أتوقف عن العمل بسبب الرياء!

0 442

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي العزيز، أنا شاب في العشرين من عمري -والحمد لله- مواظب على الصلاة، وأرجو من الله أن يقبل صلاتي وأعمالي، ويجعلها في سبيله ولوجهه، ولكن لدي مشكلة، وهي الرياء، أخاف منها كثيرا، وأحاول الابتعاد عنها، ولا أعلم إن كنت مرائيا أم لا، نفسي تنادي بالرياء، وقلبي يحاول الابتعاد عنها -أي في كل مرة أقوم لأعمل شيئا تقو لي نفسي: "أنت تفعل هذا أمام الناس كي يروك، ويعلموا أنك تفعل شيئا جيدا" ولكن قلبي يريد غير ذلك، وأحيانا أقف عن عمل شيء خوفا من الرياء، وأخاف من أعمالي كثيرا أن تكون فيها مراءاة.

أفكر وأتخيل كثيرا وأنا مستيقظ أني سأفعل هكذا، والناس يروني، وأرى نفسي أعمل أشياء والناس تنظر إلي، وأتخيل أشياء فعلتها في الحقيقة، وأحاول تخيل الناس تنظر إلي وأنا أفعلها، وتعلم لماذا فعلتها، فمثلا: قمت اليوم بعمل خير أمام الناس، ولم أكن أفكر بالرياء، وكنت خائفا أن تفهم الناس عملي خطأ، مع أنه صحيح، ولكن بدأت أتخيل أن الناس فهمت أن عملي صحيح، وأني جيد وعلى حق.

الرياء يسبب لي مشكلة، مع أنني أحس بأنني لست مرائيا، فما الحل؟ وماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdulrahman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك ابننا الكريم، ونشكر لك هذا الحرص على الخير، ونؤكد لك أن خوفك من الرياء دليل على الخير الذي عندك، فإنه ما خاف الرياء إلا مؤمن، وما من مؤمن إلا وهو يخاف من الرياء، ولا أمن من الرياء إلا منافق، فاحرص على أن تستمر على هذه الروح، واعلم أن المرائي يحبط عمله -ولا يخفى عليك ذلك–، ولكن إذا كان الأمر كما ذكرت فلست مرائيا، ولا ينبغي أن تحملك هذه الوساوس السالبة على ترك العمل من الطاعات؛ فإن هذا مدخلا من مداخل الشيطان للإنسان.

واعلم أن كثيرا من الأعمال شرعها الله أمام الناس، والله يقول في كتابه: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم} فليس كل من يظهر العمل مرائيا، بل ربما كانت المصلحة أحيانا في أن نظهر أعمالنا، وإلا فكيف يتأسى بنا الناس، ويتأثر بنا الآخر؟ وهناك طاعات كالصلوات وغيرها شرعها الله معلنة وفي جماعة، فالإنسان يؤديها هكذا، ولا تدفعه مثل هذه الوساوس إلى ترك الصلاة؛ لأنك إذا مضيت في هذا السبيل فإن الشيطان يريد أن يحول بينك وبين الطاعة، سيقول: "لماذا تذهب إلى المسجد، أنت مرائي، لا تذهب" وطبعا هذا الكلام غير صحيح، ولذلك تعوذ بالله من الشيطان، وعامل هذا العدو بنقيض قصده، فإذا قال لك: "تعمل أمام الناس فأنت مرائي" قل: "سأعمل لأن الله يرى"، ولأن الإنسان كما قال الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- لما خوفهم من الرياء قال: (الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس) هو لا يريد، لكن الناس مدحوه، لكن الناس أثنوا عليه، فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (تلك عاجل بشرى المؤمن) فالعبرة بالمنطلقات، والعبرة في الإخلاص في العمل حتى يؤديه الإنسان، ولن يبالي بعد ذلك إذا رآه الناس وأخرجوا اسمه في وسائل الإعلام، طالما كان مخلصا لله تبارك وتعالى في عمله.

فتعوذ بالله من الشيطان، وأكثر من عمل الخير، وعامل هذا العدو بنقيض قصده، واجعل لنفسك خبيئة من الأعمال بينك وبين الله تبارك وتعالى -أيضا هذا جانب مهم- مثل: قيام الليل، ومثل الطاعات الخفية، وصدقات لا يعلم بها أحد، هذا من العقل أن يجعل الإنسان بعض الأعمال الخفية بينه وبين الله، وهذا ينمي شجرة الإخلاص في نفس الإنسان.

لكن أرجو ألا تستجيب لهذه المشاعر السالبة، واحرص على فعل الخير، رآك الناس أو لم يروك، اجعل قصدك في العمل وجه الله، وعند ذلك لن يؤثر عليك ولن يضرك كلام الناس وما يصدر عنهم.

نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد، والإخلاص في العمل، والهداية.

مواد ذات صلة

الاستشارات