السؤال
لو سمحتم أنا عندي الوسواس القهري منذ الطفولة منذ حوالي 6 أو 5 سنوات، وأنا الآن عمري 14سنة و 5 أشهر، وحالتي في تدهور، وكرهت نفسي، وعندي أفكار وسواسية ضربت في رأسي، ولا أستطيع أن أتجاهلها لدرجة أني والله لا أعرف كيف أكمل حياتي، لا أعرف أن أذاكر أبدا، ولا أن أعمل أي شيء في حياتي غير الوسواس القهري، فهذه الأفكار تستحوذ على عقلي أغلب الوقت، بل أحيانا كل الوقت هذا من ناحية الأفكار.
أما من ناحية الخوف، فأنا أخاف جدا من الموت بطريقة غير معقولة، وأخاف من أشياء كثيرة، أخاف أن أركب الطائرة خوفا من الموت، وأشياء كثيرا في الحياة أخاف منها، وأخاف من المرض، وأخجل، وأقلق كثيرا، ولا بد أن أتأكد من أن جميع كهرباء المنزل مغلقة، وأيضا أشعر بالذنب كثيرا تجاه العبادة، وأي شيء آخر، وضعفت ذاكرتي جدا، وضعف نظري أيضا، أعتقد بسبب الوسواس القهري، وأنا لا أثق في نفسي أبدا، وعندي شك في عبادتي كثيرا.
أنا مسلمة -والحمد لله- لكن كل الذي قلته شيء وأفكاري الوسواسية شيء آخر أفكاري أفقدتني عقلي كرهت نفسي، وأنا للعلم أني قصيرة جدا، ولا أطول فطولي أقل من 140 سم، ووزني متوسط، لا يوجد تركيز في حياتي أبدا حتى في الصلاة، في المدرسة، في المذاكرة، وعندي أخت لا أطيق أن أنظر إليها، ولا أن ألمسها أصلا من الوسواس القهري، أخاف من الاتساخ.
وأيضا معاملة أهلي في البيت معاملة شديدة مليئة بالصوت العالي، وأنا كتومة جدا لدرجة أن كل هذا ولا أحد من أهلي يعرف بمرضي أبدا، ولا يمكنني إخبارهم بهذا لأسباب خاصة، أحيانا تكون عندي أحلام كبيرة، وعندما أتذكر الوسواس تتحطم كل أحلامي.
أرجوك أريد علاجا سريعا وفعالا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوساوس شائعة جدا، وفي مرحلتك العمرية أكثر شيوعا، وهذه الوساوس ليس من الضروري أبدا أن تستمر لفترات طويلة، بل من المعروف تماما أنها تنخفض بعد عمر الـ (16) أو الـ (17).
أنت لديك مخاوف منذ الطفولة، والمخاوف في أصلها لها سمات القلق، وأعتقد أن هذا جعلك أكثر قابلية لهذه الوساوس؛ لأن القلق والمخاوف والوسواس جميعها من نفس التشكيلة أو نفس الانتماء النفسي.
ليس هنالك ما يحطم أحلامك، فالحياة طيبة، وأنت في بدايات الطريق، والتفكير الإيجابي والخطط الإيجابية من المفترض أن تكون هي الوسيلة التي تعتمدين عليها، نعم أنا أعرف أن وطأة الوساوس حارة جدا ومزعجة جدا لصاحبها، وتضعف التركيز، وتجعل الإنسان غير مرتاح أبدا، نسبة لطبيعة هذه الوساوس، خاصة حين تكون حول أمور النظافة أو الدين، أو الأشياء الحساسة الأخرى.
أولا: أريدك أن تقتنعي قناعة تامة أن الوساوس يمكن أن تعالج.
ثانيا: المخاوف أيضا يمكن أن تعالج؛ لأن المخاوف متداخلة جدا مع الوساوس، وكلاهما من فصيلة القلق.
ثالثا: الوسواس والخوف يعالج بواسطة أن يتم تجاهله، التجاهل التام، مثلا إذا أتتك فكرة وسواسية قولي: (هذه فكرة سخيفة، هذه فكرة حقيرة، لن أتبعها أبدا)، ويكون لديك الإصرار والعزيمة والاستمرار على هذا، وأن لا تضعفي، وأن لا تستسلمي أبدا للوساوس.
طرد الوساوس وتحقيرها وعدم الالتفات إليها وعدم تنفيذها ينتج عنه شعور القلق الشديد، ويحس الإنسان بالإلحاح الشديد بأن يقوم بالفعل الوسواسي، لكن بالاستمرار في المقاومة يبدأ القلق والتوتر ينخفض تماما، وهنا يحس الإنسان بانشراح؛ لأنه قد أنجز عملا مهما وسلوكا مطلوبا، وهو مقاومة الوسواس، ومثل هذا النجاح يؤدي إلى شعور كبير بالارتياح، فمهما كانت المعاناة هنالك مكافئة إيجابية بعد ذلك.
رابعا: من الوسائل المهمة جدا لمقاومة الوساوس هي: أن يشغل الإنسان نفسه بأشياء أخرى أهم من هذه الوساوس، لا بد من أن تركزي على دراستك، أن تساهمي في أنشطة المنزل والأسرة، أن تمارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، تحرصي على أمور العبادة، النوم مبكرا أيضا فيه فائدة كبيرة، الترفيه والترويح عن النفس بما هو طيب.
إذا قفل الثغرات الزمانية وعدم إتاحة الفرصة للفراغ يقلل كثيرا من فرص حصول الوساوس وحدها.
خامسا: لا تكوني حساسة حول موضوع الطول، فالناس تتفاوت، وقد يكون لا زال أمامك فرصة للنمو، فالجئي إلى التغذية السليمة الصحيحة، وهذا يعود عليك بخير كثير جدا -إن شاء الله تعالى-.
سادسا: لا تكوني كتومة؛ لأن الإنسان الكتوم يحتقن داخليا، حيث تتراكم لديه بعض الأفكار السلبية والحساسة، وهذا يؤدي إلى المزيد من القلق والتوتر.
سابعا: هنالك تمارين للاسترخاء، خاصة تمارين التنفس المتدرج، مفيدة جدا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتطبقي الإرشادات الواردة فيها، فهي مفيدة ومفيدة جدا.
أنا أثق تماما أن كل مخاوفك سوف تنتهي، وكل وساوسك سوف تنتهي، ويجب أن تكون لديك العزيمة والإصرار.
الخوف من الموت هو أحد المخاوف المنتشرة أيضا، وهذا يقاوم من خلال التوكل على الله، وأن يعيش الإنسان حياة صحية، وأن تعرفي أن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان شيئا ولا ينقصه أبدا، وعليك بالأذكار، وسلي الله تعالى أن يطيل عمرك في عمل الخير، وأن يوفقك، وأن يسدد خطاك.
النقطة الأخيرة هي: هذه الوساوس إذا اجتهدت في تطبيق ما ذكرته لك سوف تزول، لكن إذا كان هنالك تراخي سوف تظل، وفي هذه الحالة قد تحتاجين للعلاج الدوائي، وهنا يجب أن تخطري أسرتك، وسوف يعرضوك على الطبيب النفسي، والعلاج الدوائي -إن شاء الله تعالى- يكون ناجحا جدا، ويساعدك كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.