السؤال
السلام عليكم
أنا شاب أعزب, أعاني منذ خمس سنوات تقريبا من حالة تنتابني قبل الأحداث الكبيرة، كمشاريع الزواج, أو بيع أرض, أو النقل من منزل لآخر، أشعر برعب شديد, وأفكار سوداء تهاجمني, كالإصابة بمكروه ما لي أو لأهلي إذا تم الأمر, وأسعى بكل قوة لإفساد المشروع بعد أن كنت أتمناه من الله.
فعلا لم نتقدم خطوة واحدة منذ خمس سنوات, ولم يتم أي مشروع، والآن نحن مقبلون على بيع أرض, لطالما حلمنا ببيعها، وبدلا من أن أكون سعيدا، أشعر برعب شديد وخوف وأفكار سوداء تهاجمني, حتى أنني عندما أتحدث في الأمر أصاب ببرودة أطراف, ودوخة, وضربات قلب سريعة, وأحاسيس لا أستطيع أن أفسرها, وأشعر باكتئاب شديد, ولا أجد طعما لأي شيء في الحياة.
أشعر أني سأفقد الوعي وأصاب بهبوط, وأشعر أني سأنهار تماما أثناء إتمام الإجراءات، وقد ذهبت إلى طبيب نفسية وعصبية، وكتب لي (زولام) 0.25 نصف قرصا صباحا وظهرا, وقرصا مساء، وكذلك (سيبرا برو) (Escitalopram 10mg) نصف قرص صباحا عشرأ أيام, ثم قرصا صباحا بعد ذلك, و(اندرال) 10 ثلاث مرات يوميا.
أنا مستمر على الدواء منذ خمسة أيام, ولا يوجد أي تحسن, بل ساءت الأمور, وأصبت بفقدان شهية متوسط, والأفكار السوداء زادت.
أريد فقط أن أصمد في المواقف الصعبة, وألا أصاب بانهيار, حتى لا أسبب ألما لأهلي ومن حولي, حتى لو استمر الألم النفسي لا يهم, فقط أريد أن أبقى صامدا, ولا أفسد على من حولي كل شيء.
ملاحظة: قمت بعمل كافة فحوصات القلب, وكذلك تحليل دم وغدة درقية, وجميعها سليمة والحمد لله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
جزاك الله خيرا، ونشكرك على ثقتك في إسلام ويب.
لا بد أن نتوقف قليلا أولا لنعرف تفسير ما يحدث لك، ومن وجهة نظري أن الذي يحدث لك هو أن الإنسان بطبيعته حين يكون مقدما على عمل ما -صغيرا كان أو كبيرا- لا بد أن يبدأ أولا بتحضير نفسي وجسدي فسيولوجي وفكري، وهنا تكون المشاعر موجودة أيضا، ومشاعر الإنسان تزيد وتنقص حسب أهمية الحدث.
حالة الاستعداد هذه تتطلب إفراز مواد داخل الدماغ، منها مادة الأدرينالين التي هي بالطبع تحفز الجهاز الفسيولوجي عند الإنسان لتسهل على القلب القدرة على ضخ المزيد من الدم لتزداد كمية الأكسجين في الجسد من أجل الإنجاز المطلوب؛ لأن الطاقة النفسية والطاقة الجسدية ودرجة السعرات الحرارية التي يستهلكها الإنسان في المواقف –أيا كانت هذه المواقف– لا بد أن تكون مرتفعة.
في حالتك الذي يظهر لي أنه حدث لك نوع من النسق أو النمط أو التطبع السلبي، بمعنى أن هذه العملية الفسيولوجية النفسية الفكرية الطبيعية جدا تمركزت عندك بشكل مبالغ فيه، مما جعل التشاؤم يكون مسيطرا عليك حين تكون مقدما على أي عمل أو فكرة، وهذا كله أخذ ما نسميه بالبوتقة الوسواسية، يعني: أصبحت تسبق أفعالك بأن تضع هذه الكتلة التشاؤمية أمامك، وبعد ذلك تبدأ في الفكرة أو في العمل.
هذا النسق من التفكير التشاؤمي الوسواسي الافتراضي لا شك أنه كارثي، ويؤدي إلى تعطيل الإنسان، لكن مجرد تفهمك له سوف يساعدك، لأنك سوف تبدأ في استحقاره، سوف تبدأ في تجاهله، وعدم اعتباره، وتصمم وتعزم على القيام بالفعل الذي تريد أن تقوم به، ولا بد أن تستعين بالاستخارة، الاستخارة هنا مطلوبة جدا في حالتك، والاستخارة (حقيقة) هي: أن تسأل من بيده الخير أن يسهل لك أمرك في موضوع ما أو فعل ما، وليس أكثر من ذلك.
فسر على هذا النسق من التفكير والأفعال فيما يخص الاستخارة.
وبالنسبة للدواء: الدواء أرى أنه جيد جدا، لأن عقار إستالوبرام متميز في علاج المخاوف والقلق والأفكار الوسواسية من هذا النوع، فقط الدواء يتطلب المزيد من الوقت ليتم البناء الكيميائي، فاصبر عليه، وإن لم يحدث تحسن بعد عشرين يوما من الآن ارفع جرعة (السبرالكس/إستالوبرام) إلى عشرين مليجراما في اليوم، وأعتقد أن هذه الجرعة سوف تكون فاعلة، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة شهرين على الأقل.
بالنسبة للزولام: أظنك مدرك أنه دواء جيد كعلاج إسعافي، لكنه في ذات الوقت قد يؤدي إلى الإدمان، فأتمنى أن تتوقف عنه تدريجيا, أما الإندرال فلا بأس به أبدا.
أريدك أيضا أن تدرب نفسك على هذه المواقف الصعبة، وذلك من خلال ما نسميه بـ (التعرض في الخيال). قم برسم سيناريو درامي لموقف ما أو لفكرة ما، وكيف سوف تتفاعل مع هذه الفكرة أو الموقف، وما هي التوقعات، ما هي النتائج، كيف سوف تقدم عليه (وهكذا). هذا نوع من التعريض النفسي السلوكي في الخيال، وهو جيد جدا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.