السؤال
السلام عليكم
عندي أسئلة وشكاوى متعددة أغلبها نفسية.
في البداية تم تشخيصي Generalized Anxiety Disorder ، منذ حوالي سنة، وتم وصف دواء سيروكسات لي، وأعتقد أني حققت نتائج شبه مرضية معه، فلم يعد القلق كما كان، بالإضافة لتوقف نوبات الهلع والاستيقاظ مفزوعا، وأعتقد أن هذا هو أقصى ما يمكن تحقيقه بنمط حياتي المليء بالرتابة والملل والانعزال في البيت أمام الكمبيوتر.
لذا ونتيجة عدم ذهابي للطبيب منذ حوالي 7 أشهر بسبب بعده، وبسبب كسلي، فأنا لم أعد أعلم ماذا أفعل، هل أستمر على الدواء أم أخفف الجرعة؟ أنا أتناول قرصا واحدا يوميا بعد الوجبة الأساسية منذ حوالي سنة تقريبا، يضاف إلى هذا أني لا أعلم ماذا سيحدث بعد توقفي عنه؟ هل سيعود القلق أم لا؟
عندي شكوى جديدة نوعا ما، وهي النعاس الكثير، في الأساس أنا أسلوب نومي عادة هو الاستيقاظ 12 ساعة أمام الكمبيوتر، والنوم 12 ساعة، لكن مؤخرا لم يعد بوسعي الاستيقاظ لفترة طويلة تزيد عن 12 ساعة، إلا بمقاومة، فلا بد أن أقاوم النعاس بعد 6 ساعات من استيقاظي مثلا! وإن استسلمت وذهبت للنوم أنام 6 ساعات، ثم أستيقظ، وبعدها بست ساعات أشعر بالنعاس مرة أخرى، وبصعوبة أكمل يومي مستيقظا، علما بأني أنام في النهار، وأصحو ليلا أمام الكمبيوتر.
فهل سبب النعاس رتابة حياتي اليومية؟ أم بسبب السيروكسات؟ أم بسبب عضوي؟ وهل له علاقة بالاضطراب الوجداني الموسمي؟ علما أني غير مكتئب، لكني لاحظت أني في هذا الوقت من السنة أكون متقلبا بعض الشيء، يضاف إلى ذلك أني أريد أن أعلم إن كانت المسكنات وأدوية الكحة تتعارض مع السيروكسات أم لا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرض القلق العام هو مرض شائع جدا ومنتشر، وفي بعض الأحيان يكون أيضا مرتبطا بعسر المزاج، وهي درجة بسيطة من الاكتئاب.
الذي تلمسته في رسالتك هذه أنك تعرف الداء، تعرف مشكلتك تماما، وتعرف أيضا الدواء، لكن يظهر –ومع احترامي الشديد لك– أنك لا تلتزم بالتطبيقات، فأي شاب في مثل عمرك يجب أن يهنأ بنوم سعيد، نوما طيبا، نوما عميقا، نوما يجعله يستيقظ وهو نشط ومقبل على الحياة، إذا أنت محتاج لترتيبات وتدابير معينة في حياتك.
أولا: يجب أن تكون صارما جدا مع نفسك في إدارة الوقت.
ثانيا: أفضل الأوقات التي يستغلها الإنسان ويستفيد منها الإنسان هي فترات الصباح (بورك لأمتي في بكورها)، حتى تتخلص من هذا الكسل الذي أنت فيه وهذا النوم الغير صحي: أنصحك أن تستيقظ وتصلي صلاة الفجر مع الجماعة، هذه هي البداية العظيمة، البداية التي تفتح لك أبواب الخير، البداية التي تعطيك الطاقات الكاملة، وبعد ذلك ابدأ يومك، وسوف تجد أنك مقبل عليه بكل انشراح، وخير بداية بعد أن تصلي هي أن تدرس لمدة ساعة قبل أن تذهب إلى كليتك، هذه الساعة التي سوف تدرسها توازي ساعتين إلى ثلاثة من الدراسة في أوقات أخرى، هذا مجرب وهذا معروف تماما.
مثل هذا الإنجاز الصباحي – كما نسميه – يفتح لك أبواب الخير، يجدد طاقاتك النفسية وطاقاتك الجسدية، وتحس أنك قد أنجزت، وحين تحس بذلك هذا هو أعظم مكافئة داخلية يكافئ بها الإنسان نفسه، وهنا يكون الإنسان قد أدرك نفسه وذاته بصورة صحيحة.
بعد ذلك - أخي الكريم – وزع وقتك كما تشاء وبصورة معقولة، بشرط أن تخرج نفسك من الرتابة، الرياضة مهمة جدا لأي شاب في مثل عمرك، أن تأخذ وقتا مع القراءة غير الأكاديمية، تشاهد التلفزيون قليلا، أن تتواصل مع أصدقائك، أن تشارك أسرتك في أنشطتها اليومية... هذه هي الحياة، وهي حياة بسيطة، ولكنها جميلة جدا، فأرجو أن تسير على هذا المنوال.
بالنسبة للزيروكسات: أطمئنك أنه دواء جيد، ودواء سليم، دواء فاعل جدا جدا، وربما تحتاج لتناوله لفترة ستة أشهر أخرى بمعدل حبة واحدة في اليوم، ثم اجعلها نصف حبة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
تطويرك لوسائلك العلاجية الأخرى التي تقوم على مبدأ التفكير الإيجابي، إدارة الوقت بصورة صحيحة، وأن تكون لك دافعية وأهدافا في هذه الحياة، هذه هي الوسائل السلوكية التي تتطلبها حالتك، -وإن شاء الله تعالى- يزول عنك القلق تماما، أو على الأقل يتحول قلقك من قلق سلبي إلى قلق إيجابي، هذا يعني أنه قلق يصبح نافعا لك، يحسن من إنتاجك، يحسن من دافعيتك، يزيد من إقبالك على الحياة.
سؤالك حول الاضطراب الوجداني الموسمي: هذا نشاهده دائما في مناطق القطب الشمالي أكثر مما هو في بلادنا، لكن هناك بعض الناس لديهم شيء من الموسمية في أعراضهم، لكنها لا تكون شديدة، والذي يعرف أن هنالك موسمية في حالته يجب أن يتخذ التحوطات اللازمة: يكثف الرياضة، إذا كان الاكتئاب يأتي في بداية الشتاء يعرض الإنسان نفسه للشمس بصورة مباشرة وبكثرة، وعليه بالتنظيم الغذائي الجيد.
سؤالك الأخير حول الزيروكسات وهل يتعارض مع المسكنات وأدوية الكحة؟ لا يوجد أي تعارض ما بين هذا الدواء والأدوية المذكورة أو حتى المضادات الحيوية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.