السؤال
السلام عليكم ورحمة الله
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، اجتماعية وحساسة بعض الشيء، ملتزمة -ولله الحمد-، أصابتني عين وتعبت منها وتعبت نفسيتي، معي قلق وتوتر ومخاوف منذ أن بدأت الدراسة، مشكلتي الأكبر خوفي من الموت أفقدني الاستمتاع بحياتي، تنتابني فكرة أني سوف أموت والإحساس بدنو أجلي من 4 أشهر، ولكن هذه الفترة زادت فكرة الموت عندي وأصبحت أخاف جدا، حتى أني أتخيل شكل القبر والدود وأفكر كيف سأموت؟ ومتى؟ وهكذا، وأقول مثلا ما الفائدة من الدراسة وأنا سأموت؟
أصبحت الفكرة مسيطرة علي حتى وأنا مع الناس، وقبل النوم أصبحت تراودني كثيرا، أفكر أني في أي لحظة سوف أموت، وأثر علي بشكل كبير، وزاد القلق والتوتر عندي، تأتيني رغم عني وكأن أحدا في عقلي يحدثني، وأصبحت أربط الأشياء التي تحصل لي بالموت، كأن يتصل علي أحد وأقول: سأموت أو عندما قررت ترك الجامعة والراحة هذا الفصل أتتني هذه الفكرة، وأصبحت أمكث في المنزل ولا أخرج، وسببت لي حزنا شديدا، ولا أريد والدي أن يموتا، وأفكار لا أستطيع قولها خوفا من الله.
وعندما أفكر في البعث ويوم القيامة أخاف جدا منه، وأقول كيف أكون دون والدي؟ وأين أراهما؟
علما أني عندما كنت صغيرة كانت معلمتي تخوفنا من القبر والموت، وكنت أخاف جدا، أنا في أمس الحاجة لكم، انصحوني، وهل أخبر والدي أم ماذا؟
ملاحظة: أنا آخذ دواء سبرالكس 5 مل من أسبوع تقريبا، هل علاج الحالة النفسية في بدايتها أفضل؟
شكرا لكم، وجعله الله في موازين حساناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hnd حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقلق المخاوف أصبح منتشرا جدا الآن، وهذه الحالة لا نعتبرها حالة خطيرة، نعم هي مزعجة لصاحبها، لكن أؤكد لك تماما أنه يمكن احتواؤها -إن شاء الله تعالى-.
قلق المخاوف الذي تعانين منه أيضا له مكون أساسي، وهو الأفكار الوسواسية، فحديثك عن القبر وما يحدث في حياة البرزخ فيه طابع وسواسي جدا، وبدايته قطعا هي قلق المخاوف.
أنا أعرف تماما -أيتها الفاضلة الكريمة- أن قناعاتك بالموت مطلقة، وأعرف أن مخاوفك هذه أصلا هي نوع من القلق وليست مخاوف متلائمة مع تفكيرك، فأرجو أن تحقري هذه الفكرة، لا أقول لك حقري فكرة الموت، لكن حقري فكرة الخوف غير المنطقي؛ لأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة، ولا ينقص من عمر الإنسان لحظة، والإنسان يكون متوكلا، ويسأل الله تعالى أن يحفظه ويطيل عمره في عمل الخير.
هذا هو المطلوب وليس أكثر من ذلك، فأريدك أن تسيري على هذا النهج، والإنسان يتعوذ بالله تعالى من شر فتنة القبر ومن شر عذاب القبر، ومن شر فتنة النار ومن شر عذاب النار، ومن شر فتنة الحياة والموت.
هذه -أيتها الفاضلة الكريمة- أسس بسيطة ومعلومة، لكن الإنسان حين يتدبرها ويتفكرها تشعره باطمئنان كبير.
أنت أيضا محتاجة لأن تصرفي انتباهك تماما عن هذه الأعراض، وذلك من خلال أن تعيشي حياة نشطة، حياة فعالة، مفيدة لك ولنفسك وأسرتك ونافعة للآخرين، أنت -الحمد لله تعالى- في عمر كله طاقات متجددة (طاقات نفسية– طاقات جسدية– طاقات وجدانية)، فوزعي وقتك بصورة صحيحة، لا تدعي للفراغ أي مجال، هنا سوف تجدين أن الدفع الإيجابي أصبح هو الذي يهيمن على حياتك، وأصبحت أكثر وعيا وإدراكا بمقدرات ذاتك، وهذا -إن شاء الله تعالى- يبعد عنك الفكر القلقي السلبي الذي يهيمن عليك.
بالنسبة لموضوع الدواء الذي تتناولينه، هو دواء ممتاز، السبرالكس يعتبر من الأدوية الممتازة والفاعلة والنقية جدا، وقد أحسنت في أنك بدأت العلاج مبكرا؛ لأن البدايات المبكرة للدواء دائما تكون نتائجها رائعة جدا، أما الذين يتكاسلون ويتقاعسون عن تناول الدواء مع الخوف والتردد، فهؤلاء ربما يقللون فرصتهم في التعافي، لكن البداية المبكرة، الالتزام القاطع بالجرعة في وقتها، هو من الأدوات الجوهرية المتعلقة بنجاح العلاج.
أنت الآن تتناولين السبرالكس بجرعة خمسة مليجرام يوميا، هذه بداية جيدة جدا، وجرعة صغيرة جدا، يمكنك الآن أن ترفعيها إلى عشرة مليجرام، وهي الجرعة الوسطية التي أعتبرها جرعة علاجية في حالتك، والجرعة القصوى هي حتى ثلاثين مليجراما في اليوم، لكنك لن تحتاجي لهذه الجرعة.
إذا جرعة العشرة مليجرام هي الأنسب لك، تناوليها يوميا لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
قطعا إخطارك لوالديك حول علتك البسيطة هذه سيكون أمرا جميلا، مساندتهما والدفع الإيجابي منهما لك سيكون جيدا، وقطعا إخطارك لهما أيضا فيه نوع من التنفيس النفسي الإيجابي، كوني حريصة جدا في أن تكوني إيجابية التفكير، وأن تديري وقتك بصورة صحيحة، وتجاهلي هذه الأعراض، وقطعا الدواء سوف يساعدك كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.