كيف أتغلب على مخاوفي وأبادر الآخرين الحديث؟

0 387

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على هذا الموقع المبارك.

سأختصر بقدر المستطاع, أنا شاب أبلغ من العمر 35 عاما, أصبت بنوبة هلع قبل سنتين تقريبا, المرة الأولى كانت شديدة لدرجة أني ذهبت بسيارة الإسعاف للمستشفى, ومن ثم استمرت أعراض نوبات الذعر حوالي العام.

شلت حياتي, ومن بعدها بدأت تخف الأعراض بسبب اطلاعي أنها نوبات ذعر, وليست أمراضا خبيثة أو جلطات كما كنت أعتقد, ولكن بدأت ترجع لي الآن بشكل بسيط جدا عن السابق, فقط إذا شعرت بنغزات بالصدر أو أي شيء أقول إنه الموت.

علما أني أعاني من التهاب الجيوب الأنفية, وطال علاجه, ودائما يغلق أنفي فأشعر باختناق التنفس لتنفسي من فمي, ومن ثم تراودني فكرة الموت, وأعتقد هي من تزيد كتمة التنفس, هذا بخصوص نوبات الهلع.

أنا بالأصل إنسان خواف, حتى إني أخاف ركوب الطائرة والسباحة بالأماكن الغزيرة.. إلخ.

وأنا دائما متشائم, حينما يرن هاتفي أو جرس الباب أقول اللهم اجعله خيرا, كما أني أخاف مواجهة الناس, وأكره بشدة المناسبات, ودائما أعتذر عن الحضور بالمرض, أو الانشغال بأي شيء لكي أتجنب حضور المناسبات, كما أني أكره أيام العيد المباركة للسبب نفسه, وأكره الخروج للأماكن العامة؛ لكي لا أقابل أشخاصا ابتعدت عنهم منذ زمن.

وفي الفترة الأخيرة أقل شيء يعكر مزاجي, وأتنرفز بسرعة, حتى أصبحت لا أشاهد المباريات المهمة لفريقي المفضل من الضغط والتوتر, وللعلم مرت علي ضروف قاسية جدا في الخمس سنوات الماضية من وفاة والدي ووالدتي رحمهم الله, ورحم أموات المسلمين أجمعين, وتركت الوظيفة, وخسرت في تجارتي, وأنا بالأصل كتوم, ولا أحب أن يعرف أحد ما بداخلي.

وآسف على الإطالة, وأطلب منكم المشورة والنصح لي.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا ومرحبا بك أخي الكريم في استشارات الشبكة الإسلامية, ونسأل الله العلي القدير أن ينعم عليك بدوام الصحة والعافية.

الأحداث التي تعرضت لها خلال الخمس سنوات الماضية ربما تكون من العوامل التي فجرت ما بداخلك من مخاوف وأوهام, والحمد لله أنها عدت, ولكنها تركت بعض الآثار البسيطة التي يمكن التغلب عليها -إن شاء الله- باتباع الإرشادات الآتية:

أولا: لا بد من التذكير بركن من أركان الإيمان ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره, فما كان مقدرا من الله تعالى لا بد أن يحدث, وما لم يكن مقدرا فلا تحدثه توقعاتنا وتصوراتنا, لذلك لا داعي أن نعيش في خوف أو قلق مستمر يمنعنا من العيش بصورة مستقرة في هذه الحياة, ويبعد عنا السعادة والاستمتاع بما هو مباح من النعم؛ لأن شدة توقع الشيء أحيانا تكون أمر من وقوع الشيء نفسه.

لذلك -يا أخي الفاضل- الحذر الشديد والتشاؤم المستمر قد يكونان من العوامل التي تؤدي إلى نقصان السعادة, فكن متفئلا, واعمل ما يرضي الله تعالى, وتوكل عليه, فإنه يحب المتوكلين, وأعلم أن الآجال محددة وحتمية, فكم من مريض عاش طولا من الدهر, وكم من صحيح أكفانه تنسج وهو لا يدري.

المؤمن لا بد أن يتذكر الموت, ويعلم أن هذه الحياة فانية؛ لكي يكثر من الصالحات ويتجنب المنكرات, والإنسان خلق ليعبد الله في هذه الدنيا, وليعمر هذه الأرض, فإذا توقعنا وتصورنا الموت بالصورة المرضية كما تتصوره أنت لتوقفت كل النشاطات التي نمارسها في الحياة, فلا تعليم ولا عمل ولا زواج ولا إنجاب, فقط نكن في انتظار الموت.

والمؤمن ينبغي عليه أن يسخر كل عاداته ونشاطاته وممارساته الحياتية في خدمة الدين, فتصبح العادة عبادة, وبالتالي يكون قد حقق ما خلق من أجله.

ثانيا: لا تستسلم للمشاعر والأفكار السلبية, بل قابلها بالأفكار الإيجابية والمنطقية, وحاول مراجعة كل الأفكارالسلبية التي سيطرت عليك من قبل, وتوقعت فيها حدوث خطر يصيبك ومكروه يأتيك, كم منها تحقق بالفعل؟

ثالثا: مشكلة تجنب الآخرين وعدم الاحتكاك بهم لا بد من التفكير في حلها بالطرق الواقعية, وأولها المواجهة وعدم الانسحاب والتعذر بأسباب واهية, فحاول رفع شعار مفاده التحدي والاقتحام بالزيارات المتكررة للأهل والأصدقاء, وإجابة الدعوات والمشاركة في المناسبات, ولو بالصورة المتدرجة في المدة الزمنية, فهذه تكسبك الثقة بالنفس وتزيدها, فإذا انكسر الحاجز النفسي فسيكون الأمر طبيعيا إن شاء الله.

رابعا: قم بممارسة تمارين الاسترخاء يوميا فإنها مفيدة في خفض التوتر والقلق المصاحب لنوبات الهلع.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات