السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من مشكلة ضعف في شخصيتي وعدم اتخاذ قرار بنفسي.
أحاول أن أكون اجتماعية مثل أختي لكن لا فائدة، أحاول وأحاول ولا أستطيع، ينادوني دائما وقت الحاجة أو السؤال، أما الأشياء التي يحتاج لرأي فيها أو تكون مهمة فأنا أكون خارجة الموضوع.
ما الذي أفعله لكي أطور من شخصيتي، ويكون لدي رأي وقرار مثل أختي؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا على هذا الموقع.
إن من الصفات النفسية الأساسية للسعادة الإنسانية هي: تقبل الشخص لنفسه، وكما هو؛ نعم قد لا تعجبه صفة ما، ومن حقه أن يعمل لتغيير هذه الصفة، إلا أنه لابد له في البداية من تقبل هذه النفس، فهذا هو رأس ماله لأي تغيير وإعادة.
يتضمن هذا أن يتقبل الشخص شكله وطوله وشخصيته وما حباه الله من الصفات البدنية والنفسية، وكل ما فيه، فهذا هو حجر الزاوية، والذي من دونه سيشقى الشخص؛ لأنه دوما يتطلع إلى ما ليس عنده، وربما يقارن نفسه بالآخرين، ولا يقدر نفسه التي بين جنبيه.
إن سعادة الإنسان الداخلية والنفسية، ونجاحه في حياته وفي المجتمع لا يتوقف على طوله أو قصره أو صفة معينة في شخصيته، إلا إذا هو وضع في ذهنه توقعا معينا غير صحيح، وبناء عليه يشعر بالشقاء المستمر.
مثلا: هناك من الشباب والشابات من يقول في نفسه فكرة من نوع: "أنا لن أكون ناجحا إلا إذا زاد طولي" أو "أنا لن أكون سعيدا إلا مع فلانة" و"أنا لن أكون سعيدا إلا إذا كنت قادرا على اتخاذ كل قراراتي"....وغيره كثير.
نجد هذه الشابة مثلا قد علـقت كل سعادتها على موضوع أو شرط واحد، إما أن تحققه وإما التعاسة والشقاء!
من قال هذا؟ ولماذا أوقف سعادتي على أمر واحد، مهما كانت أهمية هذا الأمر؟
هل الإنسان الذي فقد مثلا: عضوا من جسمه في حادث أليم ليس أمامه أن يشعر بالسعادة من جديد؟ وهل الإنسان الذي فقد أعز أحبابه لن يشعر بالسعادة مجددا؟ ومن قال هذا؟ وهل الذي له صفة نفسية أو شخصية معينة، لن يستطيع أن يشعر بالسعادة والاطمئنان؟
إن السعادة يجب أن تنبع من داخلنا، وكما يقال: "السعادة ليست محطة نذهب إليه، وإنما هي الرحلة ذاتها"، إن هذا الفهم يجعلنا لا نبحث عن السعادة خارجنا، وإنما هي بين جنبينا.
أنا على يقين، ومن خلال عملي مع الأعداد الكبيرة من الناس، والشباب خاصة، أن التركيز على ما ذكرته لك هنا هو مفتاح الحل للكثير من المشكلات في حياتنا.
يجب أن يبدأ الحل بأن تحبي وتقدري نفسك، شكلا ومضمونا، ومن ثم يمكنك من بعد ذلك التغيير الذي تودين، هناك خطوات كثيرة يمكن أن تبني ثقتك في نفسك، وتعزز من شخصيتك.
إن تعزيز إيجابياتك ونجاحاتك المختلفة في الحياة لأمر هام جدا، فتعرفي على نقاط القوة عندك، وافتخري بها، وتجنبي التركيز فقط على السلبيات، فهذا قاتل، حاولي أن تكوني إيجابية مع نفسك، ومع الآخرين، وانظري لنصف الكأس الممتلئ، وليس فقط للنصف الفارغ.
اشكري الله تعالى على الدوام على النعم التي أنعم بها عليك، فالشكر على النعم يزيد ثقتك بنفسك ويقوي شخصيتك "لئن شكرتم لأزيدنكم".
مما يمكن أن يقوي شخصيتك تقديرك لما عند الآخرين، فهذا يعطيك شعورا قويا بقوة الشخصية، فاحرصي على توجيه تشجيعك للناس من حولك.
ساعدي الآخرين بما يحتاجون إليه، وعلى قدر الاستطاعة، وهذا من أكبر أبواب تقوية الشخصية.
في نفس الوقت إن مدحك أحد على أمر إيجابي عندك، فلا تترددي في تقبل هذا المدح، فاقبليه واشكريه عليه، واشكري الله من قبل ومن بعد.
حاولي أن تعبري عن رأيك في المواقف الاجتماعية، وإن رأيت التمسك بهذا الرأي فلا بأس، فهذا من حقك! وتذكري بأن النجاح يؤدي للمزيد من النجاح، والثقة القليلة بالنفس، ومهما كانت قليلة، يمكن أن تزيد من قوة الشخصية، وهكذا.
وفقك الله ويسر لك الخير.