السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
في يوم من الأيام بينما كنت أصلي صلاة الوتر في آخر الليل برمضان أحسست بحرارة خلف رأسي، وانتابني شعور بالموت، ففزعت وخفت، وتركت الصلاة، وذهبت أصرخ من الخوف، ومن حينها أشعر بالخوف والهلع من الموت، وأنه يطاردني أينما ذهبت، وصارت حياتي غير مستقرة، ولا أقبل أحدا يرفع صوته، ولا أريد سماع القرآن، حتى الصلاة لا أستطيع أن أصليها، وأخاف وأنا أصلي، وأحاول أن أنتهي من الصلاة بسرعة، وأحيانا أقصر من الصلاة.
أشعر بأني أعيش حياة غير طبيعية، وأحس بعدم الوجود وينتابني الكثير من الخوف من الموت، وصرت لا أحب الذهاب إلى أي مكان حتى المسجد، وأشعر بالاكتئاب، ولا أريد سماع أحاديث عن أشخاص ماتوا، وأخاف منها وأشعر بالخوف أكثر لو سمعت أن فلانا أو شخصا مات، وخاصة لو كان موته فجأة، أو كان شابا.
لقد أصبحت حياتي عذابا أعيشها، وكأنني ميت غير موجود، ولكن العذاب الذي أعيشه هو ما يؤكد لي أنني ما زلت على قيد الحياة.
وقد مرت عدة سنوات على هذا الحال، ثم شفيت منها بدون علاج، ولكن فجأة وبعد مدة من الزمن، وأنا أصلي صلاة المغرب رجعت نفس الحالة، وأنني سأموت وأتصرف تصرفات غريبة، وأقول: (لا يا رب) وأستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، حتى وقت الأكل والاستحمام أخاف من الموت، وكأن هناك شيئا حولي، وحتى السفر لا أريد أن أسافر، والجو أصبح متغيرا من حولي، وأشعر بالضيق والكآبة.
أقول أحيانا أن هناك أحدا عمل لي شيئا أو أنني محسود، أو أن عينا أصابتني.
أصبحت شارد الذهن والفكر، وعصبي المزاج، أحاول جاهدا أن أخرج من حالتي هذه، وأستقر بعض الشيء، وأنسى ما أنا فيه، ولكن سرعان ما تعود الهواجس والمخاوف والوساوس.
ملاحظة: أستخدم حاليا دواء سبراليكس 20 مليجرام من تأريخ 10/10/2013.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdulwahab حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
كثيرا ما تنتهي نوبات الهلع والفزع بأن يصاب الإنسان بعرض واحد وهو الخوف من الموت، وهذا النوع من الخوف نعتبره خوفا مرضيا، ولا علاقة له بدرجة إيمان الشخص، وأرجو أن أطمئنك - أيها الفاضل الكريم - في هذا السياق، ولا أريدك أبدا أن تشكك في إيمانك وتوكلك وتقيم شخصيتك بأنها ضعيفة، أو شيئا من هذا القبيل. هذا نوع من الفكر الوسواسي القلقي الذي يتسلط على الناس، وقطعا العلاج الدوائي سوف يساعدك.
السبرالكس من أفضل أنواع الأدوية الفاعلة الممتازة، وألاحظ أنك قد بدأت بجرعة كبيرة نسبيا، وهي عشرون مليجراما، ما دمت قد تحملتها هذا أمر جيد، استمر عليها على الأقل لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، وأنا على ثقة تامة أن هذا الدواء سوف يفيدك كثيرا.
قطعا إذا قابلت أحد الأخوة الأطباء النفسيين هذا سوف يكون فيه فائدة كبيرة وكثيرة لك، ويجب أن تتبع إرشاداتها أكثر مما تتبع ما ذكرته لك حول الدواء؛ لأنه قطعا - أي الأخ الطبيب - في وضع أفضل مني، حيث إنه قام بمناظرتك مباشرة.
عموما هذه الحالات شائعة، وهي ليست خطيرة، وعليك أن تصرف انتباهك عنها، بأن تكون فعالا في حياتك، لا تترك مجالا للفراغ؛ لأن الشيطان يتسرب إلى النفوس من خلال الفراغ، وكن -أخي الفاضل - ذو عزيمة وقناعة عالية بأن أمر الموت لا دخل للإنسان فيه أبدا، والخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان ولا ينقص منه شيئا، والإنسان الكيس يعمل لما بعد الموت؛ لأن الموت قضية وأمر حتمي ولا شك في ذلك.
أحد الفلاسفة من غير المسلمين ذكر أمرا أعجبني كثيرا، وهو قوله: إنني لا أستطيع أن أدير أمر الموت، ولكني أستطيع أن أدير حياتي، فلماذا لا أكون فعالا ومستمتعا بحياتي؛ لأنها تحت سيطرتي وإدارتي، أما أمر الموت فهو ليس تحت إدارتي، وليس تحت إرادتي، فلماذا أشغل نفسي به.
هذا كلام جيد، لكن نحن المسلمين نشغل أنفسنا بأمر الموت على الأسس الشرعية، ونعمل لما بعد الموت.
هذا يا أخي الكريم هو الذي أنصحك به، وأرجو ألا تعطل حياتك أبدا، الفعالية مطلوبة في الحياة، اذهب إلى عملك، اذهب إلى المسجد، قم بزيارة أرحامك، أصدقائك، شارك الناس في مناسباتهم، اخرج من هذه القوقعة، ولا تكن أبدا مستعبدا للمخاوف، اخترقها، اهزمها، اكسرها، فهي هشة جدا؛ هذا قائم على التجربة والدليل العلمي.
وانظر علاج الخوف من الموت سلوكيا: (261797 - 272262 - 263284 - 278081).
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.