السؤال
السلام عليكم...
أنا فتاة عمري 25 سنة، وعلى قدر من الجمال والتدين.
مشكلتي أنه لم يتقدم أحد لخطبتي، ووالدتي تسمعني كلاما جارحا، مما يفقدني الثقة في نفسي، وحاليا قد قررت أن تحضر راقيا ليرقيني، لظنها أنني مسحورة.
سؤالي: بماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يمن عليك بزوج صالح، طيب، مبارك، إنه جواد كريم.
كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يكرمك، وأن يعينك على بر والدتك، والإحسان إليها، وأن يرزقك رضاها عنك في الدنيا والآخرة.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة–؛ فإن معظم العائلات والأسر في مصر يتمنون أن تتزوج البنات مبكرا، أكثر من الصبيان ومن الذكور؛ لأن البنت يعتبرونها مسؤولية، خاصة إذا كانت قد أتمت دراستها، وكانت على قدر كبير من الجمال، فهم يرون أن هذا الأمر ليس طبيعيا، ولذلك يتعجلون كما حدث مع الوالدة –غفر الله لها–، من أنها تريد أن تستقدم، أو تحضر شيخا إلى البيت ظنا منها، أنه قد اعتدى عليك أحد؛ بأن قام عمل عملا لعدم زواجك، ولعدم رغبة الناس فيك، أو لتشويه منظرك وغير ذلك.
هذا الفكر متخلف، وهو فكر قديم، يوجد كما ذكرت في معظم البيوت المصرية العامية، التي لم تتمتع بقدر كاف من الثقافة، والوعي، أو العلم الشرعي، ولذلك يعيشون مع هذه الأوهام، ويظنون أن الزمن هو الزمن.
أنت تعلمين أن الخامسة وعشرين سنة الآن لا يعتبر شيئا، بالمقارنة لسن الزواج الآن بالنسبة للبنين والبنات، فالآن ارتفعت نسبة سن الزواج إلى أن أصبحت قريبة من الثلاثين، وأصبح هذا شيئا عاديا، نجد الطالب يتخرج من الجامعة ويظل سنوات وسنوات بعد أن ينتهي من الجيش -إذا كانت لديه خدمة عسكرية-، ليجمع تكاليف الزواج، وكذلك ما يحتاجه لشراء شقة، أو إيجارها أو غير ذلك، فأصبح الوصول إلى الثلاثين عاديا بالنسبة لسن الفتاة أو الفتى.
أما والدتك فيبدو أنها ما زالت تعيش في عالم الماضي من أن خمسة وعشرين سنة هذا يعتبر سن خطرة، وأنك قد أصبحت عانسا، ولكن في الحقيقة، الأمر على خلاف ذلك تماما.
إلا أننا لا نستطيع أن نمنع الوالدة أن تفكر بطريقتها، فهذا أمر كما تعلمين تعتقده وتراه، ولعلها تصر عليه، ومن الصعب أن نغير هذه القناعات لديها، ولذلك أقول: لا مانع من إحضار شيخ، شريطة أن يكون صاحب علم شرعي، وأن يكون مشهودا له بصلاح الحال، وكذلك أيضا أن يكون من المتقنين الموافقة لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الذي أخافه أن تأتي بدجال، أو ساحر، أو كاهن، أو عراف –وهؤلاء كثر مع الأسف الشديد خاصة في هذا الزمان–، وهذا قد يفسد الأمر كله، وسوف يضرك أكثر مما ينفعك.
فإذا كان، فلا بد أن يأتي بأخ من إخواننا الملتزمين، الذين يعرف عنهم أنهم يعالجون بالطريقة الصحيحة، لا يسأل عن اسمك، ولا عن اسم أمك، ولا عن اسم أختك، ولا يأخذ شيئا من ملابسك، أو غير ذلك كما يفعل هؤلاء السحرة والدجالين.
فإذا وجدنا راقيا صحيح العقيدة، صحيح الطريقة، يتعامل مع الكتاب والسنة، ولا يستعمل أساليب غير معروفة، فلا مانع من الرقية الشرعية، لأن الرقية الشرعية هي مجموعة من آيات الله -سبحانه وتعالى-، ومجموعة من أحاديث النبي الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم–، والرقية الشرعية الصحيحة، هي يقينا إذا لم تنفع فقطعا لن تضر.
فإذا كان ولا بد من باب تطييب خاطر الوالدة، فلا مانع، شريطة أن يكون هذا الراقي –كما ذكرت–، مشهودا له بصحة العقيدة، وأنه من طلبة العلم، وهم كثر -ولله الحمد والمنة–، مساجد جماعة أنصار السنة مليئة بأمثال هؤلاء، كذلك مساجد الجمعية الشرعية، وهناك أخوة معروفين في مصر -ما شاء الله تبارك الله-؛ بأنهم من ذوي القدرة على مثل هذه الحالات، ولكن بطريقة شرعية صحيحة.
أما إذا كان عن طريق الدجل وغير ذلك فلا تذهبي، ولا تخضعي له، ولا تسجلي معه، حتى وإن غضبت الأم؛ لأن في ذلك إنقاذا لدينك قبل دنياك، وقد يحاول هذا الشيطان -الساحر- أن يفسد عليك حياتك أنت شخصيا، فقد يسلط عليك الجن ليستفيد هو منك فائدة غير مشروعة.
وعليك كذلك بالدعاء، والإلحاح على الله -تعالى- أن يمن عليك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته، ورضاه، و-بإذن الله تعالى- سوف تشعرين معه بالسعادة، والأمن، والأمان، فالصلاح ليس مجرد المظهر، ولكن لا بد أن يكون هناك مع المظهر المخبر، بمعنى أن يكون الإنسان أيضا حسن السمعة، وأن يكون بعيدا عن الحرام، والريبة، والشبهات، والشهوات، وغير ذلك، لعل الله أن يكرمه بزوجة صالحة، فيكون ذلك خيرا على خير، ونورا على نور.
أسأل الله أن يوفقنا، وإياك لكل خير، وأن يعيننا، وإياك على طاعته، ورضاه، إنه جواد كريم.
هذا، وبالله التوفيق.