأمور أخرى، بأن تكوني فعالة داخل المنزل بأن تتواصلي، ويجب أن تكوني حريصة على العبادة، ولا تدعي للشيطان مجالا.

أنصحك أيضا بتطبيق تمارين الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو أن ترجعي إليها وتسترشدي بما هو وارد فيها، وسوف تجدين فيها -إن شاء الله تعالى– خيرا كثيرا.

الأعراض النفسوجسدية خاصة اضطراب القولون، والجهاز الهضمي، والشعور بالانتفاخ، وقلة الشهية للطعام، هذه تحتاج للحرص على ممارسة الرياضة، يجب أن تكون هنالك ممارسة رياضية منتظمة، وهنالك الكثير من أنواع الرياضات التي تناسب الفتاة المسلمة.

لا تكوني حساسة حيال بعض الأمور، أنت تملكين -الحمد لله تعالى– طاقات نفسية وجسدية كثيرة جدا، أنت في عمر يتمناه الكثير والكثير من الناس، فيجب أن توجهيها التوجيه الصحيح، وتستفيدي من طاقاتك المكبوتة، ودعي عنك هذه المخاوف وهذه الوساوس.

أما في خصوص كيفية التعامل مع الذات ومع الآخرين: لا تراقبي نفسك، الإنسان لا يراقب نفسه إلا في طاعة الله، وبعد أن ينخفض مستوى القلق، والتوتر والمخاوف من خلال ما ذكرناه لك من إرشاد، وتناول الدواء المطلوب، قطعا سوف تحسين بقبول كبير، قبول لذاتك ولفهمها، ومن ثم تسعين لتطويرها، وهذا كله سوف ينعكس إيجابا على تعاملك مع الناس، والتعامل مع الناس يجب أن يكون قائما على مبدأ (الإحسان بالإحسان)، ألا نعتدي على الآخرين، أن نقوم بواجباتنا، أن نكون متسامحين، أن نصل أرحامنا، وأن نحاول أن نجد العذر لمن يخطأ في حقنا، ولا تعتقدي أن هذه صورة مثالية، هذه حقيقة الأمور.

الأمر الآخر هو: يجب أن تكثري من الاطلاع، لأن حسن الاطلاع واكتساب المعارف يعطيك قوة خاصة للتواصل مع الناس، والتواصل مع الناس أصلا هو أفضل وسيلة للتعامل مع الناس، الذي لا يتواصل لا يستطيع أن يتعامل، فالأمر فيه الجانب التدريبي، وفيه الخبرة التراكمية، والخبرة التراكمية لا تأتي إلا من خلال تطبيق المهارات الاجتماعية، حتى السلام على الناس يتطلب مهارة اجتماعية معينة، أن يحي الإنسان شخص آخر باحترام وببشاشة وانضباط، هذا نوع من التعامل مع الناس، يتولد منه -إن شاء الله تعالى– مقدرة على التعامل بصورة جيدة ومرضية جدا لنفسك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات