السؤال
أنا قبل 9 سنوات أصبت بوسواس الموت، وكانت تأتيني حالات الهلع بجميع أعراضها: من التعرق، والألم في الصدر، وبرودة الأطراف، وغيرها من الأعراض.
أنا الآن -والحمد الله- اختفت عني حالات الهلع، لكن ما زلت أوسوس بالموت، ونظرتي للحياة بائسة لا أستطيع أن أفرح، أخاف من أي عارض يصيبني، كل حدث في حياتي مرتبط بقصة وفاة قرأتها، مثلا: إذا أردنا أن نسافر أخاف؛ لأني مرة سمعت أن واحدة توفيت قبل أن يسافروا فجأة.
أتفه الأشياء عندي مرتبطة بحوادث وفاة مخزنة في عقلي، طبعا ليس من حوادث أو أمراض؛ إنما من موت الفجاءة.
أنا أم ل3 أطفال، أرهقني التفكير في الموضوع، الآن وأنا أكتب خائفة جدا، كل بحثي والمواضيع التي اقرأها في النت عن موت الفجاءة، وقبل أن أنام لابد أن تأتيني هذه الأفكار.
أرى أخواتي عندما يتكلمن عن موضوع من هذه المواضيع يكن عاديات جدا، وأنا بيني ويبن نفسي أريد أن أفعل مثلهن لكن لا أقدر.
أنا تعبت من الأشياء والمواضيع التي قرأتها منذ سنين وهي مخزنة في عقلي، أريد أن أنسى وأعيش حياتي لكني غير قادرة.
أنا عصبية، ومزاجي متقلب، أحس نفسي إنسانة كئيبة، كل شيء يخوفني، جربت السيروكسات لمدة شهر واحد، ارتحت لكن للأسف سبب لي خمولا ونوما فضيعان فتركته.
كانت تجربتي الأولى والأخيرة مع الأدوية النفسية.
أرجو إفادتي، ولكم مني جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صبا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هذا الخوف المرضي الوسواسي من الموت ربما يكون قد أتاك نسبة لحدث معين، وبعد ذلك استمر معك التفكير – أي تفكير الخوف من الموت – وأصبحت هذه الأفكار تدعم من خلال ما تسمعيه حول موت الفجاءة، أو وفاة قرأت أو سمعت أو شاهدتيها (مثلا).
هذا الأمر أمر بسيط جدا، أولا: خوفك من الموت - إن شاء الله تعالى – ليس دليلا على ضعف إيمانك، إنما هو مجرد قلق ومخاوف وسواسية أتت نتيجة لمفاهيم خاطئة، وأنا أريد منك أن تصلي إلى قناعة تامة، وهي: أن الإنسان يستطيع أن يدير حياته لكن لا يستطيع أن يدير أمر موت؛ لأنه في الأصل لا تعلم نفس ماذا تكسب غدا، ولا تدري بأي أرض تموت، وحسن إدارة الحياة - إن شاء الله تعالى – يجعل الإنسان يموت ميتة سوية بإذن الله تعالى.
إذا أدرنا حياتنا بصورة ممتازة واجتهدنا وأنتجنا وكنا فاعلين، وسعينا لعمل الخير وبر والوالدين، وعبدنا الله تعالى بحق، قطعا سوف نكون في معية الله - أيتها الفاضلة الكريمة – والنفوس سوف تطمئن وتطمئن جدا، وتؤمن بحقيقة الموت، وأن الخوف منه لا ينقص عمر الإنسان، ولا يزيده لحظة واحدة.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذا هو النهج التفكيري الصحيح، وهنالك أذكار – أذكار الصباح والمساء – وجدتها مطمئنة جدا، تنزع من الإنسان الخوف المرضي من الموت، فحين تعلمين أن من قال: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعتك علي، وأبوء بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنب إلا أنت) من قالها في نهارا فمات من قبل أن يمسي دخل الجنة، ومن قالها ليلا فمات قبل أن يصبح دخل الجنة، وغيرها من الأذكار.
حين تقولين: (اللهم وضعت بك جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) ، (اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتاب الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت).
هل من يقول: هذا الدعاء بيقين وتوكل وقناعة تامة، وينام على شقه الأيمن، هل سوف يأتيه خوف مرضي من الموت؟ لا أعتقد ذلك، تدبري وتأملي وتفكري.
أمر آخر مهم جدا، وهو: أن تتفكري وتتأملي في الإيجابيات العظيمة في حياتك، هي كثيرة جدا، ويجب أن تكوني سعيدة بها، وتعملي وتكافحي وتعيشي حياتك بكل قوة، والمستقبل بأمل ورجاء وتوكل.
أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تقرئين عن قصص الموت كثيرا في النت، ما الفائدة من هذا؟ إن أردت أن تقرئي عن قصص الموت هنالك قصص الحياة، وتذكري أن الموت لا حيلة ولا وسيلة للإنسان لأن يتحكم فيه.
اجتهدي في حياتك، واسعي نحو حياة طيبة في الدنيا والآخرة. هذا هو الذي يزيل عنك هذه المخاوف الوسواسية.
أكثري من زيارة المرضى، وعليك بالدعاء لهم، هذا فيه خير كثير، وعليك بالدعاء لموتنا وموتى المسلمين، هذا فيه خير كثير لك.
العلاج الدوائي : لا أرى أنك في حاجة إليه، إذا كانت مشاعرك بالشدة والحدة التي يصعب التحكم فيها فربما تكون جرعة بسيطة جدا من السبرالكس – وليس الزيروكسات – بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – ربما يكون مفيدا لك، ومدة العلاج هي شهرين، أي نصف حبة من السبرالكس يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.
أنصحك أيضا بممارسة الرياضة، أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة، وأرجو أن تطبقي تمارين الاسترخاء حسب ما ورد في استشارة موقعنا تحت رقم (2136015).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأطال عمرك في عمل الخير والصلاح.