السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة، بعمر 19 سنة، منذ 4 سنوات تقريبا بدأت أوسوس في كثير من الأمور، والتي عرفت بعدها بأني أعاني من الوسواس القهري، فكنت إذا أردت أن أذهب إلى النوم أتأكد كثيرا من أبواب المنزل إذا كانت محكمة الإغلاق أم لا، ثم بعد ذلك أذهب إلى النوم، ولكن لا أستطيع، فأرجع مرة أخرى، وأحاول أن أدفع الأبواب لأتأكد إن كانت مغلقة أم لا، وأغلق جميع نقاط الكهرباء، وأتأكد منها، وأحيانا كنت أطلب من أختي أن تذهب معي ليلا إلى المطبخ لأتأكد من غاز الطبخ إذا كان مغلقا أم لا، مع أن أمي قالت لي: بأنها قامت بإغلاقه، وبقيت على هذا الحال، ولكني أحيانا أذهب لأتأكد منه.
المشكلة الكبيرة هي: أن الوسواس القهري تطور بالرغم من محاولتي في مقاومته، فأصبحت أخاف من كل شيء أفعله، فمثلا:
- إذا أردت أن أشرب الماء، فإني أغسل الكوب حتى ولو كان مغسولا.
- وعندما ألبس ملابسي فإني أخلعها مرة أخرى وأنفضها خشية أن تكون هناك حشرة أو شيء عالق فيها.
- وعندما أستخدم اللاب توب أخاف أن أضعه على السرير؛ خشية أن تؤثر حرارته علي.
أنا أعرف بأن هذا لا يمكن، ولكني لا أستطيع مقاومته، وأحيانا أحس بأني أقول كلاما في نفسي غير لائق، وأنا لا أريد أن أقوله، وأحاول أن أمنع نفسي ولكن لا أستطيع.
في شهر رمضان الماضي، كنت أشعر بألم في الجهة اليسرى من الصدر، وكنت أخاف أن يكون مرضا، بالرغم من أني أعلم بأنه شيء بسيط جدا، ولكني لم أستطع أن أنسي نفسي؛ فإذا استيقظت من النوم أشعر وكأني أذكر نفسي بأنه يوجد لدي ألم، فأبدأ بالشعور به، مع أنني لم أكن أشعر بشيء قبل ذلك، فأستغفر كثيرا، وأسبح كثيرا، حتى نسيت الأمر –والحمد لله- ولكن مع ذلك فإن هذا الإحساس يرجع، ولكني أحاول التخلص منه.
أرجو المساعدة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ohood حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنت بالفعل لديك وساوس قهرية، وهي وساوس الأفعال الطقوسية الخاصة بالتأكد، وهو نوع شائع جدا من الوساوس، والوساوس قطعا يمكن أن تأخذ مناحي مختلفة، فهنالك الوساوس الذي يتعلق بالأفكار فقط، أو الأفعال فقط، أو الصور الذهنية فقط، أو نوع من الطقوس الرتيبة والمكررة، وهذه كلها تأتي في صيغ الوسواس القهري.
نوع الوساوس هذه لأنها وساوس أفعال تكرارية، فإنها تعالج من خلال ما يسمى: (التعريض مع منع الاستجابة)؛ أي أن تعرضي نفسك لمصدر وسواسك ولكن بدون أن تستجيبي له، فمثلا:
قفي أمام الباب وقولي: (لن أتأكد أبدا إن كان الباب مغلقا أو غير مغلق؛ لأنه بالفعل مغلق)، ثم تذهبين وتتركين الأمر هكذا، نعم سوف ينتابك إلحاح شديد جدا بالرجوع مرة أخرى للتأكد من إغلاق الباب، ولكن لا ترجعي أبدا، وحين يأتيك الإلحاح أيضا، أصري على ألا ترجعي (وهكذا)، هنا تكونين قد عرضت نفسك لمصدر الوسواس ولكنك لم تستجيبي له.
أعرف أن هذا الأمر ليس سهلا، ولكنه ليس مستحيلا أبدا، وإذا قمت بمقابلة أخصائية نفسية فهذا سوف يكون أمرا جيدا جدا؛ لأن الأخصائية سوف تبدأ معك بما يسمى (التحليل الوسواسي) وستكتب كل وساوسك، ومن ثم تبدأ معك في مبدأ التعريض مع منع الاستجابة لكل وسواس على حدة، وقد أجمع علماء النفس أن من سبعة إلى اثني عشر جلسة –حيث أن الجلسة تستغرق ساعة واحدة- تكون نسبة نجاح هذا العلاج عالية جدا، وهي حاولي ثمانين بالمائة.
في ذات الوقت أنت تحتاجين لعلاج دوائي، عقار (فافرين) والذي يعرف علميا باسم (فلوفكسمين) من الأدوية المتميزة جدا، وحين تقومين بمقابلة الطبيب -إن شاء الله تعالى– سوف يكتب لك هذا الدواء أو أي دواء آخر؛ لأن البروزاك أيضا فعال، والسبرالكس أيضا فعال، وكذلك السيرترالين، فالأمر يعالج من خلال الجلسات السلوكية، وكذلك تناول العلاج الدوائي، ونسبة نجاح العلاج -بفضل الله تعالى-عالية جدا.
بالنسبة لموضوع عسر المزاج والقلق وهذه الأشياء: قطعا هي مصاحبة للوساوس، وجزء من حالة القلق التي تسببها الوساوس، والتي من خلال تناول العلاج الدوائي ستختفي تماما -إن شاء الله تعالى- كل هذه الأعراض.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.