هل للفتاة أن ترفض الخاطب لمستواه التعليمي أو لوظيفته؟

0 518

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله تعالى أن يجزيكم خير الجزاء، ويبارك فيكم.

اسمحوا لي أن أكتب ما يجول في خاطري وذهني حتى تتفهموني.

تقدم لي شاب غير جامعي، وراتبه الشهري قليل بعض الشيء، وأنا لا أفكر بالمال من ناحية السعادة أو الطمع، ولكني أفكر من ناحية أن الراتب لن يكفي: المسكن، الماء والكهرباء، المشرب والمأكل، الملبس، وأريد أن أكمل دراستي في الجامعة، وغيرها من المصاريف: كالأنترنت، والهاتف.. وفي المستقبل مصاريف الأبناء كالمدارس.... إلخ.

هذا كله لن يكفي، أو أننا سنحرم من أشياء كثيرة من أجل التوفير، وكما تعلمون أن المصاريف والتكاليف ترتفع وتغلو شيئا فشيئا، وأعلم أن الله تبارك وتعالى رزاق وهاب قادر على أن يغنينا من فضله، ولكن تجول في ذهني تلك الأسباب فتجعلني لا أحسن الظن بالله.

هل يحق لي أن أرفض شابا من أجل وظيفته، أو لأنه غير جامعي؟ وأنا لا أطلب مليونيرا ولكني أقبل بشاب جامعي؛ بحيث إذا قدر الله واستقال أو تم (تفنيشه)، يستطيع أن يقدم على عمل آخر مريح بشهادته الجامعية تعيننا على العيش البسيط.

هل أكون بذلك قد فعلت فتنة في الأرض (كما ذكر في الحديث الشريف) إذا رفضته من أجل وظيفته، مع العلم أنه صاحب خلق ودين؟
وهل علي إثم بشأن ذلك؟ وهل أنا أفكر بشكل صحيح؟ أم علي أن أتغاظى عن هذه الأمور (تعليمه، راتبه، وظيفته)، وليس في كل مرة سيتقدم لي شاب صالح نافع، ولكن من حق المرء على نفسه أن يختار لها الأفضل والأحسن.

وإذا تقدم لي شاب صالح محبوب، يمدحونه في خلقه، ولكنه غير جامعي ووظيفته مقبولة، هل أقبل؟! مع العلم أني ما زلت أكمل دراستي في الجامعة، فهل سيأثر ذلك علينا، وأنه سيتحسس مني بشأن أني جامعية وهو خريج ثانوية؟!

أرشدوني بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ب. ن حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك حسن العرض لسؤالك، ونؤكد لك أن الدين والأخلاق هي القواعد التي نبني عليها، وليس معنى ذلك أن نرفض بقية الأشياء، فالإسلام لا يريد للرجل الذي يريد الدين أن ينسى الجمال وينسى الحسب والنسب، ولا يريد الإسلام للفتاة أيضا أن تنظر للدين والأخلاق وتنسى بقية الأشياء، فالأمر كما قال الشاعر: (ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا) لذلك ينبغي أن تكون النظرة لهذه الأمور شاملة.

ولكننا نؤكد على أن المرجح هو الدين والأخلاق؛ لأن المرأة لن تستفيد من أغنى الناس ولا من أكثر الناس شهادات إذا لم يكن صاحب دين وأخلاق، كما أن الرجل لن يستفيد من أجل النساء إذا كانت ضعيفة الدين وليس عندها أخلاق، ولذلك هذه هي القواعد التي نبني عليها.

وبالنسبة للرفض والقبول: فإن الإسلام يترك هذه المسألة برمتها للفتى وللفتاة، بعد أن يعطى هذه الإرشادات، فقد يأتي شاب غني وجميل وامرأة غنية وجميلة لكن لا يحصل الوفاق، لا تريده، لا ترتاح إليه، فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف.

لذلك ينبغي أن تكون النظرة للأمور شاملة، ونؤكد أن مسألة الرزق من المهم، والراتب هذه من الأمور التي من حقنا أن ننظر فيها، لكن ليس من حقنا أن نسيء الظن بالله، أو نقول: (الله لن يغنينا) فقد تتزوج بالغني الآن ويفتقر غدا، وقد تتزوج بالفقير الآن ويصبح غنيا غدا، كما أن المرأة تأتي برزقها، وطعام الاثنين يكفي الأربعة.

لذلك نحن لا نريد أن نقف طويلا عند هذه المظاهر، فالأصل في الزواج الأخلاق والدين، بعد ذلك التوافق الاجتماعي، المستوى الثقافي، الشهادات، هي عوامل قد تكون مرجحة، قد تكون عوامل مزيد من الوفاق إذا حصل فيها أيضا من التوافق، ولكن ليس المعول عليها، خاصة فيما يتعلق بالرجل، فإن العبرة ليست بشهاداته، ولكن العبرة بحضوره الاجتماعي، وتفاعله مع الناس، وحسن التواصل، بكونه رقما في الحياة، بكونه رجلا له كلمة توزن.

لذلك نحن ننظر في دينه وأخلاقه وعلاقاته، وقدرته على تحمل المسؤولية، تعامله مع الناس، حضوره الفاعل بين الناس، هذه هي الأشياء التي ينبغي أن يحصل الاهتمام بها، وفي المال ينبغي أن نركز على همته، قدرته على تحمل المسؤولية، ليس على مجرد وجود المال بين يديه، فقد يصبح الإنسان يفتح عينيه على الدنيا وهو يرث أموالا طائلة، لكنه لا يقدم ولا يؤخر، لكنه كسول، متبطل، متعطل، هذا قطعا لن تسعد معه المرأة ولن تستفيد منه.

فلذلك ينبغي أن يكون هنالك نظر في المسؤوليات، والقدرة على تحمل أعباء الأسرة، ومع ذلك يكون الدين والخلق، هذا ما نريده فيمن يتقدمون لخطبة بناتنا، فينبغي أن تعمق النظرة، تكون نظرتك لهذه الأمور شاملة، وأرجو أيضا أن تستأنسي وتسعدي بمشاركة أهلك خاصة الرجال، فهم أعرف بالرجال، والرجال بمعادنهم، والبيوت الفخمة والأموال الكثيرة لا تجلب السعادة، ولكن حسن التعامل والأخلاق والدين هو الذي يجلب للإنسان السعادة في أسرته.

على كل حال من حق أي فتاة أن تقبل من شاءت، وترفض من شاءت، ولكن ليس من حقها أن تسيء لأحد، وليس من حقها أن تعير أحدا، ومن حق الشاب أن يقبل ويرفض ما شاء، ولكن شريطة أن يحسن الاعتذار، ويحترم مشاعر الآخرين، ولا يذكر العيوب التي شاهدها، ولا يبدأ يتكلم بها ويشيعها بين الناس، فالإسلام يعطي هذا الحق، ولكن بأدب، ولكن بذوق، ولكن بأسلوب جميل، ولكن بحسن إخراج للمسألة، ولكن بحسن اعتذار مع دعاء لمن رفضناه.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعينك على الخير، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات