السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة، تنتابني وساوس قهرية منذ أن كنت في آخر مرحلة بالثانوية، والسبب فكرة طرأت على بالي في درس الدين، ومنذ ذلك اليوم بدأت الأفكار تكبر معي، أحيانا أستطيع منعها، وأحيانا لا، وكثيرا ما يبطل وضوئي وصلاتي بسبب هذه الأفكار التي تتعبني وتجعلني أكره نفسي، وأحيانا لا أستطيع مقاومتها وإن حاولت، كما أنني أتعب جسديا ونفسيا، ومنها ما يجعلني أشعر بالحزن والندم.
أريد أن أعود كما كنت سابقا، لكنني أشعر باليأس من مقاومة تلك الأفكار، فأنا أتردد كثيرا بسببها، وأعيد العمل أكثر من مرة، وبسببها أعاقب نفسي بالحرمان.
قرأت أن هناك دواء لمرضى الوسواس القهري، ولكنني خائفة من أن أتناول دواء قد تكون له أضرار، وأشعر بأنني سأتحسن إذا تناولت الدواء، فبماذا تنصحونني؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوساوس القهرية محزنة جدا للنفس، خاصة حين تكون ذات طابع ديني، وتكون ملحة ومستحوذة، ينتج عنها اكتئاب ثانوي، مما يزيد أيضا من حدة هذه الوساوس.
أنا أحمل لك بشرى، وهي أن الوساوس يمكن أن تعالج، وتعالج بصورة فاعلة جدا، والعلاج يتكون من علاج دوائي وعلاج سلوكي.
والأدلة التي تؤكد أهمية العلاج الدوائي أتت من خلال البحوث التي أثبتت وبما لا يدع مجالا للشك أن هنالك اضطرابا يحدث في مواد كيميائية داخل الدماغ تسمى بالموصلات العصبية، وهذا الاضطراب ليس اضطرابا خطيرا، ولكن إذا لم ترجع هذه المواد والموصلات العصبية إلى وضعها الطبيعي؛ فسوف تظل الوساوس موجودة.
والوساوس بجانب الدواء تعالج من خلال ما نسميه بالدفع السلوكي الإيجابي، وهو: أن يحقر الإنسان الوسواس، وألا يناقش الوسواس؛ لأن مناقشة الوسواس والاسترسال فيه تقويه؛ وأن يفعل الإنسان ما هو مضاد للوسواس، من خلال مبدأ التعريض هذا مع منع الاستجابة تعالج الوساوس.
أنا أريدك أن تذهبي وتقابلي الطبيب النفسي، حتى ولو لمرة أو مرتين، والسبب في طلبي هذا أن مقابلة الطبيب -أضيفي إليها ما ذكرته لك- سوف تجعلك في وضع مطمئن جدا في تناول الدواء.
أنا أقدر جدا مخاوفك ووساوسك حول الدواء، وهذه أيضا من طبيعة الوسواس، فأرجو أيتها -الفاضلة الكريمة – أن تذهبي وتقابلي الطبيب، وأنا أؤكد لك جدا أن الأدوية ممتازة، وقد تحتاجين لدواء واحد فقط، مثل عقار (فافرين)، أو عقار (بروزاك)، أو أي دواء آخر يراه الطبيب.
فقط أنصح بشيء مهم جدا، وهو الالتزام بالجرعة الدوائية، والوساوس تحتاج لجرعات إما على المستوى الوسطي من الجرعة أو على المستوى العالي من الجرعة، أما الجرعات الصغيرة فليست مفيدة، كما أن مدة العلاج يجب أن تكتمل، ومراحل العلاجية الدوائية تبدأ بالجرعة التمهيدية، ثم الجرعة العلاجية، ثم الجرعة الوقائية، ثم جرعة التوقف التدريجي عن الدواء.
وبعد أن تتناولي الدواء لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع؛ سوف تحسين بانفراج كامل في أساريرك، وسوف تقل حدة القلق، وسوف تبدأ الوساوس في الهشاشة، وهنا ستسخرين إرادتك وآلياتك السلوكية من أجل القضاء عليها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.