السؤال
السلام عليكم
عمري 19 عاما، وأصبت منذ عمر 16 تقريبا بتبول لاإرادي أثناء النوم، سواء صباحا أو مساء وغالبا مساء، لدرجة أني أستيقظ من النوم مليئة بالاكتئاب واليأس، كيف حدث هذا؟ ومتى؟ وكيف لم أشعر به؟ ظلت الحالة تتردد من حين لآخر متقطعة، وزادت جدا في فترة الثانوية العامة، خجلت في بادئ الأمر أن أشرح الموضوع لعائلتي، ولكنني عندما فعلت وبخوني كثيرا، وأحاطت بي سحابة من الهزء والتوبيخ والإهانات المبرحة، لهذا أشعر بالحرج الشديد عندما تأتي أمي لتراني في الصباح، أنا لا أعلم هل هناك عامل وراثي أم لا، لكن أختي التوأم أصيبت بالحالة نفسها، وفي ذات السن تقريبا عندما أصبت بها، ونعاني كثيرا.
فرحت كثيرا عندما مر علي شهران بدون شيء، لكني فوجئت بعودتها في ثلاثة أيام متتابعة، أشعر بيأس كبير، والأسرة ترفض تماما أي استشاره طبية لأنها تشعر بالحرج من ذلك، أبكي كثيرا لأني متأكدة من عدم مقدرتي الزواج، كيف سأواجه الواقع وأتغلب عليه؟ كيف سأتغلب على هذا المرض؟ ماذا أفعل وأهلي يرفضون بشدة أي استشارة طبية؟
أنا حقا يائسة، وهذا السؤال هو آخر أمل لي، وهي أول مرة أطلع أحدا غير أسرتي بالأمر، مع العلم أني أعاني كثيرا من غياب أبي عن الأسرة، ولكني أكتم ولا أبين لأحد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية.
الحالة التي تعانين منها تقريبا يعاني منها حوالي 1-2% من الشباب، خاصة البنات، والأمر أتفق معك أنه يسبب بعض الحرج، وبكل أسف أسرتك لم تتفهم هذا الموضوع، والمواجهة النفسية التي حدثت قطعا لها تأثير سلبي، لكن -إن شاء الله تعالى– أنت من خلال قوة شخصيتك، وتفهمك بأن هذا الأمر ليس أمرا إراديا، يجب أن يكون هنالك شيء من التقبل من جانبك، وأن تجدي العذر لأهلك، فهذه الأمور التي في طبيعتها غير مستساغة في مجتمعاتنا التي تكثر فيها المفاهيم الخاطئة.
أنت ذكرت أنك لا تستطيعين مقابلة الطبيب، وأنا أعتقد أن إجراء فحوصات بسيطة مهم جدا، مثلا فحص البول ضروري، فقد تكون هنالك التهابات، قد تكون هنالك أملاح، وإن ذهبت حتى إلى الطبيبة العمومية أو طبيبة الأسرة يمكن أن تذكري لها هذا الأمر، وسوف تقوم بإجراء الفحوصات اللازمة لك، هذا من أجل التأكيد الطبي، ومعظم هذه الحالات قد لا يكون هنالك سببا عضويا، هو فقط نوع من التعود الذي لم يواجهه الإنسان في وقت مبكر، وظلت العادة موجودة، وأتفق معك أن العوامل الوراثية ربما تلعب دورا، لكن لا نستطيع أن نؤكد أن هناك إرث مباشر، إنما هي الميل الإرثي، بمعنى أن الذي يورث هو الاستعداد لمثل هذه الحالات.
العلاج في مثل هذه الحالة -كما ذكرت لك– يجب أن تزال الأسباب، فإذا كان هناك التهاب في المثانة أو في مجرى البول يجب أن يعالج.
الأمر الثاني: موضوع الكتمان، وأنك منزعجة لغياب والدك عن الأسرة، هذه مشاعر طيبة منك، وليس هنالك ما يمنع أن تتحدثي عنها، ليس كمشكلة، لكن قولي مثلا (أسأل الله تعالى أن يأتي والدنا ويكون معنا دائما، وإن كان غيابه لسفر فهذا عذر، وإن كان غيابه من أجل العمل فهذا أيضا عذر) ولا تتعاملي مع هذا كأمر سلبي ومؤلم نفسيا، ضعيه في قالب إيجابي، وهذا نوع من التنفيس النفسي الذي يساعدك كثيرا.
ومن المهم جدا أن يكون دائما تفكيرك وتوجهك إيجابيا، التفكير الإيجابي الجيد، النظرة المستقبلية المتفائلة تعطي الإنسان الثقة في نفسه، وتزيل الشوائب والنواقص النفسية -إن شاء الله تعالى-.
هنالك بعض الممارسات التي نعتبرها مفيدة إذا طبعت نفسك عليها، أهمها هو أن تحاولي أن تمسكي البول في فترة النهار، أي تحصري البول حتى يؤلمك حقا، ولا تستعجلي الذهاب إلى دورة المياه، الهدف من ذلك هو أن تعطي المثانة فرصة للتعود على استيعاب أكبر كمية من البول، وفي ذات الوقت هذه الطريقة تقوي المحابس الموجودة في بداية السبيل، والتي تفتح وتغلق حسب حاجة الإنسان للتبول، هذا تمرين بسيط لكنه مهم، فقط يتطلب منك التدرب عليه والمداومة عليه.
النقطة الثانية هي: أن تمارسي أي تمارين رياضية، خاصة التمارين التي تقوي عضلات البطن.
ثالثا: يجب ألا تتناولي أي مدرات للبول بعد الساعة السادسة مساء كـ(الشاي– القهوة– الشكولاتة– الكولا– البيبسي) وما شابه ذلك، يجب أن يكون هناك ابتعاد تام عنها.
رابعا: قبل النوم بالطبع يجب أن تذهبي للحمام، وتقضي حاجتك تماما، وتفرغي مثانتك إفراغا تاما، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا جلست لمدة دقيقة إلى دقيقتين بعد انقطاع البول، ومحاولة الدفع لإخراج أي كمية من البول متبقية حتى وإن كانت بسيطة.
هذه -أيتها الفاضلة الكريمة– وسائل ممتازة، وسائل طيبة ومجربة، -وإن شاء الله تعالى- تساعدك.
النقطة الأخيرة هي: يوجد دواء يسمى (تفرانيل)، ويعرف علميا باسم (إمبرامين)، من أفضل الأدوية التي تساعد في علاج هذه الحالات، لكن بشرط أن تطبقي الإجراءات السلوكية الأخرى التي ذكرناها، وهذا الدواء يمكن أن تكتبه لك حتى الطبيبة العمومية، جرعة الإمبرامين هي خمسة وعشرون مليجراما، يتم تناولها ليلا لمدة شهر، بعد ذلك يمكن أن تجعلي الجرعة خمسة وعشرين مليجراما صباحا ومساء لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة شهر، ثم مثلها يوما بعد يوم لمدة شهرين آخرين، ثم يمكنك التوقف عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.