السؤال
السلام عليكم
أحب السفر سواء فى الوطن أو خارجه، وأحب السفر مع عائلتي، وفي كل مرة وبعد العودة لا أجد الراحة والاطمئنان الكافي، وألوم نفسي أني لم أستفد كثيرا من هذه الرحلة، وهكذا في كل رحلة.
ألا يمكنكم إعطائي وتزودي بشروط وملتزمات ونصائح أعمل بها قبل وفي الرحلة؛ حتى أستفيد من أسفاري ويستفيد أولادي أكثر.
جزاكم الله خيرا على مساعدتكم لنا، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، وأن يمتعك بالصحة والعافية، وأن يبارك لك في أهلك ومالك وولدك، وأن يجعلك دائما مطمئنا راضيا بما قدره الله تبارك وتعالى وقضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد في رسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإنه مما لا شك فيه أن السفر مع العائلة متعة، خاصة إذا كان الهدف من الرحلة الترفيه والترويح على النفس، والاكتشاف والنظر والتأمل في العالم من حولنا، واكتساب مهارات وخبرات وثقافات ومعارف، والوقوف على آيات الله تبارك وتعالى في الكون، كل هذه الأشياء تجعل الرحلة الأسرية والسفر –سواء أكان خارج الوطن أو داخله– متعة ما بعدها متعة.
ولكن كون الإنسان بعد أن يرجع من الرحلة يشعر بأنه لم يحقق الهدف الذي كان يرجوه، ولم يستفد الاستفادة التي كان يتمناها، معنى ذلك: أن هناك بعض القصور في بعض الجوانب، ولذلك كم أتمنى -بارك الله فيك– قبل أن تسافر لأي جهة أن تأخذ معلومات كافية عنها، وأن تنظر في مدى تحقيقها لما تريد أنت شخصيا؛ لأن المكان قد يصلح لغيرك ولا يصلح لك، وقد يكون ممتعا لغيرك ولكنه لا يكون ممتعا بالنسبة لك، وقد يكون مفيدا لغيرك ولكنه بالنسبة لك يكون عديم الفائدة، أو فائدته أقل مما تتمنى أو تتصور.
لذا أرى أن الحل الأمثل -بارك الله فيك– أولا: إنما هو بالجلوس مع الأسرة وعرض خريطة الأماكن التي ترغب في زيارتها، ثم الدخول إلى المواقع عبر النت –على سبيل المثال– أو قراءة الكتب المتعلقة بتوصيف هذه الجهات وبيان محاسنها ومآثرها وما فيها من أشياء تكون زيارتها مفيدة ونافعة.
أعتقد أننا لو التزمنا بهذه الطريقة أولا: سنوفر وقتا كبيرا، ثانيا: أيضا نوفر أموالنا، ثالثا: كذلك أيضا نحقق أكبر قدر ممكن من السعادة لأنفسنا، بدلا من أن تستمع إلى كلام الناس؛ لأن -كما ذكرت لك– كل إنسان له وجهة نظر خاصة، وكل إنسان له رؤية تخصه، فقد يكون المكان أو الجهة المرشحة للزيارة قد تكون فعلا مبهجة ومفرحة لغيرك، ولكن قد لا تكون كذلك بالنسبة لك.
فأنا أرى ألا تكتفي بمجرد شهادة الزائرين، وإنما عليك أيضا بتوفير أكبر قدر ممكن من المعلومات عن الجهة التي ترغب في زيارتها، ثم بعد ذلك وضع الأمر على طاولة المفاوضات مع الأسرة؛ لأنك تعلم أنهم سيشاركونك الرحلة، وبالتالي نريد أيضا أن يكون القرار قرار الكل أو قرار الغالبية، حتى لا يلومك أحدا بعد ذلك، أو لا يقول: بأن الرحلة لم تكن موفقة أو لم تكن جيدة.
فأرى -بارك الله فيك– دراسة ما يتعلق بالجهة التي ترغبون بالتوجه إليها للترويح على النفس والاستمتاع، والقراءة المتأنية حول هذا الموضوع، ولا مانع أيضا من الاستعانة ببعض الصور التي (مثلا) توجد عن هذه الجهة التي ترغبون في زيارتها، وغير ذلك من المناظر الطبيعية وغير الطبيعية، والأشياء التي توفرها الدولة لزوارها، والخدمات التي تقدم، كذلك أيضا الفنادق وما يتعلق بها، والمطاعم، والبر والبحر والجو... إلى غير ذلك.
فأنا أرى أن ذلك سيكون أمثل سبيل وأفضل طريق للقضاء على الحالة التي خرجت بها أنت بعد هذه الرحلة، وكما ذكرت لك سيحقق أكبر قدر ممكن من السعادة؛ لأننا لم نذهب إلى مكان إلا إذا تأكدنا أننا سنخرج منه بفائدة كبيرة أو فوائد متعددة، وأنه يستحق فعلا أن نسافر إليه، وأن ننفق الأموال في سبيل الوصول إليه.
ولا مانع أيضا من الاستعانة أو الاستفادة من تجارب الآخرين، فيكون أمامي الكلام النظري المكتوب، وأمامي أيضا الإنترنت وما فيه من معلومات هائلة عن كل بقاع الأرض تقريبا، كذلك أيضا يكون أمامي شهادة الشهود الذين زاروا هذه المنطقة ووقفوا على ما فيها من مناظر طبيعية خلابة، وغير ذلك.
بهذا أعتقد أننا -إن شاء الله تعالى– سنكون موفقين في اتخاذ قرار زيارة مكان ما من الأماكن، وكذلك أيضا سنكون سعداء في هذه الرحلة، أو نحقق أكبر قدر ممكن من السعادة، وأتمنى أيضا أن تركز على البلاد التي توجد بها الآثار الإسلامية، والدول الإسلامية غنية –ولله الحمد والمنة– بمظاهر رائعة وخلابة، وتكلفتها قد تكون أقل بكثير من الدول غير الإسلامية، وزيارتها فيها نفع؛ لأنك بذلك تدعم اقتصاد الدول الإسلامية، وفي نفس الوقت أيضا تسبب رواجا لإخوانك المسلمين من حيث العمل في الخدمات التي تقدم للسائحين وللزوار، وفوق ذلك أيضا تظل تحت مظلة الشريعة، بمعنى: أن تجد مساجد يذكر فيها اسم الله تعالى، ويرفع فيها الأذان والإقامة والصلوات، فتكون في دائرة الإيمان والطاعة والعبادة، وذلك أفضل بكثير من هذه البيئات التي لا تكاد تسمع فيها صوت موحد أو ذاكر أو ناصح أو قارئ للقرآن.
أسأل الله تعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وركز على قاعدة الشورى في اتخاذ القرار مع الأسرة، وأسأل الله لك التوفيق والسداد، إنه جواد كريم.