السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابنتي عمرها 6 سنوات، في طفولتها تعرضت لضغوط كثيرة، تنقلات، واغتراب خارج البلد لظروف عمل زوجي، فكنت أغضب عليها كثيرا، خاصة مع الأكل وأجبرها على تناوله، فقد كانت ولا زالت بطيئة جدا في أكلها.
مع العلم أنها لا تعاني من مشكلة صحية -ولله الحمد-، أحيانا كنت أضربها، وأحيانا كنت أحرمها من الأشياء التي تحبها، وأحيانا لا أكلمها، لكن في جميع الأحوال قبل أن تنام أحضنها وأسامحها وأخبرها بأني أحبها.
بعد أن دخلت المدرسة تقريبا منذ سبعة أسابيع، بعد العصر ألاحظ عليها أنها تصفر وتذبل وتبدأ تبكي بدون سبب، وتمتنع عن تناول العشاء، في بداية الأمر غضبت عليها وأجبرتها، فكانت تستفرغ، تركتها بدون عشاء لكن قلبي لم يطاوعني، فهي تعيش فقط على وجبة الغداء والإفطار، أهملتها وأشعرتها أن الأمر لا يعنيني، لكنها إلى الآن لا زالت لا تأكل شيئا من بعد العصر سوى الماء، تحدثت معها أني لن أجبرها لكن أتمنى منها أن تأكل ما تريد، شجعتها لتطبخ معي العشاء وتأكل معنا، لكنها رفضت، بمجرد ما تحاول أن تأكل تبدأ بالبكاء والاستفراغ.
مع العلم أنها تحب المدرسة وصديقاتها ومعلماتها، وزرت المدرسة أكثر من مرة وتأكدت بنفسي أن كل شيء جيد، وصحي -ولله الحمد- لا تعاني من شيء.
هذه الحالة كانت معها منذ عمر 6 شهور، ألاحظ عليها من المغرب تبدأ تتضايق وتبكي بدون سبب، واستمرت معها فترة، تظهر أحيانا وتختفي أحيانا أخرى.
كنت أقرأ عليها آيات السكينة والطمأنينة، وتعود بعد فترة بسيطة طبيعية -ولله الحمد-، لكن الآن استمرت معها الحالة فترة طويلة، 7 أسابيع لا تتناول شيئا من بعد العصر، وتشعر بضيق يظهر واضحا عليها، فهل ابنتي تعاني مشكلة نفسية؟ أم تحتاج إلى الرقية الشرعية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على التواصل معنا والكتابة بهذا السؤال، وحفظ الله طفلتك، وأقر بها أعينكم.
تكثر صعوبات تناول الطعام عند بعض الأطفال، وقد يشير هذا لبعض الصعوبات العاطفية، كأن يكون هناك ما يقلقها سواء داخل البيت أو خارجه، ومنه: كثرة التنقل من بيت لآخر، ومن بلد لآخر، فالطفل يحتاج طبعا أن يشعر بالطمأنينة والاستقرار، وكما كثر التنقل والسفر يمكن أن يسبب بعض القلق.
كذلك وجود التوتر الشديد أثناء وجبة الطعام، فالأفضل ألا نجعل وقت تناول الطعام "معركة" بينك وبينها، وعلى العكس المفروض في وقت تناول الطعام أن يكون وقت استرخاء وراحة، وفرصة للحديث بينك وبينها، ولتقوية العلاقة بينكما.
حاولي ومن اليوم إنهاء حالة الجدال والتوتر في أوقات وجبات الطعام، وحاولي أن تعززي عندها ما يمكن أن تفعله من أجل تناول ولو الشيء القليل من الطعام، وستلاحظين أن هذه الكمية بدأت تزداد طالما أن هناك تعزيزا إيجابيا، وقد وجد في الأبحاث النفسية أن التعزيز الإيجابي يؤتي ثماره أكثر بكثير من التعزيز السلبي، نعم، يمكن ألا تتناول إلا القليل في البداية، وهي أصلا لا تتناول إلا القليل، ولكن وبعد أن يتغير الجو العام لوجبات الطعام، يمكن للطفلة أن تأكل حاجتها وزيادة.
وبخصوص ما وصفت من الاصفرار والبكاء والتضايق: فيمكنك أخذ الطفلة لطبيب الأطفال ليقوم بالفحص العام والتأكد من سلامتها، ويمكنه أن يقوم باختبار فقر الدم، الأمر الذي يمكن أن يصاب به الأطفال الضعاف الشهية للطعام، وهناك احتمال كبير ألا يوجد ما يقلق، وأن يكون انزعاجها وبكاؤها مع المغرب ما يسمى في علم الحروب "القصف التمهيدي"، وهي تقوم به تحسبا للجولة القادمة من الشجار حول وقت الطعام.
تحتاج طفلتك أن تشعر بالاطمئنان معك، وهذا لا يأتي من خلال كثرة الجدال معها والغضب، ولو رافقه الاعتذار من بعد، حاولي ولعدة أيام قادمة أن تهيئي وتجعلي وقت تناول الطعام وقتا مريحا لها ولك، ولو كان الأمر في البداية على حساب لقيمات هنا أو هناك.
وفقك الله وحفظ طفلتك من أي سوء.