السؤال
السلام عليكم
أنا محمد، عمري 18سنة، أصبت باكتئاب شديد بسبب الخوف من الموت، وأحسست أني سوف أموت، نظرتي للحياة أصبحت تشاؤمية، وفقدت الشهية، وفقدت طعم الحياة، ولا أستطيع التفكير إلا بالموت، حتى أني قلت: لماذا أعمل عملية في رجلي وأنا ميت ميت لا محالة!!
فقدت معنى الحياة، وسمعت شيخا يقول: هناك علامات الموت مثل: الاستقامة فخفت؛ لأني -الحمد لله- مستقيم، وبدأ الشيطان يوسوس لي أني سأموت، وبدأت أقرأ سورة الملك، وزادت الحالة سوءا، وبدأ يوسوس لي: كيف ستعيش بعد الموت في القبر لوحدك؟
والله إني مريض الآن بمرض نفسي خطير، أرجوكم معي دواء سبرالكس كيف أستعمله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت مقتنع بأن الذي تعاني منه وسوسة، وهذه القناعة في حد ذاتها جيدة؛ لأن الوساوس أصلا هي فكرة سخيفة تفرض ذاتها على الإنسان وتكون مستحوذة وملحة، وقطعا هي ليست صحيحة، ولذا نجد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم– قد علمنا أمرا عظيما حين قال عن الوساوس: (الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة) ويقصد بذلك الشيطان، والذي تأتي وساوسه صريحة حول الدين.
حين اشتكى أحد الصحابة للرسول -صلى الله عليه وسلم– قائلا: (والله لزوال السموات والأرض أحب إلي من أن أتكلم به) وكان يقصد الوسوسة في الدين، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم– معلما ومطمئنا: (أوجدتموه؟! ذاك صريح الإيمان).
أيها الفاضل الكريم: علمنا الرسول -صلى الله عليه وسلم– أيضا أن نواجه هذه الوساوس بصورة علمية سلوكية رصينة، وهي: إذا وجد أحدنا هذه المخاوف والوساوس فليقل: (آمنت بالله) ثم لينته –كما قال صلى الله عليه وسلم– وهذا إرشاد صريح بألا تناقش الوساوس، بأن تحقرها، بأن تتجاهلها، بألا تسترسل في نقاشها، فأنت من الأشياء التي تؤلم كيانك الداخلي هو تفكيرك حول الموت وما بعد الموت وما فائدة الحياة؟ هذه كلها استرسالات وسواسية تتجاهلها تماما، لا أقول لك تجاهل الموت، لكن تجاهل حقيقة المخاوف الوسواسية.
والأمر واضح جدا، وهو أن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة، ولا ينقص في عمره لحظة، إلى هنا انتهى الأمر تماما، وكما يقول علماء السلوك: (الإنسان يستطيع أن يدير حياته، لكنه لا يستطيع أن يدير موته) لذا فليعش حياة طيبة، فاعلة، قوية، مفعمة بالأمل والرجاء، أما أمر الموت فلا سلطة عليه، ولا سلطان عليه، ولا إرادة بشرية عليه؛ لذا الإنسان يشغل نفسه في الموت بأمر واحد وهو: أن يعمل لما بعد الموت.
كن على هذا النسق، وهذا -إن شاء الله تعالى– يبدل من أفكارك تماما، واجتهد، وعش حياة طيبة، وأسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يطيل عمرك في فعل الخيرات وعمل الصالحات.
العلاج الدوائي أتفق معك أنه سوف يفيدك ويفيدك كثيرا، لكن السبرالكس قد لا يكون هو الدواء الأمثل وإن كان جيدا، وما دام لديك فأنت تحتاج لجرعة صغيرة منه، وهي أن تبدأ بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تناولها يوميا لمدة أسبوع، بعد ذلك تناول الدواء بجرعة عشرة مليجرام، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها خمسة مليجرام لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء البديل للسبرالكس هو المودابكس، والذي يعرف علميا باسم (سيرترالين) لكن -كما ذكرت لك– وبما أن السبرالكس أيضا جيدا ومتوفر لديك فابدأ به، واسأل الله تعالى أن ينفعك به.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.