السؤال
السلام عليكم
أعيش مع أهلي حاليا، وللأسف أهلي لا يوجد لديهم أي حظ في حياتهم، سابقا كان مستوانا المعيشي عال، وكانت حياتنا كلها رفاهية، الآن مستوانا كل فترة ينزل بطريقة غريبة، وكل ما فتحنا محلا نخسر، جاءت لنا 6 فرص وفتحنا 6 محلات، لكن للأسف كل محل يخسر، مع أن الوالد له خبرة طويلة جدا في مجاله، فلا أعرف لماذا حياتنا أصبحت هكذا! ولا يوجد لدينا أي حظ في حياتنا؟
أهلي فيهم تدين كبير، والكل يشهد بذلك، والكل يحترمهم، والداي لا يضيعان أي فرض صلاة أبدا، وأخلاقهم عالية، ولا يتأخرون على أحد في المساعدة.
ووالدتي حياتها كلها لله، فهي خاتمة للقرآن، وتقوم بصلاتها كاملة حتى السنن كلها، وعملها في تحفيظ القرآن.
أنا مستغرب؛ لأني أرى غيرنا من سمعته سيئة، وعاص لله دائما، ومع ذلك ينجح في حياته، وحياته مليئة بالحظ، لماذا يحدث معنا ذلك؟
أتمنى أن تفيدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابننا الكريم، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ونحب أن نذكرك ابننا الكريم بأن الله تبارك وتعالى ما رضي الدنيا ثوابا للطائعين، ولا رضيها عقابا للعاصين، بل هي سجن للمؤمن وجنة للكافر، ولو كانت الدنيا عند الله تزن شيئا ما سقى كافرا منها جرعة ماء، ولو كانت تساوي وتزن جناح بعوضة ما تقلب فيها كافرا في نعم الله، ولذلك لا بكاء لمؤمن على الدنيا التي جاع فيها كليم الله (موسى) فقال تحت الشجرة: {رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير} الدنيا التي جاع فيها رسولنا، فكان يربط مجموعة من الحجارة على بطنه - عليه صلاة الله وسلامه - وهو الذي لو أراد أن تتحول جبال مكة لتوجه إلى الله فتحقق له ما أراد.
ولذلك ينبغي أن تغير هذه النظرة، وتعوذ بالله من الشيطان يريد أن يمضي بك إلى نوع من الاعتراض على قضاء الله وقدره، والمؤمن ما ينبغي أن يظن أنه بطاعته يستحق أن يعطى وأن يعطى، فإن نعم الله تعالى علينا عظيمة، ولو أن الواحد منا عبد الله مئات السنين أين تلك العبادة أمام نعمة واحدة من نعم الله كنعمة البصر أو نعمة العافية أو غيرها؟! {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار}، {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم}.
ولذلك أتمنى أن تتوقف مع أسرتك لتعيدوا ترتيب الأوراق، لتتخذوا الأسباب ثم تتوكلوا على الكريم الوهاب، لتدرسوا أي مشروع قبل الإقدام عليه، فإن الإنسان ينبغي أن يمشي في خطوات محسوبة، ويجتهد في اتخاذ الأسباب، ثم يرضى بما يقدره الكريم الوهاب، وليس كل عامل بمرزوق، ولكن الله تبارك وتعالى يبتلي الإنسان بالخير ويبتليه بالشر، بالغنى والفقر، ولكن المؤمن كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (عجبا لأمر المؤمن إن أمره له كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له).
نسأل الله العظيم أن يعينكم على الخير، ونوصيكم بكثرة الدعاء، وكثرة الاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا المختار، ندعوكم إلى مزيد من اتخاذ الأسباب، ثم التوكل على الكريم الوهاب، نذكركم بضرورة الرضا بقضاء الله تبارك وتعالى وقدره، والله ينبغي أن يحمد في كل الأحوال، وتعرفوا إلى الله في الرخاء يعرفكم في الشدة، واعلموا أن ما عند الله من الخير لا ينال إلا بطاعته، فمزيدا من الطاعات ومزيدا من الاستمرار ومزيدا من الأسباب ومزيدا من اللجوء إلى الله، تنالوا الخير والفضل والمزيد من الله.
نسأل الله أن يصلح أمركم، وأن يعيد لكم الخير الذي كان تحت أيديكم، وأن يعيننا جميعا لنكون ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، هو ولي ذلك والقادر عليه.