السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في البداية تمنيت كثيرا قبل ذلك أن أطرح عليكم أي سؤال مخصوص أن أثني على جهودكم العظيمة, ويعلم الله كم استفدت من هذا الموقع الرائع, جعل الله كل ما تقدمونه من خير في ميزان حسناتكم, وأدخلنا وإياكم الفردوس الأعلى.
ولكن للأسف لم أكن أتوقع أن السؤال الأول الذي أكتبه في هذا الموقع عن أختي التي تعاني الأمرين كل يوم, وأسأل الله عز وجل أن يلهمكم التشخيص الصحيح للحالة التي سأسردها عليكم الآن, وأعتذر إليكم عن الإطالة, ولكن لا بد أن تكون الحالة واضحة تماما أمامكم, وبالمناسبة كل ما كتبته من بيانات من وزن وطول وفصيله دم.. الخ، يخص أختي.
أختي كانت تعاني منذ حوالي العامين من دوار خفيف (دوخة) تأتيها من حين لآخر, وكان يصاحب هذا الدوار زغللة خفيفة في العين, ورعشة في اليدين فقط, وكانت تحاول حينها أكل أي شيء خفيف, حتى ولو خبزا, إلى أن تحسن هذا الدوار.
ذهبت للعديد من الأطباء, ومللت كثيرا من الذهاب إليهم؛ لأن كل طبيب منهم يطلب منها أدوية وصور أشعة غير الآخر, وكل منهم يشخص مرضها بشكل مختلف عن الآخر, ولا أبالغ إن قلت ذهبت لأكثر من (50) طبيبا خلال السنتين وبدون جدوى.
ورغم ذلك الوضع تحول الوضع من سيء إلى أسوأ, وأصبح الدوار أقوى بكثير, إلى درجة أنه وصل إلى مرحلة الإغماء لعدة ثوان, ولا تستطيع خلالها الوقوف على قدميها, وإن كانت نائمة تشعر أنها ستسقط من على السرير, فتستيقظ مرعوبة, والأسوأ من ذلك أن هذا الدوار يصاحبه رعشة داخلية في جسمها كله, بعد أن كانت يدها فقط, ولكن هذه الرعشة لا تظهر لمن ينظر إليها, فهي فقط من تشعر بها, والأسوأ من هذا كله أن الزغللة تطورت إلى أن أصبح نظرها يذهب تماما أثناء الدوار, ولا تتذكر أي شيء حدث خلال غيابها عن الوعي في تلك الثواني.
قالت لي أنها تشعر حينها وكأن رأسها فارغ, غير أن الحالة لا تأتي لها في أوقات معينة, فسواء أكلت بشكل جيد أم لم تأكل, وسواء كانت نائمة أم لم تنم؛ تأتي لها هذه الحالة فجأة, رغم أنها -ما شاء الله- نشيطة, وتقوم بالكثير من الأعمال في المنزل.
ومن الجدير بالذكر أن أختي مصابة منذ فترة كبيرة -قبل حتى حالة الإغماء تلك- بالجيوب الأنفية, وحاليا تشعر أحيانا أن كلتا أذنيها مسدودة, ولا تشعر أن هذا الانسداد قد انتهى إلا عندما تتثائب.
وأيضا هي تعاني أغلب الوقت من الصداع, ومنذ مدة طويلة قد تصل إلى الـ 7 سنوات, وسبق وذهبت لطبيب الأنف والأذن والحنجرة منذ عدة أشهر, وأعطاها بخاخا خاصا بأنفها, وبالفعل كان الصداع ينتهي تماما بعد استخدامها لهذا البخاخ في أقل من خمس دقائق, ولكن أصبح البخاخ للأسف عديم الجدوى, وعادت لتشتكي من الصداع مجددا.
مع العلم أيضا أن حالتها النفسية سيئة أغلب الوقت, وكثيرا ما تثور أعصابها وتتشاجر بسب بعض المشاكل مع زوجها, ولا أعرف هل لحالتها النفسية علاقة بالإغماء وما يصاحبه من أعراض والصداع المزمن هذا أم لا؟
في انتظار ردكم وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، وعلى كلماتك الطيبة، وكذلك على اهتمامك بأمر أختك التي نسأل الله لها الشفاء والعافية.
وجود الدوخة والدوار كعرض أساسي من أكثر الأشياء التي تحير الأطباء، والذين يشتكون منها فيما يخص التشخيص، ولذا تجد أن الذين يعانون من هذه الحالة يتنقلون من طبيب إلى طبيب -كما حدث في حالة الفاضلة أختك– وهذا في حد ذاته يسبب الكثير من الملل.
هنالك أشياء معينة يجب الاهتمام بها والتركيز عليها في مثل حالة أختك.
أولا: هذا النوع من الأعراض مزعج ولكنه ليس خطيرا، ولا يدل -إن شاء الله تعالى– على وجود علة مستعصية.
ثانيا: أفضل فرصة طبية تتاح لأختك هي من خلال فحصها ومناظرتها من خلال لجنة طبية تتكون من طبيب الأنف والأذن والحنجرة، وطبيب الأعصاب، والطبيب النفسي.
هذا هو الوضع المثالي والأحوط والأفضل والأجود، والذي يأتي ثماره -إن شاء الله تعالى– ويعود على أختك بخير كثير.
التشاور ما بين الأطباء في عيادات مشتركة هي ظاهرة توجد في المؤسسات الصحية الراقية، ومثل هذه اللجنة التي نشير إليها حتى وإن لم تتشكل بالصورة المثالية التي تحدثت عنها –وهي أن يلتقي الأطباء مع بعضهم البعض– يمكن أن تكون في صورة تواصل مباشر بين الأطباء الذين ينتمون للتخصصات الثلاثة التي ذكرتها.
هذا هو الوضع الأفضل والوضع الأمثل للدخول في حالة علاجية حقيقية بالنسبة لأختك.
أنا أرى أن أعراضها قد تكون مرتبطة بالأنف والأذن والحنجرة، لكن من الضروري أيضا أن نتأكد من مستوى نشاط كهرباء الدماغ، وأنا متأكد أن كل هذه الاحتمالات قد وضعها الأطباء، لكن إذا نظر إليها بعمق وتعدينا مرحلة الفحوصات إلى مرحلة العلاجات الحقيقية حتى وإن كانت تجريبية ستفيد أختك -إن شاء الله تعالى-.
الجانب النفسي موجود لكن هل هو السبب؟ أم هو النتيجة مما تعاني منه أختك؟ كلا الاحتمالين ممكن وجائز، أي أن حالة القلق والتوتر أدخلتها في هذه الأعراض، وأصبحت هذه الأعراض نفسوجسدية، بمعنى أن منشأها نفسي، لكنها تظهر في شكل أعراض جسدية، أو ربما تكون الأعراض عضوية ناتجة (مثلا) من التهاب شديد في الأذن الداخلية، ونسبة لعدم وضوح هذه الأعراض وما تسببه من إزعاج دخلت أختك الكريمة في حالة من القلق والتوتر, هذه احتمالية.
والاحتمالية الثالثة هي أن الحالة بدأت كحالة عضوية ثم أتى الجانب النفسي، وبعد ذلك أصبح الجانب النفسي يزيد من الوضع العضوي لأختك.
هذا من المنظور النفسي، والذي أراه أن أختك سوف تستفيد كثيرا من بعض العلاجات كمضادات القلق والمخاوف، عقار (سبرالكس) ويسمى علميا (إستالوبرام) أراه سيكون مناسبا جدا، وقطعا طبيب الأنف والأذن والحنجرة لا بد أن يكون أعطاها عقار (بيتاسيرك) وهنالك أيضا من يلجأ للأدوية العلاجية مثل (النتروبيل).
إذا موضوع اللجنة الطبية هو الأمثل، وهنالك جانب مهم –أيا كان مصدر هذه العلة– يجب أن تعيش أختك حياة طبيعية، والحمد لله هي تعرف أهمية الفعالية خاصة فيما يخص إدارة بيتها، وأن لا تعامل نفسها كمعطلة أو معاقة، فهي ليست معطلة وليست معاقة، وهذا النوع من الجهد والاهتمام الحياتي وتطوير المهارات يصرف انتباهها كثيرا عن أعراضها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.