السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حالتي بالتفصيل وبعض آلامي سأذكرها، لعلكم تعرفون ما بي:
- أشعر كأن بي نوعا من ضعف التركيز، في أوقات أكون بطيء الاستيعاب، لا أتكلم كثيرا، وإذا تكلمت كثيرا بسرعة تأتيني دوخة.
- لدي ألم في أعلى الرأس يأتيني أحيانا، وألم بداخل العينين من الخلف.
- ثقتي بنفسي ليست قوية جدا، لا أجلس مع والدي كثيرا، فدائما ما أكون وحيدا بغرفتي.
- أشعر أحيانا كأنني في حالة سكر، عيناي تخفت وكأنني دايخ.
- أجلس في مكان مع أصدقائي وفجأة أقوم، وتركيزي يكون قويا، وكأنني أول مرة آتي للمكان الذي أجلس فيه، ولا أركز فيما يقوله لي أصدقائي، وأنا ضعيف في الكلام أحيانا.
- كنت قبل سنة أتكلم لنفسي في المرآة كل ما أدخل دورة المياه خمس دقائق أو أكثر.
- مدمن للتفكير كثيرا، وقلق في نفس الوقت.
- تأتيني نظرة سوداوية للحياة، وكأنني كئيب لا أضحك كثيرا، ولا أضحك ببساطة.
- أجلس أمام شاشة الكمبيوتر لأيام، بحكم عزلتي في غرفتي.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ م.الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
حالتك تتطلب أن ننظر إليها من ناحيتين: هل هنالك سبب عضوي جسدي يؤدي إلى هذه الأعراض؟ أم هي نفسية مائة بالمائة؟
أنا أرى أن الجانب النفسي كبير جدا في حالتك، حيث إن القلق والتوتر والشعور بالإحباط يفقد الإنسان الدافعية، كما أنه يجعله مشتت التفكير وقليل التركيز، ورغبته في التواصل الاجتماعي تكون قليلة جدا، ودائما يأتيه شعور بالنقصان، أي أنه أقل من الآخرين خاصة إذا كان يجلس مع من يعرف.
هذا الجانب النفسي عندك موجود، وهو قوي، لكن من الضروري أيضا أن نقوم ببعض الفحوصات، أن تذهب وتقابل طبيبا، موضوع الألم بداخل العينين والشعور بالدوخة في بعض الأحيان: هذا يجب أن يتم فحص جسدك بواسطة الطبيب المختص، يفحص قاع العينين، الأذنين، الجيوب الأنفية، وإذا تطلب الأمر القيام بعمل صورة مقطعية أو صورة رنين مغناطيسي للدماغ فسوف يقوم الطبيب بهذا.
فعليك أن تتواصل مع الأطباء - حتى الطبيب الباطني أو طبيب الأعصاب يمكن أن يقوم بذلك - وبعد أن تتأكد من أوضاعك الجسدية والعضوية يبقى موضوع العلاج للحالة النفسية.
أولا: حسن تنظيم الوقت وأخذ قسط كاف من الراحة، وممارسة الرياضة، والغذاء المتوازن، هذه أساسيات وحاجيات ضرورية للتغذية الكاملة للدماغ ولإراحة النفس، ونتائج هذا سوف تكون في تحسن كبير في التركيز، فيجب أن تأخذ بهذه المبادئ.
الأمر الآخر: عليك أن تدرك نفسك بصورة أفضل، هذا نسميه (إدراك الذات) يعني من الواضح أنك تقلل من إمكانياتك، تقلل من مقدراتك، لا تقيم نفسك بصورة إيجابية، وهذا خطأ كبير أيها الفاضل الكريم، فأنت لست أقل من الآخرين.
الأمر الثالث: هو أن تطور نفسك من خلال القراءة، تطور نفسك من خلال البحث عن عمل، تطور نفسك من خلال حضور الدروس والمحاضرات والسعي لأن تتدارس القرآن، وبالمناسبة قراءة القرآن بتدبر وتمعن وتجويد تحسن من ذاكرة الإنسان، هذا مجرب، وهذا معروف، وأنا أنصحك بأن تلتزم به.
أود أيضا أن أنبهك إلى موضوع الاهتمام بالوالدين: هذا أمر مفروغ منه، هذا أمر ضروري، والحمد لله تعالى نحن مجتمعاتنا بخير، بر الوالدين يطمئن النفس، يجعلك دائما تعتز بنفسك وبمقدراتك، ولك -إن شاء الله تعالى- أجري الدنيا والآخرة، فأسع لذلك، اجلس مع والدك، تفكر في أموره، ساعده، بره بكل ما تستطيع.
وفي نهاية الأمر إذا اتضح أن الحالة بصورة جلية هي نفسية ربما تحتاج لتتناول أحد مضادات الاكتئاب البسيطة مثل عقار (فلوكستين)، والذي يعرف تجاريا باسم (بروزاك) هو دواء سليم جدا، ومحسن للمزاج وللدافعية، والجرعة التي تتطلبها قد تكون كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر مثلا، لكن يجب أن تتأكد أولا من الجوانب العضوية، وذلك حتى تطمئن أنت ونطمئن نحن كذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.