السؤال
أعاني من الوسوسة منذ خمس سنين (وسواس الطهارة)، وأحيانا يشفيني الله من وسواس الصلاة والوضوء، لكن منذ أربعة أشهر وأنا مريض بوسواس الوضوء والصلاة بجانب الطهارة، حيث يكون وقت الوضوء ٦ دقائق، ووقت الصلاة يزداد ٨ دقائق عن المعتاد، وكان الوسواس يأتي لي في أركان الصلاة فقط، لكن في الأسابيع الأخيرة يأتيني في كل الصلاة، وأيضا صلاة السنة وأيضا خلال قراءة القرآن خارج الصلاة، حيث أكرر بعض الآيات وأشعر بسرعة في التنفس عند الانتقال من آية لأخرى، وأبتلع ريقي وأنتظر قليلا وأجد صعوبة في النطق، لكنها تقل خارج الصلاة، ثم أكمل القراءة وتقل الوساوس إذا صلى بجواري أحد.
وأيضا منذ ٣ سنوات كانت تأتي لي وساوس عندما أسمع دليلا في مسألة شرعية، ثم أحاول أن لا أهتم بها مع أنها تؤلم نفسي كثيرا، لكن أجد صعوبة أكبر في مقاومة وساوس الوضوء والطهارة، رغم علمي أن هذا خطأ وتبذير في الماء، وأيضا مصاب بوسواس في الرياء، ووساوس بسيطة عند الحل في الامتحانات، وقرأت في هذا الموقع عن دواء، لكني خشيت أن يكون مرضي ليس بسبب نقص إفرازات في المخ، فيكون بسبب آخر في المخ، ويصعب علي الذهاب لطبيب نفسي أو عمل أشعات.
فهل لهذا الدواء آثار جانبية إن تناولته وكان غير مناسب لي؟ وإن شفيت -إن شاء الله- كيف آخذ بالأسباب للوقاية من المرض؟ وأرجو من كل من يقرأ رسالتي أن يدعو لي بخيري الدنيا والآخرة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
حالتك هي حالة مباشرة جدا للوساوس القهرية، نعم.. مدة وساوسك القهرية طالت نسبيا بعض الشيء، لكنك في ذات الوقت اكتسبت مهارات جيدة في مقاومتها وطردها وتحقيرها وعدم الاهتمام بها، وفوق ذلك أنصحك بأن لا تناقشها.
وساوس الوضوء والصلاة: أفضل شيء بالنسبة للوضوء أن تضع ماء الوضوء في إبريق أو في إناء، ولا تتوضأ من ماء الصنبور، حدد كمية من الماء في قنينة مثلا أو في إبريق – كما ذكرنا – ويجب أن تكون هذه الكمية من الماء قليلة، وتصر أنك سوف تكمل بها وضوءك تماما، وتذكر أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان لا يسرف في ماء الوضوء أبدا، وكانت كمية ماء وضوئه بثلثي مد، كما في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم (أتي بثلثي مد من ماء فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه)، وبالاستمرار على هذه الشاكلة لمدة أسبوع سوف تنتهي تماما من موضوع وساوس الوضوء.
أما بالنسبة للصلاة فدائما تصور في صلاتك أنك مأموم، كأنك تصلي خلف الإمام، وهذا يساعدك كثيرا في ضبط الوقت.
أما بالنسبة لما يأتيك من السرعة في النفس وتكرار الآيات، فهذا قطعا جزء من الوساوس القلقية، وفي هذا السياق سوف يفيدك الدواء كثيرا.
أيها الفاضل الكريم: لا تتهم نفسك بوساوس الرياء، إن شاء الله لا يوجد لديك وساوس رياء، أنت رجل يقظ الضمير، تريد أن تطهر نفسك وتنقيها، فجزاك الله خيرا على ذلك.
العلاج الدوائي أود أن أحتم على أهميته، وأنا دائما أشير إلى دراسة محترمة جدا أوضحت أن نسبة الشفاء في الوساوس القهرية -قبل ظهور الأدوية التي تعالج الوساوس القهرية- كانت نسبة الشفاء والنجاح عشرين بالمائة فقط، أما بعد مجيء هذه الأدوية -ونحن في عملية تطور دوائي مستمر- أصبحت نسبة علاج الوساوس من ثمانين إلى تسعين بالمائة، وهذه نسبة مقبولة جدا، نسبة كبيرة جدا قد لا نحصل عليها في كثير من أفرع الطب، فلله الحمد والمنة والشكر على هذه النعمة، ولذا يجب أن نأخذ بفائدة الدواء.
بالنسبة للكيفية التي يعمل بها الدواء: الحمد لله تعالى الأدوية الموجودة الآن غير إدمانية، هذا شيء جميل، وليس لها مضار أبدا على خلايا الدماغ، وهذه الأدوية تعمل من خلال تنظيم ما يسمى بالموصلات العصبية داخل الدماغ، لأنه يعتقد -ومن خلال مؤشرات مباشرة وغير مباشرة- أنه بالفعل يوجد اضطراب في هذه الموصلات العصبية، والمادة التي تمركزت حولها الدراسات مادة تسمى بـ (السيروتونين)، وليس هنالك حاجة أبدا أن تذهب إلى طبيب وتسأله عن قياس هذه الإفرازات؛ لأنه يصعب قياسها جدا أثناء الحياة، والأدلة كما ذكرت لك هي أدلة مباشرة وغير مباشرة، لكنها مقنعة تماما.
من أفضل الأدوية التي سوف تساعدك كثيرا العقار الذي يعرف باسم (فلوكستين) واسمه التجاري (بروزاك)، وربما يسمى في السويد بمسمى تجاري آخر، الجرعة المطلوبة هي أن تتناول الدواء يوميا كبسولة واحدة بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء، ولابد أن تتابع العلاج بمراحله المذكورة: المرحلة التمهيدية، ثم مرحلة العلاج، ثم مرحلة الوقاية والتوقف التدريجي عن الدواء.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأشكرك كثيرا على التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.