ابنتي تعيش عزلة وصمتا مطبقا... فما العلاج؟

0 294

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعادة الدكتور الفاضل: محمد عبد العليم... سلمه الله.

ابنتي عمرها 19 سنة, لا تعاني -ولله الحمد- من أي أمراض عضوية أو جسدية, ولكن مشكلتها أنها دائما صامتة, وساكنة, ولا تبدي رغبتها أو رأيها أو مشاعرها في أي شيء, وهذه الصفات كانت موجودة بها منذ طفولتها المبكرة, ولا تزال حتى الآن.

دخلت المدرسة وتدرجت بدراستها بشكل جيد, حتى وصلت للمستوى الثانوي, بعدها اعتراها نوع من الإهمال وعدم الاجتهاد, وصل بها الأمر لقطع الدراسة.

جلست أنا معها عدة مرات لمعرفة مماذا تعاني, وما سبب تركها للمدرسة, ولكنها لم تفصح عن أي شيء, وطلبت مني أن أنقلها إلى مدرسة أخرى وقد فعلت, إلا أنها توقفت عن الدراسة مرة أخرى, ثم طلبت مني مرة أخرى أن أنقلها إلى مدرسة أخرى ونقلتها إلى مدرسة أخرى, ولم تستمر.

أخيرا تركت المدرسة وجلست في البيت, ولها الآن ثلاث سنوات جالسة في البيت, وعندما أحاول أن أتلمس مشكلتها وأسألها عن مشكلتها تبكي وتقول لا يوجد مشكلة, لا شيء, أنا طبيعية, وهي الآن دائما منغلقة على نفسها في غرفتها أمام جهاز الكمبيوتر, وليس لها أي وجود في الحياة اليومية للأسرة, ولا حتى صوت, وكأنها ليست على قيد الحياة.

هي -ولله الحمد- تأكل جيدا, وتنام جيدا, وتهتم بنفسها, ولا ترى أحلاما مزعجة, ولكنها فقط دائما صامتة (صمتا مطبقا) ومنغلقة على نفسها في غرفتها, ولا تجلس مع أحد, ولا تطلب أي شيء.

آمل من سعادتكم تشخيص حالتها, وهل تحتاج إلى دواء نفسي؟ وما هي الطريقة؟

وجزاكم الله ألف خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لابنتك العافية والشفاء.

ابنتك الفاضلة هذه قطعا تحتاج ليس إلى دواء نفسي، إنما أولا لتقييم نفسي كامل وشامل، هذه هي الحقيقة والنصيحة التي أود أؤكد عليها بداية.

الأمر الآخر وهو الضروري جدا: مثل هذه الحالات دائما التدخل الطبي النفسي المبكر فيها أفضل، أما تأجيل الأمر والتأخر في مقابلة المختصين ربما يجعل عملية التأهيل العلاجي بالنسبة لها أكثر تعقيدا، وكما تعلم الآن الطب النفسي تقدم جدا، وتوجد وسائل علاجية ممتازة، لكن العلاج الصحيح لا يقوم على التشخيص الصحيح.

ونحن هنا من خلال خدمات إسلام ويب قطعا نريد -إن شاء الله تعالى– أن نسهل على الناس بما نستطيع، لكن قطعا ليس من الحكمة أن نصف علاجا دون أن نصل إلى التشخيص, هذا ليس ضعفا في الآليات الفنية الموجودة لدى الموقع والاستشاريين، لكن بعض الحالات بطبيعتها تحتاج إلى المقابلة المباشرة, وإجراء بعض الفحوصات النفسية, وكذلك المخبرية الضرورية.

فإذا يجب أن تذهب بابنتك إلى الطبيب النفسي، والحمد لله –كما ذكرنا– الإمكانيات في المملكة العربية السعودية هائلة جدا.

وحتى نجعلك على إلمام بالاحتماليات التشخيصية –وهي كثيرة– أقول لك: هذه الفتاة –حفظها الله– ربما أنها تعاني من نوع من الخجل والانطوائية المتجذرة في شخصيتها، أو أنها ربما تعاني مما يسمى بالخوف الاجتماعي أو أنها ربما تعاني من نوع من الاكتئاب النفسي, هذه كلها احتماليات -أيها الأخ الفاضل الكريم–.

وهنالك أيضا احتمالية أخرى وإن كانت ضعيفة، لكن الأمانة العلمية تقتضي أن أذكرها، وهي أن بعض أنواع الاضطرابات الذهانية قد تظهر في هذه الشاكلة، وعلاجها -إن شاء الله تعالى– متيسر، المهم هو أن نصل إلى التشخيص الصحيح، ولا بد أن تجرى لها فحوصات، خاصة على مستوى الهرمونات الجسدية.

فيا أخي الكريم: تقدم مباشرة واذهب بابنتك إلى الطبيب، ولا أعتقد أنكم في نطاق الأسرة سوف تعرفون ما هي مشكلتها، وليس من الضروري أن يكون لديها مشكلة أبدا، نحن نعتبرها من أسعد الناس في أفضل البيوت وتم تنشئتها تنشئة صحيحة، هذا كله -إن شاء الله تعالى– متوفر.

هذه الأمراض أحيانا تكون أمراضا بيولوجية، أي أنها ناتجة من اضطراب بعض المركبات الهرمونية الموجودة في الجسد، وهنالك مواد تسمى بالموصلات العصبية، وهي نوع من الهرمونات أو الأنزيمات أو المركبات التي تفرزها خلايا معينة في الدماغ، هذه المواد أو الموصلات العصبية هي التي تتحكم في مزاج الإنسان وفي سلوكه لدرجة كبيرة وفي بناء شخصيته ومقدرته على التفاعل الوجداني والنفسي.

فإذا الأخذ بالنسق العلمي سوف يفيد هذه الابنة كثيرا، وأنا متأكد أنك سوف تأخذ بنصيحتي أيها الأخ الفاضل.

أسأل الله لها الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات