السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
صديقتي سيدة متزوجة في الثامنة والعشرين من العمر، وأم لطفل في الثالثة من العمر، بعد ولادتها لطفلها أصيبت بوسواس النظافة القهري – سابقا كانت نظافتها ضمن المعقول -، كما أن زوجها سيء الخلق، وبذئ اللسان، حيث ينتقد كل تصرفاتها، ويقلل من شأنها على الدوام.
صديقتي مصابة بمرض سلس البول، وبما أنها تعاني من وسواس النظافة، أصبحت حياتها جحيما، لأنها توسوس في الطهارة من البول، فتأخذ وقتا طويلا في الطهارة، كذلك في عملية الاستحمام، فإنها تعمل على فرك جسدها مما نتج عنه بقع زرقاء في بعض المناطق منه، إضافة عن توقفها عن أداء الصلوات، لاعتقادها بعدم طهارتها، وكذلك توقفت عن الطبخ خوفا أن يتأثر الطعام بالبول، ويمرض أفراد عائلتها.
تكون عازمة على اتخاذ قرار بأن لا تغسل يدها أكثر من مرة عند دخولها الحمام، لكنها تفشل في قرارها، وتعود لما كانت عليه.
زوجها عنصر محبط في حياتها، لا يمثل لها أي داعم، بل بالعكس يعمل على تحطيمها، ويتهمها بالجنون، وأخبر الجميع بأنها مريضة مجنونة.
سؤالي: كيف يمكن مساعدتها، وإخراجها مما هي فيه؟ وهل هناك طبيب تنصح بمراجعته في الأردن؟ وكيف يمكنها أن تتعالج دون أخذ الأدوية؟ وما هي الوسيلة الفضلى في التعامل مع زوجها؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatema حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على اهتمامك بأمر صديقتك، والتي نسأل الله لها العافية، ولا شك أنها تعاني من وساوس قهرية متجذرة، هنالك وساوس أفكار، هنالك وساوس أفعال، هنالك طقوس وسواسية، وقطعا هي -بكل أسف- حوصرت تماما من خلال هذه الوساوس.
الذي أود أن أنبه إليه هو أن الوساوس تعيق الإنسان في حياته، وكذلك تعيق من هو حوله، ولذا ربما تكون هذه الوساوس قد لعبت دورا أساسيا في الطريقة السلبية التي يعاملها زوجها بها، هذا الأمر يجب أن ننبه إليه، ويجب أن نحتم عليه حتى تكون الأمور واضحة للجميع.
فإذا علاج الوساوس في حالة هذه السيدة هو أمر حتمي وحتمي جدا، حتى تعيش حياة طيبة، وحتى تجعل زوجها أيضا يتقبلها بصورة أفضل.
العلاج الدوائي يعتبر علاجا رئيسيا وعلاجا أساسيا لهذه الحالات، هذه الحقيقة يجب أن نتفق عليها، واتخاذ هذه السيدة موقفا سلبيا من الدواء، أعتقد أن هذا في حد ذاته يمثل علة كارثية من وجهة نظري، لأنها ستحرم نفسها من نعمة عظيمة من نعم العلاج، فلا بد أن تقتنع أن العلاج له مكون بيولوجي، وله مكون نفسي، وله مكون سلوكي، والمكون السلوكي في حالتها يعتبر أيضا مهما، لكن لا أعتقد أنها سوف تنجح في تطبيقه لوحدها، لذا يجب أن تذهب وتقابل أي من الأساتذة المختصين في الطب النفسي في الأردن، هم كثر، أنا أعرف جيل العمالقة – كما يسمونه – وهو الدكتور (عدنان التكريتي ) والدكتور ( وليد سرحان ) والدكتور ( توفيق الدركتا ) لكن قطعا يوجد جيلا بعد هؤلاء الأساتذة الكرام، فأرجو أن تسألوا أحد الأطباء المقيمين في الأردن، وسوف يرشدكم قطعا لأحد الأخوة الأطباء الكرام.
إذا هذه السيدة تحتاج لعلاج، ويجب أن يكون هنالك حسم واضح في أمر الدواء، لا يمكن لهذه السيدة أن تتقدم علاجيا دون دواء، لأن المكون البيولوجي قويا جدا، ووطأة الوساوس وحدتها وشدتها سوف تظل موجودة، والعلاج السلوكي لا أعتقد أنه لوحده سوف يستمر أو يكون مفيدا.
لماذا التخوف من الأدوية؟ فالأدوية سليمة والأدوية فاعلة، والأدوية أثبتت جدارتها، والأبحاث تقول أن نسبة نجاح علاج الوساوس في استعمال الأدوية مع العلاج السلوكي هو ثمانين بالمائة، أما نسبة نجاح العلاج السلوكي لوحده فهي عشرين بالمائة فقط.
أنا لا أقلل من قيمة العلاج السلوكي، وأعتقد أنه علاج ضروري لاستمرارية التعافي ومنع الانتكاسات، لكن قطعا هذا النوع من الوساوس يحتاج لترتيبات أخرى، وأقصد بذلك تناول الأدوية، وهي سوف تحتاج للجرعات العالية من الدواء ولا شك في ذلك، لكنها جرعات سليمة.
بالنسبة للفاضل زوجها: علاجها سوف يساعده في تقبلها، هي محتاجة أن تجلس مع زوجها، حين يكون مزاجه حسنا، وتتكلم معه بكل لطف وذوق، وأعتقد أنه سوف يقدر ظروفها، لا مانع أن تذكر له أنها مريضة، وأن الوسواس القهري مرضا معيقا، ويجب أن تعترف بأن وساوسها قد أضرت به أيضا وقد أضرت بعلاقتهما الزوجية، هذا أمر ثابت، وأعتقد من خلال العلاج سوف تستطيع أن تقوم بتفهمات جيدة مع زوجها، حتى وإن كان لديه شيء من الحدة المرتبطة بشخصيته.
هذا هو الذي أنصح به، وأسأل الله - تعالى - لها العافية والشفاء والتوفيق والسداد.