السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
ابني يبلغ من العمر 3 سنوات، إلى الآن لا يتكلم، ينطق فقط بعض الكلمات، ولا أظن أنه يدرك معناها، في عامه الأول كان ينمو نموا طبيعيا جدا في اكتساب المهارات، ثم بدأ يفقدها كلها، ولم يعد يفعل شيئا سوى الجلوس أمام التلفاز مطولا، لدرجة أني أحس أنه غير موجود ويحب تدوير العجلات، ولا يستعمل اللعب بالشكل الصحيح.
يحب الجري من الحائط إلى الحائط مدة طويلة، مع اصدار صوت أنين، أناديه لا يعيرني اهتماما، ولا يبالي بوجود شخص جديد في البيت، لا ينادي بكلمات (ماما أو بابا) إذا أراد شيئا يمسكني من يدي ويأخذني إليه. غير عصبي، غير مرتبط بالأماكن، أو بالملابس أو اللعبة، وإذا أخذها الأطفال منه يبكي بشكل عادي، ويتناول شيئا آخر للعب به.
عرضته على طبيب أطفال قال: ربما يكون عنده توحد، لم يؤكد، ولم ينف ذلك، وصف له دواء أوميغا 3 ، تناوله لمدة 3 أشهر تقريبا، لاحظت عليه تحسنا واضحا حيث إذا ناديته يلتفت إلي مباشرة حتى أني إذا تخبأت له يلتفت ناحية الصوت، ويبحث عن من يناديه ويأتي إلي، يحب العناق لكنه لا يعرف التقبيل أبدا، يتفاعل مع الأطفال عندما يراهم يجرون نحوه يهرب، وهو سعيد يظن أنهم يجرون وراءه وينتظرهم لكي يعاودوا الكرة، يردد بعض الأغاني، يستطيع الشرب وحده، والأكل بالفرشاة، لا يعرف استعمال الملعقة كثيرا، ويدرك أيضا المخاطر، وإذا حذرته من عدم الاقتراب من شيء ينته، وبعد مدة يرجع إلى ذلك، وهو يراقبني هل أنهره أم لا؟
أرجو منكم الإفادة، وشكرا لكم جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سعاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ملاحظاتك عن ابنك ممتازة ودقيقة جدا، وموضوع التوحد أو ما يسمى بـ (الذواتية) لا أحب للآباء والأمهات أبدا أن يشخصون هذه الحالات، لكن بالطبع قوة الملاحظة مهمة، ويجب أن يعقبها مقابلة المختص.
قطعا التدخلات المبكرة لعلاج التوحد ذات فائدة كبيرة، هذا الابن كان نموه وتطوره عاديا، بعد ذلك حدث التدهور، ثم بعد أن ذهب إلى الطبيب ظهرت عليه بوادر التحسن، وأصبحت تفاعلاته الوجدانية والاجتماعية ذات درجة معقولة جدا.
الذي أراه هو أن تقابلي مختصا في الطب العصبي للأطفال، أو تسألي إن وجد مركزا لتشخيص وعلاج التوحد، أنا (حقيقة) لا أرى أن هذا الطفل يعاني من التوحد أو الذاوتية، وإن كان التوحد الآن أصبح يعتبر طيفا وليس علة إكلينيكية واحدة، بمعنى أن توجد حالات بسيطة، توجد حالات وسطية، وتوجد حالات شديدة، والطفل الذي يقع في هذا الطيف – خاصة الطيف البسيط والمبكر – يستفيد أكثر من التوجيهات العلاجية والسلوكية.
علة الذواتية يجب أن تشخص بواسطة مختص، والآن في معظم الدول المراكز التي تعتني بهؤلاء الأطفال يوجد بها فريق تخصصي متكامل، يتكون من الطبيب، يتكون من أخصائي التخاطب، ويتكون من أخصائي نفسي، الأخصائي الوظائفي، وكلهم يناظرون الحالة مع بعضهم البعض ويتناقشون، ومن ثم يضعون التشخيص الصحيح.
أنا أعرف أن هذا الموضوع يسبب لك الكثير من القلق، أقدر ذلك، وأنا مطمئن لدرجة كبيرة أن الطفل لا يعاني من التوحد، لكن قطعا يجب أن يفحص على الأسس التي ذكرتها لك، وعليك بالدعاء له.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله له العافية والصلاح.