السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة عمري 17 سنة، في المرحلة الثانوية، وصاحبة شخصية قوية ومستقلة، أملك قناعات وأفكار خاصة بي، ولا أقلد أحدا، أحب القراءة، واحترم ذاتي، وأقدس ديني، واسعى لفعل الصواب ، وتجنب الخطأ.
في المدرسة لدي صديقات أحبهن، وقبل فترة دخلت مجموعتنا طالبة جديدة صاحبة لسان بذئ، وكان تأثيرها على صديقاتي واضحا، حيث بدأن يتكلمن مثلها، لذا قطعت التواصل معهن من خلال برامج التواصل، مع الإبقاء على صداقتهن وحبي لهن، حتى أبتعد عما يغضب ربي، وقد وضحت لهن السبب فيما حصل.
كانت النتيجة أنهن تشاجرن معي وقطعن علاقتهن بي، وأصبحن في صف الفتاة الأخرى صاحبة المشاكل، مما أثر علي وأحزنني.
سؤالي: هل ما فعلته هو الصواب؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ neno حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب -بابنتنا المتميزة- في موقعها، نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وهنيئا لمن اختارت الدين والقيم والمبادئ والثوابت، وهنيئا لمن عودت نفسها كثرة القراءة، وهنيئا لمن خرجت من التبعية الزائفة، فالمؤمنة ما ينبغي أن تكون إمعة مع الناس، إن أحسنوا أحسنت، وإن أساؤوا أساءت، ولكن عليها إن أساءوا أن تتجنب الإساءة، وحتى إن أحسنوا عليها أن تحسن، ليس لأجل إحسانهم، ولكن لأن الله أمر بالإحسان، ولأن الله يجازي على الإحسان إحسانا (الجنة) ولأن أهل الإحسان هم أهل الإيمان، قال تعالى: {للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة} وقال: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ونسأل الله لك التوفيق والسداد.
ونتمنى أن تستمري على هذه الروح التي أنت عليها، واعلمي أن الصديقات سوف يرجعن إليك، كل صديقة فيها خير ستعود إلى نفسها وتعود إلى صوابها، وتخرج من ذلك النفق المظلم، وأرجو أيضا أن تستمري في النصح والتوجيه لهم بلطف، وحاولي أن تكوني ثابتة كالشجرة التي يأوي الناس إلى ظلالها وهي لا تتحرك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الخير.
وليس هنالك داع للحزن على صديقة تختار الفحش والكلام البذيء، ولا ندم على مثل هذه الصداقات، ومثلك تستطيع أن تكون صداقات ناجحة وصالحة جدا كتلك التي كانت، وحاولي أن تكون دائما الصداقة بينك وبين صديقات لله وفي الله وبالله وعلى مراد الله وفي مرضاة الله، فلا تكوني صداقات من أجل دنيا، أو من أجل مظاهر، وهذا ظاهر في صداقاتك وفي حرصك على الخير.
ولكن نتمنى أن تعلمي أيضا أن الإنسان يسئل عن دينه ويسأل عما كتب ويسأل عما سمع، قال تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا} والمجاملة في هذه الأمور لا تجدي، وقد أحسنت صنعا، ولا تحاولي أن تصعدي معهن، واعلمي أنهن بحاجة إلى النصح والإرشاد منك، وغدا -كما قلنا- سيتضح لهن جانب الصواب، وأنا أتوقع عودة سريعة ممن فيها خير من الصديقات الصالحات، وعلى كل حال فقد أعذر من أنذر، وقامت بواجبها من حرصت على أن تنصح لزميلاتها، والهادي هو الله -تبارك وتعالى-، لكن علينا أن نذكر {إن نفعت الذكرى} علينا أن نذكر كما قال الله لنبيه {إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر} وقد أفلح ونجح من أدى ما عليه من النصح والإرشاد، وحاولي -كما قلنا- أن تلطفي العلاقات مع من تتوسمي فيها الخير حتى تنتقل تلك المجموعة الواحدة بعد الثانية إلى الطريق الذي يرضي الله -تبارك وتعالى-.
أنت على خير، ونشكر لك هذا الثبات على القيم والثوابت، ونسأل الله أن يزيدك خيرا وحرصا، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.