السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا سيدة بعمر 23 سنة، متزوجة منذ ثلاثة أشهر، وزوجي بعمر 26 سنة، وهو طيب جدا وحنون.
مشكلتي أن زوجي يتهمني بأنني لا أهتم به من الناحية العاطفية، وأنني لا أبادله الحنان والحب كما يجب، وأنا أرى أنني أبادله المشاعر والأحاسيس، ولكنني لا أستطيع التخلص من خجلي وحيائي كفتاة في بداية حياتها الزوجية، وهو يرى أن فترة ثلاثة أشهر كافية ليزول الحياء كله، وأتعامل معه كما يريد ويحلم.
أنا محبطة جدا، وﻻ أستطيع أن أعطيه الاهتمام بعد مصارحته لي، وأنا واثقة من نفسي، ومن حبي له، ﻻ أرى نفسي امرأة ناقصة, وغير قادرة على الحب والاهتمام، لكن ظروفي تحتم علي عكس ما أتمنى، إضافة إلى أنني حملت في نهاية الشهر الثاني من زواجي، والحمل أثر على قدراتي في العطاء.
سؤالي: هل حياء وخجل المرأة طبيعي، وإلى أي حد؟ كيف تكون مواجهة المشاكل في السنة الأولى من الزواج؟ وما هي أفضل طريقة لاهتمام الزوجة بزوجها؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جوجو حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونسأل الله أن يديم عليك السعادة، وأن يكتب لك السلامة في هذا الحمل -الجنين- الذي سيحول حياتكم إلى بهجة، ونشكر لك الثناء على زوجك، وهنيئا لكم بهذه المشاعر المتبادلة، وأرجو أن يتفهم الزوج الوضع الذي أنت فيه من ناحيتين:
الناحية الأولى: هو أنك فعلا تحتاجين لبعض الوقت، فنحمد الله أن بناتنا تربين على العفاف، ولذلك قد تحتاج لبعض الوقت حتى تندمج في رومانسية مع زوجها، وحتى ترضيه.
الناحية الثانية: التي ينبغي أن يصبر عليها وهو أن المرأة إذا جاءها الحمل في بداياته؛ فإنها تواجه صعوبات، وقد يصادفها تغيير كامل في جسدها وحالتها النفسية والمعنوية، والشريعة قدرت هذا الجانب فوضعت عن الحامل بعض التكاليف الشرعية، وهذا فيه دعوة للرجل في أن يشفق على زوجته.
نتمنى ألا تأخذي كلام زوجك بمعنى آخر، وأن يوصلك إلى الإحباط، ولكن نتمنى أيضا أن تتفهمي أن الرجل يرضيه القليل، وأن حسن الاعتذار في الحالات التي تكوني فيها متعبة، أو نحو ذلك، كفيل بأن يعيد للحياة الزوجية رونقها، فمشكلتنا -بكل أسف- مع الزوجات هي أن الزوجة أحيانا يكون عندها ظروف، وهذا ما ينبغي أن يعرفه الرجل، فإن المرأة تعاني جدا في أيام حيضها، وتعاني جدا جدا في بدايات حملها، وتعتريها بعض الظروف الخاصة بالمرأة، والرجال ربما لا يفهمون هذه المسائل، ولكن المرأة أيضا إذا كان عندها ظرف وعندها آلام، أو حالة نفسية، أو هي على أبواب فترة الحيض، أو في بدايات الحمل، هذه أوقات قد تكون نفسية المرأة ومزاج المرأة متعكرا ومتغيرا، فإذا طلبها في هذا الوقت، فإن المرأة -بكل أسف- ترفض دون مبررات، دون أن توضح، دون أن تسمعه ما يرضيه.
لذلك لو أنها قالت: (أنا أيضا أشتاق إليك، وأنا أقدرك، وسأعوضك، لكنني الآن عندي كذا، والله أنا مشتاقة أكثر منك، لكنني الآن أعاني من كذا وكذا)؛ فإن هذا يرضي الرجل، لأن الرجل إذا رفضت المرأة أن تبادله رغباته يشعر بأنها إهانة، يشعر بأن هناك عدم تقدير، والمرأة لا تقصد هذا، لكن لا بد أن تفهم طبيعة الرجل، لا بد أن تشعره أنه مرغوب وأنه محبوب وأنه رقم واحد، وأنه ملأ حياتها بهجة وسرورا.
نقول: والشريعة تبيح للطرفين أن يتوسعوا في هذا المجال –مجال المجاملة والكلام– حتى لو كان ذلك من باب المجاملة والمبالغة، كل ذلك مسموح به من الناحية الشرعية.
نحن نريد منك رغم الظروف الصعبة أن تسمعيه ما يرضيه، ونريد منه أن يتفهم الظروف الصعبة التي تمر على المرأة، وأن يتفهم طبيعة البيئة التي نشأنا فيها جميعا، والتي تحتاج فيها فعلا المرأة إلى فترة، ونعتقد أن هذه الأشهر المعدودة هي بدايات أولية جدا، فإن الحياة الزوجية تبدأ بالتعارف، ثم يأتي التأقلم، يتأقلم كل إنسان على وضع الآخر، ثم تأتي مرحلة التنازلات، ثم يأتي بعد ذلك التفاهم، فهم النفسيات، ثم يأتي بعد ذلك التعاون، وصولا إلى التآلف ثم التوافق التام، الذي قد يحتاج لسنوات في الحقيقة.
لذلك لا بد أن ندرك أن هذا الأمر طبيعي، وأنت أيضا ما ينبغي أن تتأثري كثيرا بما قاله زوجك، ربما خانته العبارة في دقة التعبير، وأنت ملأت حياته بهجة، وهو الذي اختارك من دون ملايين النساء، ورضيك زوجة له، و-الحمد لله تعالى- سيأتي هذا الطفل ليعمق مشاعر الحب والعلاقة الطيبة بينكم، فلا بد لكل طرف أن يقدم تنازلات، ولا بد لكل طرف أن يقدر ظروف الشخص الآخر.
أما بالنسبة لمسألة الحياء ففعلا نحن نحتاج إلى وقت، ولكننا نذكر فتاتنا المسلمة – وكل فتاة – بأن المرأة ينبغي أن يكون عندها حياء مع الآخرين، لكنها تكون صريحة مع زوجها، تدخل السرور عليه، تبادله المشاعر، تتفنن في إظهار مفاتنها ومحاسنها، لأن من أهداف الزواج أن يعفها وتعفه، وهذا المعنى لا يتحقق إلا إذا قمنا بالواجب كاملا، ومتعت زوجها بسحرها الحلال، وإذا كانت المتبرجات الشقيات يتبرجن بالحرام فما أحوج المرأة المسلمة أن تبرز مفاتنها ومحاسنها لزوجها، وهي تؤجر بهذا العمل، كذلك ينبغي للزوج أن يثني على كل تقدم، وأن يثني على كل جمال وعلى كل موقف يعجبه، فالمرأة أيضا تحتاج لهذا الدعم المعنوي الهام جدا.
نسأل الله أن يديم بينكما مشاعر الألفة والمحبة، وأرجو ألا يأخذ الموضوع أكبر من حجمه، فأنت حاولي، وأحسني الاعتذار إذا كان عندك ظروف مرضية، أو وجدت معاناة، وعلى الرجل أن يتفهم الوضع، ويتفهم أنكم في البداية، ويتفهم الظروف التي تعتري المرأة، ويتفهم صعوبة أيام الوحم، وهي بدايات الحمل، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكم على الخير، ونوصيكم بطاعة الله -تبارك وتعالى-، فإن خير ما يقر الزوج من زوجته غير القواسم المشتركة، والدخول إلى حياة الشريك، والتنازلات والحرص على تقبل الشريك كما هو، غير هذه الأشياء التعاون على البر والتقوى، قال العظيم: {وأصلحنا له زوجه} ماذا كانوا يفعلون؟ قال: {كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين} فإن طاعتك لله تحبب الزوج فيك، كما أن طاعته لله تجعله محبوبا عندك، وخير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، ينبغي أن يكون التسابق بينكم في أن يكون كل واحد الأحسن، ولا داعي للمحاسبة والسؤال عن التقصير؛ لأن الحياة الزوجية عطاء ما ينبغي للإنسان أن يسأل فيه المقابل، فلستم تجارا، بل أنتم أزواج.
ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.