السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أنا شاب أبلغ من العمر 27 سنة, شاب عادي, وعندي صداقات, وحياتي عادية, لكن أعاني من الرهبة من التجمعات المغلقة التي أكون بها, لا أعرف أتكلم, وأتلعثم بالكلام, يكون عندي كلام لكن لا أتكلم, وأسكت, وأحب أن أختصر.
لكن؛ مع الأقارب ومع الذين أحبهم شخصيتي تتغير, وأصبح مرحا وطليق اللسان, مثال: إذا كان شخص أعرفه وقريبا مني, وجاء معه شخص لا أعرفه؛ لا أقدر أن أتكلم, مع أن عندي كلاما, ولكن أحتفظ به, وإذا تكلمت أخلط الكلام, لدرجة أني أصبحت أسكت, ولا أحتك إلا مع الذين أعرفهم, والبقية يظنونني مغرورا.
أخي فقط أرد عليه على قدر سؤاله, ولا أمزح وآخذ براحتي معه أو مع غيره, بجد لا أحب نفسي ولا شخصيتي إذا وضعت بهذه المواقف.
كما أعاني من الخوف والرهبة إذا غضب شخص أو (تنرفز) مني, وأنا لا أعرفه أحس برجفة, وأسكت, مع أني أقدر أن أرد, وأنا قوي البنية ولله الحمد, لكن لا أقدر أن أتكلم, وإذا تكلمت أخطئ في الكلام.
أتمنى أن أكون مثل الشباب, أتكلم مع الكل, وأضحك, ولا أحس برهبة, وأنا أعرف أنهم مثلي, ولا يزيدون عني شيئا.
آسف على الإطالة.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمودة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بناء على ما وصلت إليه وخلصت إليه بأنك لا تؤدي أداء اجتماعيا ممتازا أمام الآخرين، وأنك تفتقر وتفتقد القدرة على التعبير، وتتلعثم في الكلام: هذا التصور الخاطئ عن أدائك أعطاك تصورا سلبيا آخر أن الآخرين يعتقدون أنك مغرور وشيء من هذا القبيل.
أيها الفاضل الكريم: الذي تعاني منه خوف اجتماعي من الدرجة البسيطة، لكن الإشكالية الأساسية هي أنك تدرك نفسك –أي أن وعيك بذاتك يشوبه الكثير من التشويش وعدم الدقة– لأنك تقيم نفسك تقييما خاطئا.
الخوف الاجتماعي منشؤه هو تقليل القيمة الذاتية، وأن يعتقد الإنسان أنه مراقب من قبل الآخرين، كما أن الإنسان الذي يرفع درجة يقظته في المواقف الاجتماعي ليؤدي أداء حسنا، هذا الأمر يتحول إلى الضد.
فيا أيها الفاضل الكريم: كن شخصا عاديا مثلك مثل الآخرين، ولا تقلل من قيمتك، وأنا أؤكد لك ألا أحد يراقبك، لا أحد يقلل من قيمتك، لا أحد يعتقد أنك مغرور، لا أحد يعتقد أنك محبط من الناحية الاجتماعية، أو أنك مضمحل أو غير مقتدر, هذا الكلام ليس صحيحا، هذه الافتراضات السلبية هي مشكلتك الأساسية، وهذا كله يؤدي إلى خوفك من الفشل مما يفقدك الثقة في نفسك، فأرجو أن تصحح مفاهيمك، أنت لست أقل من الآخرين، علاقتك مع الآخرين تقوم على الاحترام والتقدير، وهذا هو جوهر الأمر.
بعد ذلك عليك أن تتخذ خطوات عملية للتواصل الاجتماعي، من أفضل هذه الخطوات العملية، هي (مثلا): أن تخصص يوما في الأسبوع لتزور فيه أصدقاءك وأرحامك، تذهب مرة أو مرتين في الأسبوع للمستشفى لزيارة المرضى ممن تعرف وحتى من لا تعرف، أن تكون حريصا على الصلاة مع الجماعة في المسجد، أن تنضم لأي نشاط اجتماعي أو ثقافي، أن تكون لك مشاركات فعالة داخل أسرتك، أن تمارس رياضة جماعية مع مجموعة من الشباب... هذه خطوات عملية متاحة في الحياة، وهي سهلة، وهي طيبة، وهي ذات منافع كثيرة تعود عليك بخيري الدنيا والآخرة.
فعلى نطاق الدنيا سوف تعطيك الثقة في نفسك، سوف تكون الدافعية الإيجابية، وهذا البناء النفسي الإيجابي الجميل عن ذاتك سوف يغير إدراكك ووعيك بذاتك ليتحول من فكر سلبي إلى فكر إيجابي.
هذه هي المبادئ التي يجب أن تلتزم بها وتسعى للتغيير، وأريدك –أيها الفاضل الكريم– أن تطلع على بعض الكتب، هنالك كتب جيدة جدا، وأنا قناعاتي بالمعلومات النظرية ليست قوية، لكن أعتقد أن الإنسان إذا اطلع وقرأ وركز على بعض المعلومات يستفيد منها كثيرا، مثلا كتاب (التعامل مع الذات) للدكتور بشير الرشيدي، أعتبره كتابا جيدا، وكتاب (لا تحزن) للدكتور عائض القرني، من أروع ما يمكن أن يمتلكه الإنسان، (الذكاء العاطفي) خاصة كتاب (رقم 2) يعتبر متميزا جدا.
فيا أخي الكريم وسع من معارفك من خلال اقتناء هذه الكتيبات وتطبيق ما بها من إرشاد.
أنا أعتقد أيضا أنك سوف تستفيد كثيرا من العلاج الدوائي، وعقار (باروكستين) والذي يسمى (زيروكسات) سيكون دواء مفيدا جدا لك، وهو سليم وبسيط ومتوفر في المملكة ولا يتطلب وصفة طبية، والجرعة المطلوبة هي أن تبدأ بنصف حبة –أي عشرة مليجراما– تتناولها يوميا بعد الأكل، ويفضل تناولها ليلا، أما إذا سببت لك أرق فتناولها نهارا، واستمر على هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة يوميا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هو من الأدوية السليمة والفاعلة، وقليل الآثار الجانبية، أسأل الله تعالى أن ينفعك به.
أريدك –أخي الكريم– أن تأخذ هذه الرزمة العلاجية كرزمة متكاملة، أي التوجيهات السلوكية، الخطوات العملية التي قلنا لا بد أن تخطوها، وتناول الدواء، وإن شاء الله هذا يعود عليك بخير كثير.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.