السؤال
السلام عليكم
أعرض عليكم حالة ابني، وأتمنى أن أجد حلا وعلاجا نافعا بإذن الله.
ابني الأكبر عمره 9 سنوات، طفل ذكي جدا ونشط، وأفكاره أكبر من عقله، يلفت الأنظار بذكائه، متفوق في مدرسته، عنيد قلق بشدة، ولديه وساوس في نظافة الأشياء التي يستخدمها، يخاف من كل شيء، وحين يخاف أحيانا يذهب للحمام للتبرز -أكرمكم الله- يتبول في فراشه ليلا عندما يقلقه أمر، مرتبط بشدة بوالديه، لديه شراهة في الأكل وزيادة في الوزن، وكثير النسيان، خجول في بعض الأحيان، لا يدافع عن نفسه عندما يضربه الآخرون ولا ينتهي إلا ببكائه.
ولا يخفاك يا دكتور أني أعصب وأغضب منه إذا رأيته لا يدافع عن نفسه أو يأكل بشراهة، لكني لا أضربه، هو مدلل عندنا ولا نرد له طلبا، وبحكم عمل والده فنحن لا نستقر في بلدنا ولا عند أهلنا، وكذلك تغير المدارس واللغات في البلدان التي أقمنا فيها لا أعلم هل أثرت في شخصيته؟
كذلك دائما ما يقول لنا: ماذا سيفعل في المستقبل، وماذا يصنع؟ وكيف يغير العالم؟ وكيف يخترع؟ وكلامه جميل جدا وأفكاره أكبر منه، لكنه لا يعيش واقعه، جميع تحاليله سليمة وصحته جيدة، إلا أنه كثير خروج الغازات من البطن ولم أجد لها حلا، وتسبب له الإحراج، أقيم شخصيته أنه مهتز الشخصية، ساعدونا حفظكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا على هذا الموقع.
إن الكثير مما ورد في سؤالك في وصف بعض سلوكيات طفلك تعتبر أمورا طبيعية، ومنها على سبيل المثال: العناد، وبعض الوسوسة، أو الحرص على أغراضه الخاصة، والخوف، وربما تبوله في فراشه عند هذا الخوف، والخجل في بعض الأحيان، وكونه لا يدافع عن نفسه عندما يتعرض له الآخرون، أما شراهته للطعام فهذا ينسجم مع زيادة وزنه التي يعاني منها.
ولا شك أن كثرة الانتقال وتغيير البلاد والمدارس واللغات والصداقات والجيران... كل هذا يمكن أن يؤثر سلبيا على بعض الأطفال، ولكن لكل هذا أيضا جوانب إيجابية كثيرة، كتعلم اللغات، والتعرف على عادات الشعوب والبلاد، وتوسع آفاقه.
يجب أن نذكر هنا: أن الصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير مثل: العناد، هذه الصفة نفسها قد تكون سبب تفوقه ونجاحاته، فهذا العناد ربما يحتاجه لاجتياز الكثير من العقبات التي يمكن أن تعترض طريقه في هذه الحياة.
إن الكثير من السلوكيات التي وردت في سؤالك والتي أشرت إليها في هذا الجواب يمكن التخفيف منها من خلال أمر هام، وهو: إشعار هذا الطفل بالأمان، للتعويض عن كثرة التنقل، ويمكنك فعل هذا عن طريق: أن تحاولوا أن تعززوا عنده ثقته في نفسه من خلال الإشارة إلى أي إيجابية موجودة عنده مهما كانت صغيرة، وفي نفس الوقت تجنب التعليق على السلبيات التي يمكن أن تلاحظوها في سلوكه.
حاولوا خلال الأسابيع القادمة أن تعززوا الإيجابيات، وتتجاهلوا السلبيات، وستلاحظون وخلال فترة قصيرة أن ثقته في نفسه قد زادت، مما ينعكس على مجمل سلوكه في البيت والمدرسة وغيرها.
هل هو مسرور لوزنه الزائد، ولتبوله ليلا، ولعدم الدفاع عن نفسه؟ بالطبع لا، إلا أنه لا يجد من نفسه الجرأة لمواجهة كل هذه الأمور، ومن هنا تأتي أهمية تعزيز ثقته في نفسه، وما شاء الله عند الطفل الكثير من الإيجابيات: من الذكاء، والتفكير، والتحليل... فحاولوا أن تدعموا هذا برعاية حياته العاطفية، ومنها ثقته في نفسه، ومن يدري، لعل الله يكتب لهذا الطفل مستقبلا باهرا نحتاجه في عالمنا العربي والإسلامي.