السؤال
السلام عليكم.
أنا طالبة ماجستير، متزوجة وعندي طفل، عشت في عائلة جدا رائعة، مشكلتي هي أني بحكم أني طالبة فتكون عندي عروضا أقدمها أمام الطلاب والبروفيسور، أستعد استعدادا تاما وأتدرب أكثر من مرة، وأحس أن العرض سيكون ممتازا، لكن مجرد ما أقف أمام الطلاب أرتبك ارتباكا غير طبيعي، الصوت يرتجف بشكل لا أقدر أن أكمل معه، أضغط عن نفسي لأجل الدرجات، صديقاتي أخبروني أن ارتباكي واضح، أرجع للبيت وأبكي، وأقول: لماذا الناس كلهم يستطيعون التقديم وهو يحطمني؟
وطبعا أنا لا أحب الاجتماعات الكبيرة، أحس أن العالم كله يطالعني ولا أقدر أن آخذ راحتي أبدا، فأكون طيلة الوقت في مكاني، أو لا أذهب للاجتماعات أبدا وهذا الغالب، مع أني اجتماعية، بالأماكن العامة مثل المطاعم التي لا تحتوي على حواجز تفصل بين الطاولات، لا أستطيع الأكل فيها، أحس العالم كله يراقبني، وفي مطعم الجامعة كذلك، أحرم نفسي من الأكل لهذا السبب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مودي الصغير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أول ما تبادر إلى ذهني حين اطلعت على رسالتك هذه، هي أنك قطعا تحملين كفاءة نفسية عالية جدا، لكن ربما يكون هنالك سوء تقدير في تقيمك بذاتك، أنت -أيتها الفاضلة الكريمة– متزوجة، لديك طفل، وطالبة ماجستير، فلا يمكن أن يكون أداؤك الاجتماعي ضعيف، هذا لا يعقل أبدا، نعم ربما تكون هنالك بعض العثرات في الأداء حين تقابلين مجموعة من الناس، وهذا دليل على حرصك من أجل الإنجاز، لأن قلق الأداء هو قلق إيجابي، لكنه إذا زاد عن الحد ربما يتحول إلى قلق سلبي.
الذي بك -أيتها الفاضلة الكريمة- هو درجة بسيطة جدا من الرهاب الاجتماعي الظرفي، أي الذي يحدث تحت ظروف معينة، والشيء الذي قد لا أتفق فيه هو ما قيل من قبل صديقاتك حين يذكرن لك أن الارتباك واضح عليك، مع احترامي الشديد لرأيهن، لكن لا أعتقد ذلك، أعتقد أنه كان لديهن قلق توقعي حول أدائك، قد وضعن الفرضية السلبية أنك سوف ترتبكين، لا أنت لم تكوني مرتبكة، أنا على ثقة تامة بذلك، ولا أريدك أبدا أن تأخذي هذه الرسالة السلبية التي بدرت من صديقاتك، الذي أحرص عليه هو أن تتفهمي موضوع الخوف الاجتماعي الظرفي من ناحية معرفية، بأن ما يقوله الناس ليس صحيحا، وأن ما تحسين به من مشاعر مبالغ فيها، وأن لا أحد يطلع أبدا على تسارع ضربات قلبك أو ما تتخيلينه من رعشة، هي غير موجودة، وإن وجدت فهي بسيطة جدا، أرجو أن تقتنعي بذلك.
الخطوة التالية في العلاج هي: التعريض أو التعرض، بمعنى أن الإنسان يتعرض لمصدر خوفه دون أن يستجيب استجابة سلبية، والتعريض هنا يتطلب أن تتخيلي أنك تقدمين رسالة الماجستير أمام حشد من الناس، وهذا يحدث، وهذا أمر ليس بالصعب، فأنت كفؤة جدا لذلك، عيشي هذا الوضع في خيالك، تأملي وتدبري فيه لمدة خمسة عشر دقيقة، كرري نفس المشهد التخيلي بعد ساعتين، وهكذا، هذا -إن شاء الله تعالى– يؤدي إلى نوع من التطبع والتواؤم.
النقطة الأخرى هي: أن تطبقي تمارين الاسترخاء، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015)، أرجو الرجوع إليها والتدرب على ما ورد فيها.
أنت محتاجة لعلاج دوائي بسيط، حيث الأدوية المضادة للمخاوف تفيد كثيرا في الأعراض الفسيولوجية الجسدية، وكذلك تهدئ من روع النفس ومخاوفها. إن تمكنت أن تقابلي طبيبا نفسيا فهذا أمر جيد، وإن لم تتمكني فهنالك عقار يعرف تجاريا (زيروكسات) ويعرف علميا باسم (باروكستين)، ويسمى تجاريا في الولايات المتحدة الأمريكية باسم (باكسيل).
أنت تحتاجين تناول هذا الدواء بجرعة صغيرة، وهي عشرة مليجرام، تناوليها يوميا لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها عشرين مليجراما –أي حبة واحدة–، تناوليها يوميا لمدة شهر، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة شهر -وأقصد بنصف حبة عشرة مليجرام–، وبعد انقضاء الشهر تناولي عشرة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بجانب الباكسيل هنالك دواء يعرف باسم (إندرال) ويعرف علميا باسم (بروبرالانول)، أيضا من الأدوية الجيدة والبسيطة جدا، ويستعمله الكثير من الناس، حين يكون لديهم موقف يتطلب المواجهة، وكثيرا ما يستعمل أيضا عند ركوب الطائرات بالنسبة للذين يتخوفون من السفر بالطائرة، جرعته هي عشرة مليجراما صباحا ومساء لمدة أسبوع، ثم عشرة مليجرام صباحا لمدة أسبوع آخر، ثم يتم التوقف عنه، وهنالك من يتناول الإندرال بجرعة عشرين مليجراما بساعتين قبل المواجهة التي تتطلب استعدادا نفسيا معيا.
أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.