السؤال
السلام عليكم..
لا أدري كيف أبدأ في عرض مشكلتي، لكني استيقظت من النوم وشعرت أن حياتي تغيرت، أصبحت أشعر بقلق وخوف لكني لا أدري مم أنا خائف! فقدت بعدها الاهتمام بحياتي ولم تعد لدي رغبة في فعل شيء، أهملت نفسي وأشعر أنني في حلم وأن حياتي ليست حقيقة، أشعر ببرودة في جسمي رغم أن الجو ليس ببارد، فقدت شهيتي ولم تعد لدي رغبة في الأكل، آكل فقط حتى لا أفقد وزني.
لدي كسل غير طبيعي، وأيضا أحيانا يكون لدي أرق.. لدي نسيان وضعف تركيز، عندما أكلم أحدا أتلعثم ولا أدري ماذا أقول!
فقدت الثقة في نفسي، أشعر أنني أصبحت هزيلا، لدي وساوس بالأمراض ووساوس أن هناك أناسا عملوا لي سحرا، أو أن أحدا أصابني بعين، لدي خوف من الجن، لدي خوف من الناس الذين أغلب وقتهم في الشارع، وأشعر أنهم سوف يسرقونني ويضربونني، لذلك حينما أراهم أغير مكاني، أصبحت أكره الناس.
أصبحت أتفحص قلبي أغلب الأحيان، وأشعر أنه لا نبض فيه، أنزعج من الأصوات العالية، ولدي غازات في بطني وانتفاخ وإمساك أتعبني، وبدأت أوسوس بالأمراض وأبحث عنها.
خرجت يوما أمارس كرة القدم لعلي أتحسن، أشعر أني ألعب وعقلي ليس معي، وأثناء اللعب دخلت خشبة صغيرة جدا في عيني، وأوقفت اللعب وذهبت للبيت وأنا خائف أحاول إخراجها، وقلت إن لم أخرجها ستدخل عقلي وستدمره، وتمنيت أني لم أخرج من المنزل!
أخرج كل عصر أمشي قريبا من المنزل وأنظر للأطفال يلعبون، ثم أذهب لأصلي المغرب وأجلس في المسجد بدون فعل شيء، أنظر للآخرين إلى العشاء، أصبحت أبكي بعض الأحيان بسبب تغير حياتي.
أحاول كثيرا أن أغير من وضعي لكن لم أستطع، أحيانا يخف وأحيانا يشتد، أتمنى أن أكون قد وفقت في عرض مشكلتي وأن أجد العلاج والنصيحة منكم، وجزاكم الله خيرا، وكل ما أتمناه الآن أن أعيش حياة بسيطة هانئة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مجمل ما تعاني منه يظهر في شكل أعراض جسدية، والتي أرى منشأها منشئا نفسيا، يعني أنه لديك (قلق – مخاوف – وساوس) وهذه كلها متصلة مع بعضها البعض، هذه الأعراض أنهكتك نفسيا وجسديا وقللت من فعاليتك، وكما تفضلت وذكرت أنها أدخلتك في حالة من الكدر البسيط الذي نعتبره نوعا من عسر المزاج، وليس اكتئابا حقيقيا.
موضوع أنك تتشكك في نوايا الآخرين حولك وأنك مسحور ولديك خوف من الجن: أعتقد أن هذا ناتج من قلق المخاوف العام، وهذه شكوك نفسية أكثر من أنها شكوك ظنانية، حيث إن الشكوك الظنانية نعتبرها تشخيصا نفسيا مختلفا ومهما، وطريقة علاجه مختلفة تماما عن الشكوك الوسواسية.
أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تطمئن تماما، وأنا أفضل أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا. حالتك حالة مباشرة جدا، تتطلب منك تناول علاجا دوائيا مضادا للمخاوف وللوساوس، وعقار مثل (سيرترالين/زولفت/لسترال) سيكون ممتازا جدا، وفي ذات الوقت يجب أن تصحح مفاهيمك حول نفسك، وتسقط أفكار الخوف والقلق والوساوس، وتتذكر أنها أصلا أفكارا غير مؤسسة.
والنقطة الثالثة التي تحتاج لها هي: أن تحسن إدارة الوقت، تستفيد من وقتك ولا تدع أي مجال للفراغ، ولا بد أن تشمل أنشطتك على الرياضة، وعلى التواصل الاجتماعي، وزيارة الأرحام، وأن تحرص على الصلاة في وقتها، وأن تجتهد في دراستك، وأن تنظم غذاءك.
هذا كله يخرجك مما تعاني منه من انغلاق على نفسك، الانغلاق الداخلي على نفسك جعلك تستشعر بأعراض جسدية ونفسية كثيرة وكثيرة جدا، وجعلك تتخوف حول صحتك النفسية والجسدية، فأخرج نفسك من هذه الإغلاق من خلال النشاطات الحياتية، وتنفيذها، وإجادتها، والإصرار على أن تكون دائما يدا عليا ومن الناجحين، وعليك ببر الوالدين، والرفقة الطيبة الصالحة.
هذه دعائم نفسية سلوكية مهمة نحتاجها جميعا، بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.