أعاني من الحبسة الكلامية...فهل من علاج؟

0 419

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع, وجعله في ميزان حسناتكم.

أنا يعمر 19 عاما, متخرج من المرحلة الثانوية, مشكلتي الرهاب أم التأتأة أم الحبسة الكلامية لا أدري, عندما سألت أمي أخبرتني أنها جاءتني في السنة الرابعة من عمري بسبب سقوط من مكان مرتفع, ولم تذهب مني إلى الآن, وهي في ازدياد مستمر.

عانيت معاناة شديدة في فترة الدراسة, والآن رفضت الذهاب إلى الجامعة بسبب هذه المشكلة التي صارت تؤرقني دائما, أشعر دائما أني في يوم من الأيام سأكون نادما لأني تركت الجامعة, ولكن كل ما أذكر هذه المشكلة أقول من الأفضل لي ترك الجامعة والعمل في أي وظيفة, رغم أن درجاتي تؤهلني لدخول أي تخصص أريده.

في المنزل لا أحد يستطيع أن ينافسني في الكلام, فصيح لأبعد الحدود, تظهر نادرا عندما يكون مزاجي سيء, وغالبا عند الحديث مع الوالد, ولكن بعد الخروج من المنزل الكلمات تخرج بصعوبة, وأحيانا أشعر أن النفس ينقطع, وكذلك عندما أشعر أنني سوف أتأتئ أقول اااااا قبل الكلمة, وهذا حقا ما يزعجني, ولكن لا تأتيني أي تشنجات أو عرق أو رجفة.

صرت لا أحب المناسبات العائلية, منعزلا في المنزل أغلب, وقتي يكون ما بين النوم والكومبيوتر, ثقتي في نفسي تكاد تكون معدومة خارج نطاق أسرتي, في المجالس التي أكون مجبورا في الذهاب إليها أملك معلومات كثيرة ومفيدة لكن لا أفصح بها, وعندما يطلبون رأيي أقول: أنا معكم, صح كلامكم, ولا شيء غيره.

السؤال الوحيد الذي يسبب لي الرعب هو عند سؤالي عن اسمي لا أستطيع نطقه إلا بعد عناء, وكذلك الحديث في الهاتف, وكذلك مع الأطفال, وغيرها الكثير من المواقف.

لا أدري هل ما أعاني منه هو التأتأة أم الرهاب؟ أتمنى تشخيصكم لحالتي, وهل يوجد عقار مناسب لحالتي؟ وهل هناك فرق بين التأتأة والحبسة الكلامية؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ majed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هون عليك، وسل الله تعالى أن يحل هذه العقدة من لسانك، وادع بدعاء موسى –عليه السلام-: {رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري * واحلل عقدة من لساني * يفقهوا قولي}.

الذي تعاني منه -إن شاء الله تعالى– هو أمر بسيط، وهو نوع من التأتأة أو الحبسة الكلامية، فلاكهما واحد، وحالتك مرتبطة بتفاعلك الاجتماعي، لذا نستطيع أن نقول أنك تعاني مما يسمى بقلق الأداء، يعني أنك حين تواجه اجتماعيا تصاب بقلق لتؤدي الكلام مما ينتج عنه التأتأة أو التلعثم أو الحبسة الكلامية.

الحالة بسيطة جدا -أيها الفاضل الكريم– وقد أحزنني كثيرا أنك لم تواصل دراستك، لكن -إن شاء الله تعالى– لم يضع منك شيئا، يجب أن تذهب الآن وتبحث عن معقد دراسي في أحد الجامعات، هذا أولا.

ثانيا: هذه الحالة يجب ألا تقيس أداءك بما تشعر به، يعني أن أداءك أفضل مما تتصور، وأنت حين تلاحظ نفسك وتركز على كلامك هذا يؤدي إلى العثرات, إذا التجاهل بقدر المستطاع هو علاج جيد ومجدي جدا.

ثالثا: يجب أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم: (2136015) فيها بعض الإرشادات الجيدة لتطبيق تمارين الاسترخاء، لكن قطعا لا تعادل الذهاب إلى الأخصائي النفسي والتدرب والتعلم على يده في الكيفية التي تطبق بها هذه التمارين، وأعتقد أنك سوف تستفيد كثيرا إذا ذهبت إلى الأخصائي، لأنك أيضا محتاج أن تتدرب على أن تربط ما بين التنفس والكلام، هذا يساعدك كثيرا، وإن ذهبت إلى أخصائي التخاطب هذا أيضا سوف يكون أمرا جيدا، وسوف يقدم لك النصائح المطلوبة، وكيفية إخراج الحروف وما هي روابطها، والربط ما بين التنفس وإخراج الكلمات, هنالك تمارين علمية ممتازة جدا.

وأريدك أيضا أن تذهب وتسجل في أحد مراكز تحفيظ القرآن، واحك للشيخ (المحفظ) ووضح له أنك تريد أن تتعلم القرآن، وتريد في ذات الوقت أن تعالج التأتأة والتلعثم الذي تعاني منه، هذه طريقة مجربة ومفيدة جدا.

هنالك أمر أيضا هام جدا، وهو الإكثار من التفاعلات الاجتماعية، مثلا ممارسة الرياضة الجماعية، مشاركة الناس في مناسباتهم، زيارة المرضى، الخروج مع الأصدقاء، هذا سوف يكسر الحاجز النفسي لديك، لأن التلعثم أو التأتأة التي تأتيك –كما ذكرنا– هي مرتبطة بالأداء، مرتبطة بالمواجهات الاجتماعية، ولا بد أن تعالج هذا الأمر من خلال ما نسميه بـ (التعريض/التعرض الإيجابي).

العلاج الدوائي سوف يفيدك جدا كعامل مساعد، وإذا استصحبت الدواء بتطبيق الإرشادات التي ذكرناها لك أعتقد أنك سوف تستفيد كثيرا, إن تمكنت أن تذهب إلى طبيب نفسي هذا جيد، وإن لم تتمكن أعتقد أن عقار (زيروكسات) هذه اسمه التجاري، ويعرف تجاريا باسم (باروكستين) سيكون دواء جيدا بالنسبة لك.

جرعة الباروكستين هي أن تبدأ بعشرة مليجراما –أي نصف حبة– يتم تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم نصف حبة مرة واحدة كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم تتوقف بعد ذلك عن تناول هذا الدواء.

وإذا كنت لا تعاني من مرض الربو أو حساسية الصدر هنالك أيضا دواء يسمى باسم (إندرال) والذي يعرف علميا باسم (بروبرالانول) سيكون من الجيد إذا تناولته بجرعة عشرة مليجراما –أي حبة واحدة– يوميا في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناوله.

أيها الفاضل الكريم: أريدك أيضا أن تتصور بعض المواقف الاجتماعية التي تتطلب منك أداء أمام جمع من الناس، تصور أنك تريد أن تبدي حديثا في أحد المساجد، هذا يمكن تماما, قم بتحضير الموضوع، وقم بإلقائه، وتصور أنك تتحدث أمام المصلين، ويا حبذا لو قمت بتسجيل ما سوف تعرضه وتقوله، وتأتي بعد ذلك وتسمع ما قمت بتسجيله، وهكذا.

تطبق هذا التمرين لكن بأوضاع مختلفة، وتغير المادة التي تتحدث عنها, هذا تمرين جيد ومجرب ومفيد جدا، ولعل بداية الخطيب المبتدئ تكون بتحضيره للخطبة ويعيد ويكرر فيها حتى يتقنها، وعندها يكون جاهزا لها.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات