أتجنب الأصدقاء ولا أملك الثقة عند حديثي معهم، هل سأتغير يوماً؟

0 441

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شخص ليس لدي الثقة والجرأة في الحديث، أضع مشكلتي هنا وبإذن الله وبفضله، ثم بفضلكم أجد التحسن، أنا إنسان بدأت أنحدر بعد السن الـ 16 تقريبا، وعمري الآن قريبا من الـ 18 سنة، (3 أشهر وأدخل في الـ 18) صارت حالتي تسوء مع الوقت، ثقتي بنفسي في حديثي مع الناس ومع الأصحاب ضعيفة، أصبحت دائما متوترا وقلقا في أتفه الأمور! مثلا أوقف السيارة وأذهب إلى المسجد، أخاف أن تصدم وأتوتر! أيضا لا أملك الجرأة في الحديث، وأحرج حتى لو كان شخصا عاديا! لا أعرف الرد على الناس وأتكلم معه بكل وثوق!

أحس أني أصبحت شخصية انسحابية، رغم أني عندما كنت في سن الـ 15 كنت أخرج مع الأصحاب، وأحب التجمعات والترفيه معهم، ولكن الآن تغير الوضع.

أنا ألعب بالإجازة لساعات على (البلاستيشن) وسمعت أن السوني يجعلني شخصية انسحابية، لا أدري أرجو تصحيح المعلومة، ولكن الآن خففت كثيرا من اللعب (بالسوني) لي الآن أكثر منذ شهر، أيضا أنا إنسان خواف، قلبي ضعيف جدا، ما هو الحل؟ أريد أن أواجه الناس وأتكلم معهم رغم أني لا أحب مواجهة الناس أبدا.

لدي 5 إخوة، اثنان منهم أحتك بهم قليلا، أستحي منهم، ولا أملك الثقة عند كلامي معهم، وأتمنى أن ينتهي حديثي في أقرب فرصة.

أخاف من المستقبل، سأدخل الجامعة، وأتعرف على أصدقاء ودكاترة، وبعدها سأتزوج، وأكون علاقات، كيف أملك الثقة والجرأة؟ كل ما أتكلم مع الناس أقول في نفسي متى ينتهي حديثنا؟ لأنه ليس عندي ثقة.

معلومة: أنا لا أحب الخروج من البيت أبدا، فقط أخرج بشكل شبه يومي مع صديق واحد فقط أرتاح له، وليس لدي أصدقاء آخرون، وأصلا أنا أكرههم، ولا أحب أن أواجههم أبدا بسبب عدم ثقتي بنفسي، أيضا أنا حساس نوعا ما، ولكن ليس بالدرجة الكبيرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

لقد ذكرت في سؤالك عددا من الجوانب كالثقة بالنفس، والرهبة الاجتماعية، وبعض جوانب الخوف، والتردد من الخروج من البيت، وإذا سألتني أن أسلط الضوء على الجانب الأهم، والذي هو -ربما- السبب الرئيسي لغيره من الأعراض، فربما هو الجانب الأول الذي ورد في سؤالك، وهو موضوع الثقة بالنفس، أو ضعف الثقة بالنفس.

وربما ما يجمع كل هذه الجوانب هو ثقتك بنفسك وتقديرك لها، وما يسمى "slefsteem" حيث إن من علامات نجاح الإنسان سواء في حياته الخاصة، أو في علاقاته مع الناس، وفي علاقته بنفسه، أن لديه قدرا جيدا لتقدير ذاته واحترامه لها.

ويصاب تقدير الذات أحيانا بما يضعفه وينقصه عندما يمر الإنسان بتجربة سلبية، أو غير سعيدة النهاية، ولكن يقال أن العيب ليس في أن يقع الإنسان، وإنما في أن لا يستطيع النهوض من كبوته هذه.

أريد منك خلال الثلاث أسابيع القادمة أن تتقصد ذكر الإيجابيات في حياتك، ولا بد أن لديك منها الكثير، بالرغم من عدم تصديقك الآن لهذا بسبب الحالة النفسية التي أنت فيها، ويمكن أن أعدد من الإيجابيات على سبيل المثال، أنك ما زلت في سن الشباب، وعندك أحلام وتطلعات، ولذلك تسعى لإصلاح الحال، والعيش بكل طاقاتك وإمكاناتك.

إننا كثيرا ما نسجن أنفسنا في أفكار ومعتقدات عن أنفسنا بأننا مثلا نتحلى بصفات معينة، أو أننا كسالى، أو أننا غير موفقين، أو بلا إرادة، أو أننا ضعاف الثقة في أنفسنا، وتأتي عادة هذه الأفكار من مواقف الناس معنا، ومن كلامهم عنا، وخاصة في طفولتنا، فقد يقولون عنا مثلا أن عندنا خجلا، أو ترددا، أو ضعف الثقة في أنفسنا، فإذا بنا نحمل هذه الأفكار والمعتقدات على أنها مسلمات غير قابلة للتغيير أو التعديل، وقد تمر سنوات قبل أن نكتشف بأننا ظلمنا أنفسنا بتقبل وحمل هذه الأفكار كل هذه السنين، والمؤسف أن الإنسان قد يعيش كل حياته، ولا يحرر نفسه من هذه الأفكار!

لا بد لك، وقبل أي شيء آخر أن "تحب" هذه النفس التي بين جنبيك، وأن تتقبلها كما هي، فإذا لم تتقبلها أنت فكيف للآخرين أن يتقبلوها؟! مارس عملك بهمة ونشاط، وارع نفسك بكل جوانبها، وخاصة نمط الحياة، من صلاة، وعلاقة مع الله، ومن التغذية، والنوم، والأنشطة الرياضية، وغيرها مما له علاقة بأنماط الحياة، وأعط نفسك بعض الوقت لتبدأ بتقدير نفسك وشخصيتك، وبذلك ستشعر بأنك أصبحت أكثر إيجابية مع نفسك وشخصيتك وحياتك.

يقول لنا الله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم} فنحن مكرمون عنده تعالى، وقد قال الله تعالى لنا هذا ليشعرنا بقيمتنا الذاتية، والتي هي رأس مال أي إنسان للتعامل الإيجابي مع هذه الحياة بكل ما فيها من تحديات ومواقف، وكما يقال "فاقد الشيء لا يعطيه" فكيف أطالب الآخرين بضرورة احترام نفسي وتقديرها إذا كنت أنا لا أقدرها حق قدرها؟!

من المحتمل أن تخف عندك مثل هذه الأفكار من تلقاء نفسها، وخاصة من خلال اقتحام المواقف التي ترتبك فيها، أو تشعر معها بضعف الثقة في النفس كما في نطاق الحديث مع الناس، وإذا طال الحال، أو اشتدت هذه الأعراض، فقد يفيد مراجعة طبيب، أو أخصائي نفسي، ممن يمكن أن يقدم لك العلاج النفسي، أو حتى الدوائي لما تعانيه، وإن كنت أعتقد بأنك ستتمكن من تدارك الأمر بنفسك.

أريدك أن تستيقظ غدا، مع يوم جديد، وليكن صباح الغد هو صباح ولادتك من جديد متذكرا ذلك الشاب الذي كنته في الماضي قبل 16 من العمر، فأنت أدرى الناس به، ابدأ يومك بالصلاة، ومن ثم التواصل مع أسرتك، ومن بعدها الخروج من البيت في فعل عمل كنت تفكر بالقيام به منذ مدة، مهما كان هذا العمل كبيرا أو صغيرا، وهكذا نبني ثقتنا بأنفسنا من خلال العمل والإنجاز، والنجاح ولو كان صغيرا فقد يؤدي لنجاح أكبر منه.

وفقك الله ويسر لك.

مواد ذات صلة

الاستشارات