هل حالتي النفسية دليل على سخط الله علي؟ أم ابتلاء محبة؟

0 451

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على هذا الموقع الجميل.

أود أن أستشيركم في مشكلتي، أعاني من الاكتئاب والإحباط بعض الشيء، سوف أحاول أن لا أطيل عليكم كثيرا، في نهاية السنة الماضية صديقة أمي رأتني في منامها كأني آتية من الحج أرتدي الأبيض، وفي وجهي نور، في بداية هذه السنة من الله علي بالهداية، ولكنني أصبت بالوسواس القهري لأشهر طويلة شككني بوجود الله، ولكن اتبعت نصيحتكم هنا، وحاولت جهدي أن لا ألتفت لهذا الوسواس مع أن الموضوع لم يكن سهلا، لأن الوسواس كان يأتيني بغير إرادتي، خف الوسواس الآن -ولله الحمد-.

في هذه الفترة كنت وحيدة معظم الوقت ولا زلت، أنا أحب الاختلاط مع الناس لكني أعيش في بلد أجنبي، وليس هناك الكثير من الصالحات، وأريد أن أختلط بالصالحات فقط ولا أعود إلى الخلف، صديقاتي دائما مشغولات مهما حاولت أن ألتقي بهن لا أفلح، أعاني من الوحدة، أحاول أن أجد عملا، وما زلت أبحث وأقدم طلبات حتى الآن.

المشكلة الأخرى أني حاولت أن أبر بوالدي ابتغاء وجه الله، فوالداي مطلقان، ولكن والدي يظل يتكلم عن مشاكله السابقة مع أمي ويسب الناس، نصحته كثيرا بلا فائدة، حتى أصبح يشتمني بكلام قبيح جدا مما أدى إلى ابتعادي عنه، فكنت أبكي كلما تكلمت معه وهو لا يهتم.

وضغط الجامعة سبب آخر، فعلي الكثير من البحوث والواجبات والامتحانات، وقليل من الوقت، أجتهد كثيرا في دراستي ولا أحصل على علامات عالية، مما أدى لإحباطي، أبكي في اليوم مرتين على الأقل مما سبب لي الأوجاع في الصدر والبطن عندما أتوتر وأبكي، لا أجد من يهتم بي ويخرج معي، فأمي مشغولة، وإذا أردت أن أخبرها عن مشاكلي أحس بأني أضايقها، وبعد هذا أندم على إخبارها مع أنها وقفت بجانبي في البداية، ولكني أظن أنها مللت من سماع مشاكلي.

أستغفر في اليوم مئات المرات منذ شهر 3 تقريبا، فتعلمت عن ثمرات الاستغفار، وكنت أنتظر الفرج، ومحافظة على صلواتي –الحمد لله- والسنن وأذكار الصباح والمساء، أدعو في كل صلاة، وعدت من جديد لقيام الليل والرقية الشرعية، فصديقة أمي قرأت علي وأخبرتني أني محسودة، وذهبت إلى شيخ منذ عدة أشهر وقال أنه حسد أو مس، بالفترة الأخيرة أصبحت أغضب عند ذكر الله، كنت أجد الطمأنينة والسكينة عند الصلاة وقراءة القرآن، ولكن الآن أخاف أو أغضب، أحيانا أشعر بالنعاس أو بضيق في الصدر فأتوقف عن الذكر، تأتيني خواطر وأفكار غير جيدة وأغضب من نفسي.

كنت أظن أن التقرب من الله سوف يكون سكينة وطمأنينة، ولكن أنا أعاني ولن أكذب عليكم أني أشفق على نفسي، فتحولت من إنسانة متفائلة لا تعرف البكاء إلى فتاة دائمة البكاء والأحزان، وكنت أقول لصديقاتي: لا تقلقوا فالله معنا. لا أسمع الأغاني ولا أتكلم مع شباب، أبتعد عن الغيبة بقدر المستطاع، ولا أشتم أحدا، محتشمة وأحاول بقدر المستطاع الابتعاد عن الحرام وأطيع الله، أحمد الله على نعمه علي، وأن حالي أفضل من الكثير، لكن أود التخلص من هذه المشاكل، فقد أصبحت أفكر سلبيا، وأكره من حولي.

من فضلكم أرشدوني فأنا أحب نصائحكم، وعندي بعض الأسئلة:

- هل حالتي النفسية دليل على سخط الله علي؟ أم ابتلاء محبة؟ وهل سأصبح من عبدة للشيطان بهذا الوسواس كما يقولون؟
- أمي تقول إذا فكرت بهذا الوساوس ستصبح حسناتي هباء منثورا، هل هذا صحيح؟ فهذا الكلام زاد من كآبتي وإحباطي، فالله يشهد أني أحاول بقدر استطاعتي أن لا ألتفت إليها، ولكن بقائي لوحدي يسبب لي هذا الشيء، فإن كنت مع أحد ذهبت هذه الوساوس عني، والله إني أحب الله كثيرا.
- من عدة أشهر رأيت في المنام سيدنا يوسف -عليه السلام- جالسا حزينا وحده، واسم سيدنا صالح -عليه السلام- كان أيضا يأتي في المنام، فما معنى هذا؟

جزاكم الله خيرا، وأتمنى أن تساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nisreen حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.

الحمد لله أولا على الهداية والطاعة، والحمد لله أنك ما زلت مكافحة ومناضلة ومقاومة لكل الوساوس والإحباطات، هكذا حال المؤمن في هذه الدنيا، امتحانات وابتلاءات، وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم، وكما جاء في الحديث عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه –رضي الله عنهما- قال: (قلت: يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه) الحديث وفيه: (حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) أخرجه الحاكم من رواية العلاء بن المسيب عن مصعب أيضا، وقال تعالى: {الم*أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} (العنكبوت: 1-2).

ولذلك نقول لك -أختي الكريمة-: أنت في مجاهدة مستمرة خاصة في بلد الغربة، فلا تستسلمي، فحاولي تغيير التفكير السلبي والنظرة التشاؤمية لما حولك، وللحوادث التي تحدث لك، فانظري للجانب المشرق وتفاءلى دائما وتذكري {إن مع العسر يسرا}، وأن كل شيء بيد الله وهو المعطي وهو المعين، وعنده خزائن السموات والأرض وهو الرازق للصحة والعافية، وهو الرازق للعلم والمعرفة، وهو الرازق للمال والسعادة، لذلك علينا أن نعمل بالأسباب أولا، ثم نلح في الطلب من المولى عز وجل ولا نيأس، فالدعاء إما أن يستجاب، أو يرفع بلاء أو يدخر.

ونقول لك -أختي الكريمة-: برك وطاعتك لوالديك هما مفتاح سعادتك في الدنيا والآخرة، فصبرك على ردود أفعالهم فيه خير كثير -إن شاء الله-، وهذا في حد ذاته امتحان واختبار فلا بد من التفكير في اجتيازه.

أما موضوع العزلة فنقول لك: الحاجة أم الاختراع، فحاولي البحث عن المراكز الإسلامية في ذاك البلد واتصلي بهم، وتعرفي برامجهم ونشاطاتهم، وماهي الأعمال التطوعية التي يمكن أن تشاركي فيها؟ فربما يفيدك هذا في القضاء على العزلة، ويتيح لك فرصة للتعارف وتكوين الصداقات مع الصالحات -إن شاء الله-.

أما ما رأيته في المنام، فأنقل إليك هدي الني -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع الرؤيا والحلم الموجود في الفتوى رقم (936) في موقع الشبكة الإسلامية، وهي:

"اعلم وفقك الله تعالى لما فيه الخير أن الرؤيا تسر ولا تضر -إن شاء الله تعالى-، فإذا رأيت أمرا ما تكرهه، فإن عليك ألا تحدث به أحدا، وتستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وتتفل عن يسارك ثلاث مرات، وإذا رأيت ما تحب فحدث به من تحب، لما روي البخاري في صحيحه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلما يخافه فليبصق عن يساره، وليتعوذ بالله من شرها فإنها لا تضره" وروى أحمد في مسنده عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها، فإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد فإنها لا تضره."

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات