السؤال
السلام عليكم
الدكتور: محمد عبد العليم.
أود أن أستشيرك في مشكلتي التي أتعبتني، وكرهتني حياتي، حيث إنها تلازمني منذ أكثر من سنة.
مشكلتي هي: الأرق، لا أستطيع النوم، تفكيري كله في النوم، أنا لا أستطيع أن أنام مرة ثانية مهما كنت متعبا، أصبحت أخاف أن أذهب للفراش، ولا أنام، استخدمت أدوية كثيرة، لم يفدني إلا دواء (زولبيجن) حيث إني استخدمته لثلاثة أشهر، اتبعت إرشادات النوم ولم تفدني.
أرجو منكم مساعدتي لعلي أجد العلاج لديكم بعد الله، وأرجو منك الإجابة على هذه الأسئلة التي أتعبتني، وجزاكم الله خيرا.
س: ماذا يحصل إذا لم أنم لثلاثة أيام؟
س: هل (زولبيجن) يفقد مفعوله، أو يسبب الإدمان عند الاستخدام الطويل؟
س: متى يصبح عدم النوم مدمرا؟ ولا بد من الذهاب إلى الطبيب؟
س: العلاقة بين الجنون والنوم؟
س: هل الأرق يلازم الإنسان طوال حياته؟ أم يذهب بإذن الله؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الصابر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أريدك - أيها الفاضل الكريم - أن تصل إلى قناعة كاملة أن النوم هو حاجة بيولوجية، نستطيع أن نقول: إنها فطرية وغريزية، وأن الله تعالى قد حبانا بها، وأن الإنسان إذا أصيب بأرق يجب ألا ييأس، يجب ألا يعتقد أنه لن يأتيه النوم، النوم لا بد أن يأتي.
الذي ألاحظه أنك بالفعل تعاني من أرق، لكن المشكلة الأكبر هي: أنك أصبحت تتوقع هذا الأرق، أصبحت تكون في انتظاره، لذا أصبح مهيمنا ومسيطرا على حياتك لدرجة وسواسية.
أيها الفاضل الكريم: لا بد أن يشخص سبب الأرق، هل هو ناتج من قلق؟ هل هو ناتج من اكتئاب؟ هل هو ناتج من آلام جسدية؟ هل هو ناتج من وضعية خاطئة في النوم؟ .. حتى الذين ينامون على مخدات مرتفعة، أو وسائد عالية قطعا نومهم لن يكون جميلا، الذين لا يلتزمون بأذكار النوم، الذين لا ينامون على شقهم الأيمن، الذين يتناولون كميات كبيرة من الطعام ليلا، الذين لا يتريضون، الذين يشربون الشاي والقهوة في المساء، هؤلاء لا يمكن أن ينامون نوما سليما.
فيا أخي الكريم: الموضوع يتطلب حقا ترتيبا وجدولة لحياة الإنسان وتغيير نمطها، حتى ينام نوما صحيحا.
أنا أقول لك: اتباع هذه الإرشادات مهم وضروري جدا، ويجب أن تتجنب النوم النهاري، وأن تمارس أي نوع من الرياضة، والممارسة المبكرة للرياضة – أي ألا تمارس في فترة متأخرة من الليل – هي الأفضل وهي الأطيب.
إذا هذه التعليمات الإرشادية العامة، بالرغم من أنك ذكرت أنك لم تنتفع منها، لكن سوف تنتفع منها يوما من الأيام.
النوم عن طريق المنومات أنا لا أفضله، برغم أني لا أقول: إن هذه الأدوية ممنوعة مثل: الـ (زولبيجن)، والذي قطعا هو مفيد، والذي ذكر أنه لا يسبب الإدمان، لكن قطعا الاستمرار عليه لفترات طويلة سوف يفقده فعاليته.
أرجع وأقول مرة أخرى: لا بد أن نعالج السبب، ونزيل السبب، فإذا كان قلقا لابد أن نزيله عن طريق ممارسة تمارين الاسترخاء، وهي مهمة جدا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها وتستفيد منها، وإذا كان السبب قلقا فالتنفيس عن النفس أيضا مهم.
إذا كان هنالك عسر بسيط في المزاج لا مانع من تناول أدوية بسيطة وجميلة جدا، ومفيدة ومحسنة للمزاج، مثلا: عقار (ميرتازبين)، والذي يعرف تجاريا باسم (ريمارون) دواء رائع جدا في تحسين النوم، ولا يسبب الإدمان، والجرعة المطلوبة هي خمسة عشر مليجراما ليلا، وهذه يمكن الاستمرار عليها لمدة ستة أشهر، ليس هنالك ما يمنع، وتوجد أدوية أخرى مفيدة ومفيدة جدا، فأرجو أن تسير على هذا النمط.
وبالنسبة لسؤالك: ماذا يحدث للإنسان إذا لم ينم لمدة ثلاثة أيام؟ سوف يحدث له إجهاد، إجهاد نفسي، إجهاد جسدي كبير، وبعض الناس قد يدخلون في نوع من الهلاوس.
سؤالك: متى يصبح عدم النوم مدمرا، ولابد من الذهاب إلى الطبيب؟ .. قطعا إذا لم ينم الإنسان نوما مريحا، ولم يعرف سببه، فلا بد أن يذهب إلى الطبيب، فالحرمان من النوم أمر مجهد ومجهد جدا، ومن الضروري أن يعالج.
ما هي العلاقة بين الجنون والنوم؟ إذا كنت تقصد بالجنون (الاضطراب العقلي) مثل: مرض الفصام، أو الهوس؛ فالعلاقة الوحيدة مثلا هي في بدايات مرض الهوس، يكون نوم الإنسان جيدا، وفجأة يتحول إلى أرق شديد، وهذا يكون مؤقتا.
هل الأرق يلازم الإنسان طول حياته أم يذهب؟ بعض الناس وهم قلة قليلة جدا يكون الأرق مرافقا لهم في حياتهم، إذا لم يقوموا بإجراء خطوات علاجية، لكن هذه قلة قليلة.
أيها الفاضل الكريم: الأرق الذي لا تعرف أسبابه يفضل أيضا أن يذهب من يعاني منه إلى الطبيب، هنالك مختبرات الآن تسمى بـ (مختبرات النوم) بها معدات ممتازة جدا، يتم فحص الإنسان، ويظل في المستشفى لمدة ثمانية وأربعين ساعة، تجرى بعض المقاييس الكهربائية لنشاط الدماغ، ومن خلالها يمكن أن يحدد نوع الأرق، ومن ثم توضع الخطة العلاجية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك نوما هنيئا مريحا.