رفضت الكثير لأن لي شروطاً لا أتنازل عنها، هل ما أفعله صواب؟

0 383

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاما، -والحمد لله- أنا ملتزمة ومتعلمة، ويشهد لي بأني جميلة، كل ما أتمناه زوجا صالحا مقبول الشكل، ويكون فارق السن بيننا مناسبا، ومتعلما، وعلى دين وخلق، وميسور الحال، ولا أقصد غنيا، بمعنى أنني أبحث على التكافؤ في كل شيء، المشكلة تكمن في أني كلما تقدم لي رجل ينقصه صفة من هذه الصفات، ينتابني قلق وضيق، وخوف شديد إلى درجة أني أجد نفسي أرفضه.

والمشكلة أني لا أستطيع أن أستغني عن أي صفة من هذه الصفات، فكلها مهمة بالنسبة لي، فمثلا لا أستطيع أن أستغني على الأخلاق والدين، علما أني فتاة متدينة أقوم الليل، وأجد نفسي لا أستطيع أن أستغني عن الشكل المقبول، وفارق السن المناسب بيننا، وأجد نفسي أيضا أخاف من حياة الفقر والخصاصة إلى درجة أني أحس بالضيق، وأتخيل أشياء تقلقني وتخيفني من الفقر، ولا أستطيع أن أتأقلم مع رجل يكون أقل مني بكثير في المستوى التعليمي.

أصبح يتملكني خوف كبير من كل شيء، وأجد نفسي أرفض كل شخص تنقصه صفة من هذه الصفات، مع العلم أني أدرك وأتيقن جيدا أنه لا يوجد رجل كامل الصفات، لكن ما أؤكده لكم جيدا هو أني أبحث عن التكافؤ قدر الإمكان، وليس الكمال، فأنا لا أطلب الغنى المطلق، ولا الجمال المطلق، ولا التدين المطلق، ولكن أتمنى أن أجد القليل من كل هذه الصفات.

هل ما أفعله صواب أم خطأ؟ وانصحوني كيف أتخلص من القلق النفسي والضيق والهلوسة التي تتملكني كلما يخطبني أحد، ولا أجد فيه كل ما أريده؟ فهل يمكن أن أكون مصابة بالعين أو الحسد؟ كيف أستطيع أن أواجه هذه المشكلة؟ حتى أني أحس أحيانا أني لن أستطيع أن أتزوج، أرجوكم أفيدوني بالخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك تتوافر فيه تلك الصفات ويكون عونا لك على طاعته ورضاه، وتسعدين معه في الدنيا والآخرة، وترزقين منه بذرية صالحة طيبة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقك الرضا بما قدر لك وقسم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك –أختي الكريمة الفاضلة–، فإنه مما لا شك فيه أنه من حق أي إنسان أن يحرص على الخير لنفسه، وهذا ما بينه لنا رسولنا –صلى الله عليه وسلم– بقوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) فكل إنسان من حقه أن يبحث فعلا عن الأكمل والأفضل، أو على الأقل أن يحصل على الشيء الذي يريده، ولكن قضية الزواج من القضايا الشائكة جدا، لأنه فعلا وكما ذكرت قد يكون في الإنسان بعض الصفات، ولكنه تنقصه بعض الصفات الأخرى، ومما نستطيع أن نقوله بأن الكمال لله وحده، نعم أنت تقولين بأنك لا تنشدين الكمال المطلق، لكن وجود تلك الصفات في المجتمع قد يكون متعذرا، ولذلك ليس أمامك إلا عدة أمور:

الأمر الأول: أن تواصلي الصبر حتى يمن الله تبارك وتعالى عليك بما تريدين، وهذا أمر قد يستغرق وقتا لا يعلمه إلا الله تعالى، وإن كنت أنا لا أؤيد ذلك، خاصة وأنك وصلت إلى السابعة والعشرين من عمرك، وهذه سن حرجة فعلا، وإن كانت مقبولة نسبيا في عصرنا هذا، خاصة في بلادكم، إلا أنها تعني أنك وصلت إلى منتصف العمر غالبا.

الأمر الثاني وهو: أن تحاولي أن تتنازلي عن بعض شروطك، خاصة فيما لا يخص الدين والخلق، لأن قضية الدين أرى أن التنازل عنها معناها الهاوية، والهلاك الذريع الذي يصاحب الإنسان دنيا وأخرى، لأن الدين والخلق هما أساس الأمن والأمان، والاستقرار والسعادة في الدنيا والآخرة، وفوق ذلك فهما وصية نبينا -صلى الله عليه وسلم– حيث قال: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه).

أما قضية السن والمستوى المادي أو الجمال، فأرى أن هذه محل أخذ ورد، لأن الله تبارك وتعالى أخبرنا بقوله: {وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإيمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله} فكأن الله يرشح الفقير للزواج، ويبين أنه سيمن عليه سبحانه وتعالى بالغنى في المستقبل، إذا استقام على منهج الله تعالى، ووجد زوجة صالحة مدبرة تحافظ على ماله، وعلى دينه وعياله، فإنها ستكون بركة عليه، وعلى نفسها وعلى أسرتها قاطبة، لذا أرى -بارك الله فيك- ضرورة مراعاة هذا الأمر، ومحاولة تقديم بعض التنازلات إذا أردت فعلا أن يعجل الله لك بالفرج، لأن الانتظار يمكن أن يطول.

كذلك أيضا أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بما تريدين، فأمر الله بين الكاف والنون، وسبحانه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وهذا الذي تطلبينه ليس بعزيز على الله، وإنما مما لا شك فيه أنه موجود، إلا أن وجوده نادر أو متعذر، إلا أن الله قادر رغم ذلك أن يمن عليك به، فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى، خاصة وأنك –ولله الحمد والمنة– على دين وخلق، وصاحبة قيام ليل، وسهام الليل لا تخطئ، فعليك أيضا بتوظيف الدعاء في جوف الليل أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بما تريدين.

كما أتمنى أيضا أن تكثري من الدعاء، أن يمن الله تبارك وتعالى عليك بالذي فيه الخير لك، لأنك الآن تريدين مواصفات، هذه المواصفات قد تتوافر كلها مجتمعة في شخص ما، ولكنه لا يصلح أن يكون زوجا لك، فقد يكون فيه من الصفات الخفية، أو من العيوب الخلقية، أو الداخلية التي لا يمكن الاطلاع عليها، ما يجعل حياتك معه مستحيلة، أو عقابا تتمنين زواله وانتهائه، فأسلمي الأمر لله تعالى، وأتمنى أن تكثري الدعاء بقوله –صلى الله عليه وسلم-: (اللهم اقدر لي الخير حيث كان ثم ارزقني الرضا به) لأن الذي تريدينه قد يكون رائعا بالنسبة لك، ومحققا لما تتمنين، ولكن قد لا يكون موافقا، وقد لا يكون صالحا لك، فإن الله تبارك وتعالى يعلم كل شيء، فعليك بتفويض الأمر كله وحده، فقد يكون الرجل مناسبا من جميع الوجوه ولكن لغيرك، أما أنت فليس مناسبا لك، فإذا علينا أن نفوض الأمر لله تبارك وتعالى.

أبشري بفرج من الله قريب، واعلمي أن من فوض أمره لله وتوكل عليه، فإن الله سيكون كفيله ووكيله وحسيبه، وكفى بالله وكيلا، وكفى بالله حسيبا.

أسأل الله أن يمن عليك بما تريدين، وأن يعجل لك بالزوج الطيب المبارك الذي يسعدك دنيا وأخرى، إنه جواد كريم، هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات