محتارة بين الزواج من رجل يكبرني بكثير أو إكمال دراستي، أرشدوني

0 537

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله العلي القدير أن ييسر أمركم، ويهدي سعيكم، وينير دربكم برحمة منه وفضل، فما تقومون به ذو شأن كبير، فلا أجد أن أقول إلا جزاكم الله خيرا.

أنا فتاة عمري 17 عاما، في الصف الثالث ثانوي، خطبت أكثر من مرة لكني رفضتهم بحجة أني أريد إكمال دراستي، وأني ما زلت صغيرة، لكن تغيرت نظرتي الآن بعد قراءتي استشاراتكم النيرة، والآن تقدم لي شاب في العقد الثالث من عمره، وذكر لي أنه ذو خلق ودين، وأن أهله اجتماعيون جدا، وأنه يدرس مبتعثا في كندا، وأنا ما زلت أدرس بالثانوية، وأريد إكمال الجامعة -بإذن الله-، فأنا مترددة لأسباب منها:

1- لا أعرف إن كان عمره مناسبا لي؟

2- وأهله يحبون الزيارات والمناسبات، وأنا لا أحب أبدا المرأة كثيرة الخروج!

3- وإذا تزوجت، كيف يمكنني أن أوفق ما بين الدراسة وتلبية واجباتي الزوجية؟ وماذا لو رزقت بأطفال -إن شاء الله-، أين أضعهم؟ فأمي مريضة -شافاها الله-، وإن وجدت المكان المناسب أخاف أن يتأثروا بأفكار الناس، إذ أني لا أعرف سلوكيات الناس.

4- وأيضا أحب أن أخصص وقتا لقراءة القرآن الكريم ما لا يقل عن ساعتين، وقراءة كتب الشريعة وكتب عامة في ساعة ونصف -إن شاء الله-، وأيضا -ولله الحمد- أخصص ساعة قبل الفجر لقيام الليل، ولا أتنازل عنها أبدا، فكيف أخبر زوجي بها؟

5- أنا اخترت المجال العلمي، ولكني لم أكن بالطالبة المجتهدة، فكنت ألعب كثيرا أو بالأصح لم أكن أعلم ماذا أفعل، لم أكن أعلم أني في مفترق طرق، وهكذا ضيعت الكثير من الدرجات، وأنا في غاية الحسرة والحزن على ما فات، وهذا أثر على نسبتي جدا، وإلى الآن أرى أثر تلك المرحلة في حياتي، ولكني مؤمنة بالله، فما زال لدي بقية لأعيد بناء نفسي، وتدارك ما حدث وإن كانت الآثار باقية، فما توجيهكم؟

6- والله يتقطع قلبي حسرة وحزنا على مصاب أمتي، أشعر بأن لي طرف في ذلك، أتقطع ألما عندما أرى الفتيات مضيعات لصلاتهن، أتقطع ألما عندما أراهن متساهلات بالحجاب، عندما يستهزئن بالمحجبات، قد لا أستطيع فعل الكثير الآن لكني أرى أن المستقبل لنا نحن المسلمين، فأريد خطوات عملية أستطيع طلب العلم بها لتقوى حجتي بها، ولأدعو بها إلى الإسلام، لأصبح داعية لهذا النور، ما الذي أستطيع فعله الآن؟ كيف أستطيع أن أكون داعية صغيرة حتى بدون أن أتكلم؟ كيف أستطيع أن أصبر على أذى الناس؟ كيف أكون قدوة لصديقاتي ولأخواتي؟ إذ أنني دائما ما أجد نفسي ضد أفكارهن، أريد أن أعيد للإسلام مجده وقوته وغلبته، أريد أن تدوي أسماء علمائنا في كل مكان، فعلمائنا في كل مجال بذرة نور، ثم ضيعناها نحن، وأتى هؤلاء وادعو أن لهم الفضل فيها، كم يؤلمني هذا، يا ربي لطفك ورحمتك.

أخيرا: لا أدري كيف أعبر عما أشعر به، فقلبي يحترق ألما وحسرة، فأنا أجد نفسي مقصرة دوما من ناحية صلتي بربي، وفوق هذا كله يأتيني شعور بالرياء، وأحيانا بالازدراء، وهذا ما يزيد من ألمي ومصابي، فتجدني أحافظ على صلاتي فترة ثم أتهاون، أقوم الليل ثم تأتي علي أيام أتكاسل حتى لا يبقى شيء على صلاة الفجر، فأقوم وأصلي بلا خشوع، كما أني فقدت ما أجده من لذة في الصلاة، افتقدت تلك الدمعة الصادقة، افتقدت ما أجد بعدها من راحة لا يعلمها إلا الله، إنني غارقة بالذنوب، فما السبيل للنجاة؟

هذا ما استطعت أن أكتبه لكم من الأسئلة التي تجول في خاطري نظرا لانشغالي، وأعتذر على إسهابي في الكلام، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونعلن فخرنا بك وبأمثالك من الصالحات ممن يحرصن على رضا رب الأرض والسموات، ويخصصن لحظات قبل الفجر للتقرب لمن يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء سبحانه وتعالى، ونشكر لك أيضا حسن المتابعة لموقعنا والتأثر باستشارات الموقع، وهذا الموقع في الحقيقة منكم وإليكم.

ونحب أن نؤكد لك فعلا أن من سعادة الفتاة أن تدخل إلى بيت الزوجية مع زوج محب، يعينها على الطاعة وتعينه على أمر الله تبارك وتعالى، ونحب أن نؤكد أنه لا إشكال في فرق العمر أبدا، وأن الدراسة لا تحول بين الإنسان وبين الزواج، خاصة من طالب يدرس في الخارج، فهو بحاجة إلى الدراسة، وبحاجة إلى أن تكون الزوجة أيضا مواصلة لدراستها ولتعليمها.

أما بالنسبة لطفل المستقبل، فلا تغتمي ولا تهتمي لأمره من الآن، فالحافظ هو الله تبارك وتعالى، وإذا وجد مثل هذا الحرص، عندها ستعلمين أين يوضع هذا الطفل؟ وكيف تتعاملين معه؟ وكيف تشكلين له برنامج حماية -بإذن الله تبارك وتعالى-؟

أعجبنا وأسعدنا أيضا هذا الحرص على الخير، هذه الرغبة في أن ينتصر الدين وينتشر، هذه الرغبة في أن يعلو صوت الدعاة إلى الله تبارك وتعالى، ومثلك تؤثر على زميلاتها، لأن الشباب يأخذ عن الشباب، والفتيات يأخذن عن الفتيات، وأنت تستطيعين أن تكوني داعية بسمتك وأخلاقك، وابتسامتك وحسن تعاملك مع الزميلات، لأن هذا مؤثر جدا فيهن، وهن في حاجة فعلا إلى من يأخذ بأيديهن في هذا الزمان الذي أحاط به الشر، ودخلت فيه وسائل الشر إلى البيوت وإلى الحقائب والجيوب، ولا عاصم من أمر إلا من رحم.

ولكن مع هذا لا نملك نحن في ميدان الدعوة إلا أن نبذل مجهودنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك في الجهود، وأنت -ولله الحمد- داعية، والداعية لا يقول: (ما بال الدنيا مظلمة)؟ لا يقول: (هلك الناس) لأنه يخشى أن يكون أهلكهم أو أهلكهم، ولكن حسب الداعية أن يقول: (ها أنا ذا معي مصباح)، وحسب المصباح أن يقول: (ها أنا ذا مضيء)، ولأن يضيء الإنسان شمعة خير من أن يعلن الظلام، فكوني إيجابية دائما في الدعوة إلى الله، بتمثل هذا الدين العظيم، بعرضه للصالحات، واجتهدي في تنظيم وقت الدراسة، وأعجبنا هذه الثقة في قدرتك على تدارك ما فات، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى، ويحتاج منا إلى عزيمة، فاصدقي في عزيمتك، واعلمي أن الله معك، وأن الله سيؤيدك، وأن الله سيأخذ بيدك.

نسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية، وأن يلهمك السداد والرشاد، ونتمنى أن نراك في أحسن وضع، ولا نرى أن تفرطي فرصة هذا الشاب المناسب صاحب الدين، صاحب الأسرة الاجتماعية، وهذا أيضا يتيح للإنسان ميدانا للدعوة والصلات، وعندها سيعذرك الزوج وأهله من المسؤوليات إذا كانت لديك دراسة، أما إذا لم تكن لك دراسة، فإن المؤمنة التي تخالط الناس وتصبر على أذاهم، وتقدم لهم الدعوة إلى الله، خير من التي لا تصبر ولا تخالط، ولا تدعو إلى الله تبارك وتعالى، ونبشرك أن دين الله لا بد أن ينتصر، وأن على الدعاة أن يؤدوا ما عليهم، وأن الهداية بيد الله تبارك وتعالى القائل: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} ولكن المؤمن قد يكون أمة وحده بالتزامه وتمسكه بهذا الدين، فكيف إذا كنا في زمان فيه الصالحات بالملايين؟ وصالحين كذلك بالملايين، وما علينا إلا أن نعمل وندعو، وما علينا إلا البلاغ المبين.

نسأل الله الهداية والتوفيق للجميع.

مواد ذات صلة

الاستشارات