أعاني من أرق مزمن، فهل هناك علاج آمن لا يؤثر على الحمل؟

0 810

السؤال

السلام عليكم..

أنا أبلغ من العمر 25 سنة، جامعية، وغير موظفة، أعاني من الأرق منذ عدة سنين، وأصبحت أفكر في النوم كثيرا، كيف سأنام؟ وهل سأنام الليلة أم لا؟ وأحيانا أبقى لمدة يومين لا أستطيع النوم، وأحيانا أنام بعد التقلب لمدة ست أو سبع ساعات، مما سبب لي الضيق وعدم الشعور بالسعادة.

بدأ الأرق عندما كنت في المرحلة المتوسطة، حيث انتقلت من قريتنا إلى المدينة، أي إلى مجتمع آخر غير مجتمع قريتنا الذي تعودت عليه، وكنت متخوفة من ذلك، وفعلا كان مجتمعا مختلفا، وكنت أرى مشاجرات أمامي في المدرسة، وكنت أخاف من أن يأتي يوم وتحصل معي مشاجرة، ولكني اجتزت ذلك، وعندما اقتربت من دخولي للمرحلة الثانوية، أصبحت أخاف من المرحلة القادمة، وبدأ القلق والأرق معي أول مرة، وكنت لا أنام جيدا، وكثيرة التفكير في المرحلة القادمة، وبقيت على هذا الحال إلى أن دخلت المرحلة الثانوية، واكتشفت بأن كل مخاوفي ليست في محلها، وكانت تلك السنة جميلة بالنسبة لي، وكنت سعيدة فيها، وذهب عني الأرق.

وعندما انتقلت للصف الثالث، عاد إلي الأرق من دون سبب، وأصبحت لا أفكر إلا بالنوم، وزاد علي الأرق أيام الاختبارات، ولكنني - والحمد لله - تخرجت من الثانوية بتفوق، ودخلت الجامعة، ومع ذلك فأنا لازلت أعاني من الأرق، والذي يزداد علي أيام الاختبارات، وفي آخر سنة في الجامعة لم أعد أتحمل الأرق، حيث أنني بقيت ثلاثة أيام بلا نوم.

عندما كنت في أيام الاختبارات، ذهبت إلى استشاري مخ وأعصاب، وليس طبيبا نفسيا، ولقد صرف لي حبوب فافرين 50 ملج، مع حبوب منومة لا أذكر اسمها، وطلب مني أن أقوم بإيقاف الحبوب المنومة بعد 10 أيام، وفعلا أوقفتها، واستمررت على الفافرين لفترة وتحسنت، ثم أوقفتها، وبعد ذلك أصبحت تأتي نوبات الأرق متقطعة، فأحيانا أنام جيدا، وأحيانا أشعر بالأرق وعدم القدرة على النوم لمدة يومين، وبسبب ذلك أكون مرغمة للرجوع لآخذ الفافرين، فإذا ما تحسنت تركتها وهكذا.

وكنت أقول في نفسي: إذا انتهيت من دراستي سوف يذهب عني الأرق، وانتهيت من الدراسة - والحمد لله -، وأصبحت أستعد لتحضيرات الزواج، وتزوجت - بفضل الله - من رجل جيد، وأكملت دراساتي العليا، ولكن نوبات الأرق لا تفارقني، وقررت ألا أتناول الفافرين عندما أشعر بالأرق، لأنني أفكر بالحمل.

أصبحت أشعر بالكآبة، وعدم الاستمتاع بالحياة بسبب الأرق، وتعبت من التفكير في النوم، والخوف من عدم النوم، وأصبحت أفكر كيف سأتحمل الأرق وأنا حامل؟ وكيف سأتحمل الوظيفة إذا رزقت بوظيفة؟ وكيف سأربي أبنائي مستقبلا؟

قرأت عدة استشارات لك عن الأرق، ووصفت لهم (انافرانيل )، وأنه آمن على الحمل، وارتحت عليه، وفعلا كان رائعا من أول حبة أخذتها، حيث شعرت بالنوم، فتناولته لمدة 10 أيام، ولكن للأسف أحسست بأنه قلل الرغبة الجنسية لدي، وبعد ذلك عرفت بأنه فعلا له أثر على الأداء الجنسي فأوقفته، وفكرت بتناول الريمارون، ولكنه يزيد الوزن ولا أريد ذلك.

وقرأت عن دواء تربتزول Tryptizol، والاسم العلمي هو: امتربتلينAmtriptyline، وأنه يحسن النوم، كما أنه مضاد للاكتئاب، وفكرت بأن أتناوله، فهل تنصحني بتناوله؟ وهل هو آمن فيما لو حصل حمل، وهل له أثر على القدرة الجنسية؟

أريد علاجا آمنا مع الحمل، لأنني أفكر بالحمل هذه الفترة، كما أنني أجهضت أكثر من مرة، وأنا عمري 25 سنة، ولا أعلم ما سبب هذا الأرق؟ هل هو قلق، أم وسواس، أم اكتئاب؟

أرجو مساعدتي، وأسأل الله أن يشفيني ويشفي جميع مرضانا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جمانة الصابرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأرق علة منتشرة جدا، وإن كنا لا نشاهدها كثيرا وسط صغار السن، ولكنه موجود، وإن حدث في مثل عمرك، فغالبا يكون مرتبطا بالقلق، أو أن الإنسان قد تعود على عادات نوميه ربما لا تكون سليمة، أو يكون الإنسان لديه نوع من القلق والخوف التوقعي الوسواسي، بمعنى أنه لن ينام نوما سليما نسبة لتجارب سلبية سابقة، ويسير على هذا النمط من التفكير الوسواسي، وأعتقد بأنك تعانين من هذا الأمر، أي القلق التوقعي الذي جعلك تفكرين في النوم أكثر مما يجب، مما قلل رغبتك في النوم، علما بأن النوم هو حاجة بيولوجية غريزية.

أيتها الفاضلة الكريمة:
أنت - إن شاء الله تعالى – بخير، والمطلوب منك هو البحث عن آليات سلوكية تحسن من نومك، وهذه بسيطة جدا، ولكنها تتطلب الصبر والمواظبة.

من الأشياء البسيطة جدا هي:
أولا: تجنب النوم في أثناء النهار، وهذا ضروري جدا.
ثانيا: أن تعبري عن مشاعرك ولا تكتميها.
ثالثا: ثبتي وقت النوم ليلا بقدر المستطاع.
رابعا: كوني في حالة استرخاء ذهني وجسدي قبل النوم، ويفضل ألا تذهبي إلى الفراش إلا إذا أحسست بشيء من النعاس، مع ضرورة تثبيت وقت النوم.
خامسا: تجنبي شرب الشاي والقهوة في فترة المساء، وهذا أمر ضروري، وكذلك الشيكولاتة، والبيبسي، والكولا.
سادسا: الحرص على أذكار النوم.

أعتقد أن هذه الرزمة من الإرشادات، وهي معروفة لجميع الناس تقريبا، ولكن الالتزام بتطبيقها هو الإشكالية، فأرجو أن تكون هذه هي نقطة الانطلاقة الأساسية لديك، بجانب ما ذكرناه سلفا، وهو أن النوم حاجة بيولوجية ولا بد أن تنامي.

يأتي بعد ذلك أمر الدواء:
الإميتربتلين دواء ممتاز، دواء راق جدا، وهو أحد مضادات الاكتئاب القديمة نسبيا، ولكنه يعرف بفعاليته في تحسين النوم، وله بعض الآثار الجانبية البسيطة، مثل:
- الشعور بالجفاف في الفم.
- أو ثقل العينين.
- أو الإمساك، وهذا يحدث في الأيام الأولى من العلاج، ولكن بعد ذلك تختفي هذه الآثار تماما.

فالذي أنصحك به هو:
أن تتناولين الإيمتربتالين لفترة طويلة نسبيا، وأقصد بذلك لمدة ستة أشهر متتالية، تناوليه بجرعة خمسة وعشرين مليجراما، وبعد ذلك اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله، ومن المفترض أن تكون الساعة البيولوجية لديك قد رتبت الترتيب الصحيح الذي يجعلك تنامين دون حاجة للدواء، وهذا الترتيب البيولوجي الصحيح يأتي من خلال التطبيقات السلوكية التي ذكرناها، والاقتناع التام بأن النوم حاجة بيولوجية، وأن تمارسي بعض تمارين الاسترخاء.

بالنسبة لسلامة الأدوية مع الحمل:
قطعا القانون الذهبي الذي يجب أن نتبعه هو: أنه من الأفضل للمرأة ألا تتناول أي دواء في أثناء فترة الحمل، خاصة في مرحلة تخليق الأجنة، وهي الأربعة أشهر الأولى، فلا تتناول المرأة أي دواء إلا إذا كانت محتاجة حقا لهذا الدواء، ووصف من قبل الطبيب المقتدر، والذي يستطيع أن يتابع بالتعاون مع طبيبة النساء والولادة.

بالنسبة للتربتزول:
هو دواء هنالك إجماع تام بأنه سليم في كل مراحل الحمل، وهذا مطمئن جدا، ولكن لا أريدك أن تأخذي هذا الكلام كتصريح كامل بأن تتناولي الدواء دون أي رقابة طبية، لا، فإذا حدث حمل، أرجو أن تذهبي إلى طبيبة النساء والولادة، وتبلغيها بأنك تتناولين هذا الدواء، وذلك بالرغم من سلامته، لأن المتابعة أفضل، فسوف تقوم الطبيبة بمتابعتك بصورة أدق، وهذا هو المطلوب.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ونوما هنيئا، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات