السؤال
الدكتور محمد عبد العليم، حفظه الله
بداية أشكركم على جهودكم المستمرة، وأتمنى لكم دوام الصحة والسعادة.
أعاني من الاضطراب ثنائي القطب منذ بداية المراهقة، والآن عمري 23 عاما، لا أستجيب لمضادات الاكتئاب وتطول نوباتي الاكتئابية، منذ يومين صارحتني أمي بأنها عانت من أعراض مماثلة وبشدة عندما بحت لها بمعاناتي الطويلة، وأكدت لي أن كل ذلك انتهى في بداية الثلاثينات.
ذلك أعطاني أملا كبيرا، ولكنني قرأت أن المرض مزمن مدى الحياة، ولا يمكن أن ينتهي، فما رأيكم في هذا الموضوع؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سالم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الأمراض المعروفة، وقد يكون القطب الاكتئابي هو الأشد في بعض الأحيان، وفي أحيان أخرى قد يكون القطب الهوسي هو الأقوى والأشد أو قد يكون هنالك تعادل بين القطبين.
الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية ليس شريحة واحدة، أو مكون تشخيصي واحد، إنما هو طيف من الحالات، تقسم الآن إلى اضطراب وجداني ثنائي القطب من الدرجة الأولى، ثم الدرجة الثانية، والثالثة، وهكذا، بمعنى أنه توجد حالات بسيطة جدا في هذا المرض، والحالات الشديدة قليلة جدا لا تتعدى حوالي خمسة بالمائة من الذين يعانون من هذا الاضطراب.
والآن وبفضل من الله تعالى أصبحت الأدوية الحديثة -خاصة مثبتات المزاج- تساعد كثيرا في شفاء الناس ومعافاتهم، والتوجيهات الضرورية جدا لكل من يعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطب هو الالتزام التام بالعلاج، والمتابعة مع الطبيب، وأن تكون الجرعات بالمقياس الصحيح، وللمدة الصحيحة، وعدم التعجل في التوقف عن الدواء.
بالنسبة لحالتك -أيها الفاضل الكريم-: أنا أعتقد أن الأمر معقود -بإذن الله تعالى- أنك سوف تتحسن، والدليل على ذلك أن والدتك قد تحسنت كثيرا لدرجة التعافي، ونحن نعتبر الجوانب الوراثية مهمة جدا في هذا المرض، يعني أن مآلات المرض ونهاياته ونتائجه واستجاباته للعلاج لها نفس النمط في الأسر؛ إذا أنت -إن شاء الله تعالى- تسير على طريق والدتك، وهذا أمر طيب ومفرح.
أما الجانب الآخر وهو: هل هذا المرض مزمن مدى الحياة؟
نقول أن هنالك أعدادا بسيطة جدا من الناس قد يظل هذا المرض معهم مزمنا، وهذه حقيقة لا ننكرها، لكن الدراسات أيضا أشارت أن كل هؤلاء قد أهملوا في علاجهم، خاصة في بداية المرض، والاضطرابات الوجدانية ثنائية القطب لها تاريخ معين، قد تبدأ النوبات متباعدة ثم تتقارب، خاصة إذا أهمل الإنسان في علاجه.
فالذي أريده منك أن تلتزم بعلاجك، وطول النوبات الاكتئابية يجب ألا يكون مزعجا لك، لكن يجب أن تتخذ قرارا طبيا نفسيا سليما بأن تراجع هذا الأمر مع طبيبك.
هنالك مدعمات للعلاج، هنالك أدوية الخط الأول أو الاختيار الأول، هنالك أدوية الاختيار الثاني، وهنالك أدوية الاختيار الثالث
-الحمد لله تعالى- الأمور الآن فيها اتساع وفيها انفراج كبير جدا للناس.
ونصيحة أخرى مهمة جدا، وهي أن تطور نفسك من حيث المهارات والمقدرات المعرفية والاجتماعية والوظيفية، اجتهد في دراستك، تحصل على المعرفة والعلم، احرص على أمور دينك، مارس الرياضة، ونظم وقتك، وعليك بالتواصل الاجتماعي، والهوايات الجيدة والراشدة والمفيدة.
هذا التطور المهاراتي جزء أساسي في التأهيل ومقاومة هذا المرض.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.