السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز: أنا شاب عمري 20 سنة، أشك بأنني أعاني من اضطرابات ومشاكل نفسية.
بدأت قصتي عندما تخلى عني شخص كنت أعزه جدا، وكانت أسراري معه وأكلمه عن كل شيء، ولكن شاءت الظروف أن يبتعد عني ويتخلى عني, وأصبح يفعل أشياء تضايقني لكن بدون علمه أو أنه لم يحس بذلك, ويخفي عني أشياء.
ومشكلتي تكمن أيضا: في تجاهل الناس لي ونسياني، وربما غيرتي أني أراهم يحبون هذا الشخص ويكلمونه ولا يكلموني، وأنهم لا يهتمون بي.
وزادت مشكلتي مع تعرض بلادي للمشاكل والقصف, فالقصف المتواصل يضغط على القلب ويحسسك برعب مع أننا تعودنا عليه.
وعندي مشكلة التفكير الكثير، فمثلا: أفكر بكل شيء قبل قوله، حتى هذه الرسالة أفكر بكتابتها، وماذا سأكتب ولم؟ منذ يومين!!!
وأفكر بأشياء ربما تكون خيالية أو لا يمكن تحقيقها، ليس علميا بل حياتيا, والآن أفكر بالزواج مع أنني غير مؤهل الآن.
مع العلم أنني كنت مدمنا للعادة السرية والحمد لله تاب الله علينا وابتعدت عنها، مع أنني كنت أكثر من فعلها.
أصبحت أحس في الفترة الأخيرة بتسارع دقات القلب والعرق، فذهبت إلى الدكتور وأجريت تخطيطا للقلب، والحمد لله كان سليما، فقال لي: ربما مشكلة نفسية، وأعطاني دواء عند الحاجة، قرأت النشرة وكان مكتوبا أنه للانفعالات النفسية، فتناولته لمدة يومين عند الحاجة وتوقفت عنه.
وازداد شكي بأن مرضي نفسي عندما ذهبت إلى شخص فقال لي: أنت إما أنك تفكر بالزواج، أو تفكر بأهلك وأقربائك، أو تفكر ببلدك، وأنا أفكر بالثلاثة!!!
فقررت التكلم معكم؛ لأني الآن أريد الذهاب إلى طبيب نفسي فأحببت أن أسئلكم هل لديكم حلول؟ وماذا أفعل؟
وشكرا لكم، وجزاكم الله عني وعن جميع المسلمين كل خير يا رب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdulrahman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مشكلتك تدور حول عدم الاستقرار النفسي، وقد بدأت أسبابه منذ أن فارقك الصديق، ثم تجاهل الناس لك، ثم انشغالك بما يحدث في بلادك، فهناك شعور بفقدان الأمن النفسي والاجتماعي، وهي من أهم العوامل التي تساعد في عملية الاستقرار النفسي.
وما حدث لك يمكن أن يحدث نفس المشاعر لمعظم الناس، ولكن طريقة المواجهة وأيضا طريقة التأقلم والتوافق مع مثل هذه المواقف، تختلف من شخص لآخر، وتوافق الإنسان مع ما يحدث له من حوادث حياتية يتطلب مجموعة من الاستراتيجيات تمكنه من التغلب على الإحباطات والصراعات بصورة يتحقق فيها الرضا الذاتي.
فنذكرك أولا: بأن العلاقات الإنسانية قابلة للفتور مهما كانت قوية؛ لأن اهتمامات ومفاهيم الناس ونظرتهم للحياة قابلة للتغير من زمن إلى آخر، ومن موقف إلى آخر، والمهم هو أن يكون الإنسان ثابتا على المباىء الأساسية، والقيم الفاضلة الراسخة، ولا يجاري الآخرين إذا انحرفوا عن ذلك.
ثانيا: ما يحدث في بلادك أكيد أنه يشغل كل المسلمين كما في الصحيحين عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى شيئا تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى}. وفيهما عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: {المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشبك بين أصابعه}.
وأنت في هذا الموقف ما عليك إلا الدعاء؛ لأن الدعاء سلاح المؤمن.
ثالثا: نحمد الله تعالى على تركك للعادة السيئة فهذا توفيق من الله عز وجل.
وأما تفكيرك في الزواج بغرض أن تعف نفسك: فهذا تفكير إيجابي، وإن شاء الله ستكون من الثلاثة الذين حق على الله عونهم، كما في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي والبيهقي وأحمد وغيرهم، ولفظه كما عند الترمذي (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف).
ذهابك للطبيب المختص سيساعدك كثيرا في عملية الاستقرار النفسي، واختفاء أعراض القلق، وإلى حين ذهابك للطبيب نرشدك بالآتي:
- المداومة على تلاوة القرآن وتدبره، وعلى أذكار الصباح والمساء، فبذكر الله تطمئن القلوب.
- تجنب الجلوس لوحدك، وحاول أن تكون دائما مع الناس، وشاركهم وساعدهم وقدم لهم الخير ما استطعت، حتى ولو لم يعاملوك بالمثل.
- ضع لك أهدافا محددة، وضع لها الوسائل الممكنة والمتاحة لتحقيقها.
- لا تحقر ما عندك من قدرات وإمكانيات، بل حاول استغلالها والاستفادة منها.
نسأل الله لك التوفيق.