السؤال
السلام عليكم
أشكركم على هذا الموقع الرائع، الله يعطيكم العافية، وأسعد الله صباحكم.
تقدم لخطبتي ابن عمي، لكنني في حيرة من أمري، هل أوافق أو لا؟ استخرت ولم أشعر بالضيق.
علما أن ابن عمي لم يدرس، لم يدخل المدرسة أساسا، لا يعرف القراءة ولا الكتابة، واكتشفت أيضا أنه يتعلم السواقة حاليا، وظيفته ليست ثابتة ومتدنية، ويوجد لديه سكن ولا يحتاج إلى إيجار أو تكاليف، وأيضا يتمتع بالأخلاق والطيبة، وهو بعمر 26، علما بأنني أبلغ من العمر 23، ومؤهلي بكالوريوس إدارة أعمال، وأنا اجتماعية، وهو عكس ذلك.
تمت الرؤية الشرعية بيننا، وشعرت بالراحة جدا، ولكن الوساوس تجعلني في حيرة! من حيث اختلاف التفكير بيننا، هل سأتقبله؟ هل بإمكاني أن أجعله يدرس؟! هل نستطيع التفاهم وحل المشاكل بيننا فيما بعد؟!
كذلك حياتي مترفة عند أهلي ولله الحمد، لا أعلم هل يمكنني تقبل الوضع فيما بعد أو لا؟ وعندما أسمع عن واحدة غيري كان نصيبها جيدا أتردد كثيرا، ليس حسدا أو غيره، فقط تردد.
أشعر بحيرة وتشتت، فجزء مني موافق والآخر يرى الجانب المادي والحياة بشكل عام.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Smr حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابنتنا في الموقع، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، ونحب أن نؤكد لك أن الارتياح والانشراح الذي حصل بعد النظرة الشرعية قاعدة مهمة، ينبغي أن نبني عليها، خاصة وقد أشرت أن الرجل صاحب أخلاق وطيبة، وأنه ابن عم – قبل ذلك وبعد ذلك – فهو ممن سيعرف قدرك ومقدارك.
ونحب أن نؤكد لك أن الشهادات والمستويات العلمية هي من العوامل المساعدة فقط، وأن المرأة تحتاج في الرجل أن يكون كامل الرجولة، وعنده قدرة على تحمل المسؤولية، ويجيد التواصل مع من حوله، وتستطيع المرأة العاقلة – من أمثالك – أن تؤثر على زوجها وتطوره وتجعله يتقدم.
نحب أن نؤكد أيضا أن النضج الذي يكون عند الرجال أو يكون عند النساء ليس بمقدار دراستهم، ولكن بمقدار فهمهم وحسن تربيتهم، وكلنا يعلم أن أجدادنا والجدات لم يكونوا متعلمين، لكن كانت عندهم مهارات عالية جدا في التواصل، وفي الحياة، وفي النجاح، وفي تفهم الأمور، وفي معرفة الأصول، وفي طرائق التعامل، وفي التعامل مع الجيران والأهل، إلى غير ذلك.
يتضح من هذا المعنى أن هذه الأشياء لا ترتبط بالشهادات ولا ترتبط بالدراسات، فكثير ممن درس هو معاق اجتماعيا، لا يقدم ولا يؤخر، ولا يعرف مهارات الحياة.
نعتقد أن ابن العم الذي طرق بابك يعرف مقدارك ويعرف دراستك ويعرف مكانتك، ومن الضروري أن يكون على اطلاع على أسلوب حياتك، هذه كلها أشياء سيسعى في توفيرها ويجتهد في إسعادك، فاجتهدي في إسعاده.
لذلك نحن لا نرى الرفض، ونحب أن نؤكد أن مثل هذه الأمور العائلة جميعا ترغب في مثل هذا الرباط، فأنت لا ترتبطي به فقط، وإنما هي أشياء توثق بين البيتين وبين الأهل، وتجمع هذه المشاعر النبيلة، فقدمي هذا الجانب، هذا من وجهة نظرنا.
أنت يبدو أنك ارتحت لأمور كثيرة فيه، ولذلك أرجو أن تنمي الإيجابيات، واعلمي أن المرأة التي تجد إنسانا متعلما ليس من الضروري أن تكون سعيدة؛ لأن السعادة لا ترتبط بهذه الأمور، بل الدراسات تثبت أن المتعلمين والمتعلمات أقل من الآخرين حظا في سعادتهم في داخل بيوتهم، ولذلك السعادة لا ترتبط بهذه الأشياء، وإنما ترتبط بالدين والأخلاق، ترتبط ببعد الإنسان عن المنكرات، وبحرصه على رضا رب الأرض والسموات، ترتبط بالبيئة التي تربى فيها وتفهمه لاحتياجات الزوجة وتفهمه لدوره ومسؤوليته وتحقيقه للقوامة على القواعد والضوابط التي جاءت بها هذه الشريعة.
نحب أن نؤكد أن الوضع بالنسبة لك مكشوف، فبيت العم معروف، وسيكون هو متأثرا ببيئته وبأهله، ومنهم الأسرة التي تنتسبين إليها، فهو منك وأنت منه.
لذلك نتمنى أن يكون هناك سعي في إكمال المشوار، وأن يكون منك تشجيع له في أن يطور من نفسه، وأن يبدأ يتعلم، وكل ذلك بالترغيب وليس بإشعاره أنك أعلى منه وأنك متعلمة، وأنك لا تقبلين به إلا متعلما.
نحن نعرف كثيرا من النساء من الأقرباء ومن غيرهم، ومن الاستشارات التي مرت بنا كيف أن نساء فاضلات رفعن من شأن الأزواج علميا واجتماعيا ونفسيا وفي كافة الجوانب، فالمرأة لها تأثير كبير، ومثلك المتعلمة العاقلة تؤثر أيضا على زوجها، وتدفع به إلى معالي الأمور، ونعتقد أن التعليم وطلب العلم ليس له حد، فهناك من يبدأ بعد هذه المراحل فيتعلم حتى يبلغ درجات علمية عالية، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهداية.