السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب عمري 23 سنة، أعزب، موظف في قطاع خاص، قبل ثلاث سنوات كنت إنسانا أحب عملي، ومرتاحا نفسيا، وسعيدا إلى أن جاءتني صدمة نفسية، وقعت تحت تأثير المخدر، مع العلم أني أول مرة أستخدمه في حياتي، لا أدري هل هي صدمة نفسية أم هبوط في الجسم! وهي عبارة عن دقات قلب سريعة ووشوشة، ودوار شديد، أحسست وقتها أني سأموت إلى أن هديت من نفسي، حتى ذهبت الحالة، وبعدها بدأت المعاناة.
أصبح يأتيني ضيق شديد وأفكار غريبة جدا لم تمر علي في حياتي قبل، والأفكار عبارة عن: كيف أمشي، أنا أعيش في حلم، أنا سأصير مجنونا، وأحب أن أجلس لوحدي، وأحس أن جسمي لا يحس، وأنسى كثيرا، وأحس بصداع، ولم أعرف طعم الحياة من بعد هذه الحالة، فالأفكار لا تفارقني مع الضيق، أقضي نصف يومي في النوم حتى أرتاح من حياتي، وأكرة الأماكن المضيئة بالأنوار، وذهني متشتت 24 ساعة، وعندما أخرج من البيت تزداد الحالة بشكل كبير جدا، وأنا الآن أفكر في الانتحار بسبب حالتي النفسية المتدهورة جدا. وللمعلومية نوع المخدر الذي استخدمه حبوب الكبتاجون، أرجو مساعدتي وإرشادي، ولكم جزيل الشكر والتقدير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد المالكي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أول ما أنصحك به - أيها الفاضل الكريم - كلمة الانتحار (قبحها الله) يجب ألا تكون في قاموسك أبدا، أنت شاب مسلم، ولك آمال، وإن كانت هنالك كبوات في الحياة، فهذا لا يعني نهاية المطاف، غرفة الدنيا أبوابها كثيرة - أيها الفاضل الكريم - إن أغلق أمامك باب يجب أن تدخل من الأبواب الأخرى.
هذه أول نصيحة أقدمها لك، والأمر الذي يجب أن تدركه أن حالتك يجب أن تعالج، بشيء من الجهد من جانبك، والتزام من جانب الطبيب المعالج، وعليه أدعوك أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي، فأنت تحتاج إلى جلسة أو جلستين لتصل لقناعات جديدة تسير بك في المسار الصحيح - إن شاء الله تعالى -.
ما حدث لك - أيها الفاضل الكريم - بعد تناول حبوب الكابتجون من أن الدماغ قد استجاب استجابة شديدة وعنيفة، وتم إفراز مادة تسمى بالـ (دوبامين Dopamine) ومادة أخرى تسمى بالـ (أدرينالين adrenaline)، وحصل قصور في مادة الـ (سيروتونين serotonin)، هذا الوضع الكيميائي جعلك تهتز هذه الهزة النفسية الشديدة، تسارع في ضربات القلب، والتشويش، والدوار، والشعور بالإحباط، وربما أيضا أتتك وساوس، ونوع من الشكوك والظنانية: هذه كلها نتاج لهذا التعاطي الذي حدث من جانبك، والذي يظهر لي أنه ربما يكون لديك شيء من الاستعداد البيولوجي لسرعة الاستثارة الكيميائية مما أدى إلى هذا التغير الكبير.
الآن الحمد لله تعالى أنت أقلعت وابتعدت تماما عن تناول هذا المخدر القبيح أو غيره، ومن هنا يجب أن تهنأ نفسك على هذا الإقلاع والابتعاد عن المخدر، والخطوة الثانية كما ذكرت لك: اذهب وقابل الطبيب النفسي، فأنت تحتاج لعلاج دوائي بسيط، تحتاج لجرعة من عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft)، أو (لسترال Lustral)، ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، ودواء آخر يعرف باسم (دوجماتيل Dogmatil) هذا اسمه التجاري، ويعرف علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، هذان الدواءان سوف يفيادنك كثيرا، وتحتاج للعلاج لمدة ستة أشهر، وهي ليست مدة طويلة.
النصيحة الأخرى التي أود أن أنصحك بها هي: أن تكون فعالا في حياتك، قتل الفراغ، والفعالية، وحسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، أنتم الشباب تعتبرون أمل الأمة، وأمل أسركم، وحباكم الله تعالى بطاقات كثيرة، طاقات نفسية وفكرية وجسدية، يجب أن يستفاد منها.
أريدك أن تعتبر هذه الأعراض التي تشوش عليك أعراضا عابرة، نظم وقتك، نظم حياتك، اجعل نظرتك إيجابية، ضع لنفسك أهدافا، مارس الرياضة، رفه عن نفسك بما هو مشروع، وكن بارا لوالديك، واحرص على صلواتك في المسجد، سوف تجد أن آفاقا جميلة جدا قد فتحت أمامك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.