السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
جزاكم الله خيرا، وجعل ما تقدمونه في ميزان حسناتكم..
عمري 30 عاما، ولست متزوجة، عانيت في حياتي من مشكلات كثيرة، ولكني -والحمد لله- دائمة اللجوء والتضرع لله، أحافظ على صلاتي، وقراءة ورد من القرآن ولو كان قليلا، وأحاول ما استطعت أن أطيع ربي، ولكن أحيانا يغلبني الشيطان، وأقع في المعاصي، حيث أصبحت لدي رغبة كبيرة في الزواج، وأشعر بأني بحاجة لزوج حنون يحبني، فأنا أشعر بالحرمان العاطفي، فأبي توفي منذ سنوات، وعندما كان على قيد الحياة كنت أخجل منه، فقد كان كبيرا في السن عندما أنجبني، ولم تكن العلاقة قوية بيني وبين أبي، ولكني كنت أحبه، فقد كان رجلا طيبا -عليه رحمة الله-.
كل إخوتي متزوجون، ولي أخت أكبر مني غير متزوجة، ونعيش كلنا ببيت كل له شقة، ولكني غير مرتاحة، فدائما ما تحدث المشاكل من بعض زوجات إخواني، وأشعر بأن سمعتنا تأثرت بعدما سكنوا في بيتنا، فلم يعد الخطاب يتقدمون، مع أنني متدينة، وعلى خلق وقدر من الجمال، والنظرات من حولنا لا ترحم، ونحن راضون بحكم الله، ولست يائسة من رحمة الله سبحانه، ولكن لا ندري هل هناك سحر أحد عمله لنا أم لا؟
مشكلتي أنني أحببت شخصا وتعلقت به، وأحبني هو أيضا، تعرفت عليه عبر موقع من مواقع التواصل الاجتماعي، وأحسبه متدينا، من بلد غير بلدي، وهو أصغر مني بعدة سنوات، ولقد مضى علينا ثمانية أشهر، ولكننا لا نتواصل باستمرار، وبعد أن وثقت به، وتأكدت من أنه جاد، رأى صورتي وأعجب بها كثيرا، وأعلم أني قد أخطأت، ولكن حتى الآن لا أعلم هل هو صادق أم لا؟ وقد أضاف أخي عنده كصديق له، ولكن حتى الآن لم يكلمه بخصوص أنه يريد يتقدم لي، ولكنه أحيانا يغيب فترة ولا أعرف هل أصبح يتجاهلني أم ماذا؟، فقد أصبح يختلق الأعذار الكثيرة، ويقول لي بأنه لا يستطيع العيش بدوني، وأنه سيموت من غيري.
أنا الآن أشعر بالندم، وأريد التوبة، فبماذا تنصحونني؟ وماذا أفعل؟ خاصة وأن الظروف في مصر لا تساعد بأن يأتي إلى بلدي، لأنه وعدني بالزواج، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور الهدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا التواصل وحسن العرض للمشكلة، ونحن على ثقة أن من كتبت هذه الأسطر المرتبة قادرة -بإذن الله- على تجاوز هذه الصعاب، وأرجو أن تعلمي أنه لا يخلو بيت من مشكلات، ولكن الفرق هو المهارة في إدارة المشكلات وحصرها في إطارها الزمني والمكاني، وعدم التأثر بها سالبا، حتى لا تتمدد اللحظات المظلمة والقاتمة في حياتنا فتحيلها إلى جحيم لا يطاق.
ومن هنا ندعوك إلى أن تستمري في اللجوء إلى الله تعالى وحسن التعلق به، وعمري قلبك بحب الله تبارك وتعالى، وحاولي أن يكون لك حضور اجتماعي في مراكز التحفيظ، في مواطن الخير، في تجمعات النساء، في أماكن المحاضرات، في أماكن الدروس، في المناسبات التي تحدث؛ لأن هؤلاء النسوة الموجودات لكل واحدة منهن ابن أو أخ أو محرم من محارمها يبحث عن الصالحات الفاضلات الرائعات من أمثالك، وعند ذلك -إن شاء الله- سيسهل الله أمرك، وهذا من بذل الأسباب، وهذا أفضل من الدخول إلى العالم العنكبوتي –العالم الافتراضي، العالم الالكتروني، عالم النت– الذي لا يخلو من الخديعة ولا يخلو من التعلق بمثل هذه الأحوال التي يكون فيها الرجل من بلد والفتاة من بلد، وقد يحال بينهما وبين الوصول إلى بعضهم، وتحدث مشكلات، وقد يصعب التأقلم أيضا على الحياة بعد ذلك.
ولذلك نحن نتمنى أن يرزقك الله تبارك وتعالى برجل صالح يكرمك، وتعينيه على الطاعة ويعينك على رضا الله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أن الإنسان ينبغي أن يكثر من اللجوء إلى الله، فحافظي على أذكار المساء والصباح، واقرئي على نفسك الرقية الشرعية، ولا تظني بالناس شرا، ولكن من أراد الشر فإن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله، والله يقول: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}، وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لابن عباس: (واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك)، وليس هناك داع للانزعاج، فلكل أجل كتاب، وسوف يأتي اليوم الذي يرزقك الله تبارك وتعالى فيه بالزوج الصالح، والمهم هو أن تكون علاقتك بالله وثيقة، فأكثر من الدعاء للوالد – رحمة الله عليه –، وفرغي ما عندك من عواطف مع أخواتك الصالحات، والوالدة لم يرد لها ذكر في رسالتك، ولكن أرجو أن يكون لها مكانة في قلبك كبيرة إذا كانت على قيد الحياة، وأن يكون لها منك كثير من الدعاء إذا كانت غير ذلك في الأموات، ونسأل الله أن يطيل أعمارنا وأعماركم في طاعته، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير.
وبالنسبة للشاب: إذا جاء من الباب وقابل أهلك الأحباب فبها ونعمت، وإلا فنحن لا نؤيد انتظار السراب، وانتظار أمر قد لا يحدث، ونفضل أيضا التوقف فورا عن هذه العلاقة، وبعد ذلك إذا كان فيه خير يسلك السبل الشرعية المعروفة، علما بأنه يستطيع أن يتزوج إذا كان عنده صداقة مع أخيك حتى من هناك، ويقيم العقد، وبعد ذلك تذهبين إلى بلده إذا لم يكن هو يستطيع المجيء إلى بلدك، المهم هو الجدية في هذا الأمر، هو التوقف والتوبة إلى الله من التجاوزات التي حصلت، ثم بعد ذلك يبدأ بخطوات شرعية صحيحة يكون فيها هو الطالب هو الراغب.
والإسلام يريد للفتاة أن تكون مطلوبة عزيزة لا طالبة ذليلة، والشاب إذا أراد الفتاة يستطيع أن يسلك سبلا كثيرة في الوصول إليها، والمبادرة منتظرة منه، ونحن لا نريد أن تتواصلي معه؛ لأن مثل هذا لا يتحمل مسألة الزواج إذا كان يجد ما يريد فلماذا يتزوج؟ بعد ذلك يأتيه الشيطان ويقول له: (هذه التي كلمتك في الخفاء، كيف تثق فيها؟) يأتيك الشيطان أيضا، ولذلك لابد من إغلاق هذا الباب لأن فيه تجاوزات، وبعد ذلك إذا كان يريدك فقد عرف شقيقك وعرفكم؛ يستطيع أن يتواصل رسميا مع محارمك، ويطلبك بطريقة رسمية، عند ذلك تصبح خطبة شرعية معلنة، وهذه علاقة نستطيع بعد ذلك أن نتواصل في ظلالها وفق الضوابط، ونستطيع بعد ذلك أن نحيلها بسرعة ونحولها إلى عقد رسمي فتصحبين زوجة له.
على كل حال نحن نريد أن تحسني ما بينك وبين الله، أن تتوبي إلى الله، أن تفتحي لنفسك الخيارات واسعة، فالذي يطرق الباب ننظر فيه إذا كان صاحب دين وصاحب أخلاق ومناسبا بعد ذلك نكمل معه المشوار، بعد أن ترتاحي له ويرتاح لك، هذا لأن الأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.
قطعا نحن لا نؤيد فكرة الزواج من أي أحد، التسرع في هذه المسألة؛ لأن مشوار الحياة طويل، ولكن أيضا لا نؤيد طلب أوصاف مستحيلة وطلب شيء غير واقعي، وكلنا ذلك الذي فيه نقص، لذلك الشرع يركز على جانب الدين والأخلاق، وكل عيب بعد ذلك وخلل فإن الدين يجبره، وما لكسر قناة الدين جبران.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية.