عصبيتي دمرت حياتي، ولا أستطيع التخلص من ضعفي

0 364

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من العصبية بشكل مفرط لأتفه الأسباب، وكل ما يدور حولي يثير غضبي وعصبيتي، ودائما ما أفقد أعصابي على أمي وكذلك أبي، وبعدها أحس بتأنيب الضمير، والآن والدي متوفى، وأعيش حالة حزن وألم نفسي، وأبكي لأني لم أكن أتحمله، والمشكلة أن هذه العصبية صفة دائمة لكل أفراد البيت، وكل واحد منا لا يطيق الآخر.

الأمر الآخر: أنه ليس لدي ثقة في نفسي، ومع أني أريد الوظيفة؛ إلا أنني أخشى الفشل، ولا أدري كيف سأتعامل مع طالباتي، وخائفة من أن أظهر ضعيفة أمامهم، عدا عن أنني لست اجتماعية، وأغلب صديقاتي حاليا أتحاشى التجاوب والكلام معهم، كما أنني منذ 4 سنوات وأنا أستخدم علاجا نفسيا، وقد مضى علي 5 أشهر وأنا تاركة للعلاج، فما الحل؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كنت أتمنى أن تذكري اسم العلاج الذي تتناولينه؛ لأن هذا سوف يدلنا بشكل مفيد على نوعية التشخيص السابق لحالتك، والآن أقول لك أن هذه العصبية والتوتر تؤدي إلى التضجر، وقطعا فإن انفعالاتك السلبية هذه ساعدت كثيرا في أن تكون الأسرة غير مرتاحة، حيث ذكرت أن كل البيت به عصبية أو دائم العصبية والتضجر.

فأيتها -الفاضلة الكريمة-: في أغلب الظن أنك تعانين من سمات الشخصية العصبية الانفعالية، مع وجود عسر مزاجي، وهو نوع من الاكتئاب الثانوي.

العلاج يتمثل في: أن الإنسان يتعامل مع مشاعره بأن لا يقبلها، لا تقبل مشاعرك أبدا، هل من المعقول أن يقبل الإنسان مشاعر سيئة متسلطة عليه؟ لا، الله تعالى أعطانا الحكمة، وأعطانا الريادة، وأعطانا الفكر، وأعطانا الآليات التي نفرق بها ما بين الخير والشر والحق والباطل. إذا الأمر هو إرادي لدرجة كبيرة، راجعي نفسك، وقولي (أنا التي سوف أتغير، ولا بد من أن أتغير، وهذا ممكن)، وهذه العملية الفكرية مهمة وضرورية جدا.

الأمر الثاني هو: حاولي أن تكوني معبرة عن ذاتك، السكوت على الأشياء البسيطة والاحتقانات السلبية دائما تؤدي إلى هذا النوع من السلوكيات.

ثالثا: عليك أن ترفعي من مستوى ما يسمى بالذكاء العاطفي لديك، والذكاء العاطفي مهم جدا في حياتنا، وهو من العلوم المستحدثة، هو أهم كثيرا من الذكاء الأكاديمي، حيث إن الذكاء العاطفي من خلاله يتعرف الإنسان على مشاعره، ويدركها على حقيقتها، ويسعى إلى تغييرها إيجابيا، كما أنه يتفهم ويعي مشاعر الآخرين، ويتجاوب معها، ويتعامل معها إيجابيا.

هذه طريقة مهمة، فأرجو أن تقرئي عن الذكاء العاطفي، هنالك كتاب أساسي يسمى (الذكاء العاطفي) لمؤلفه (دانييل جولمان)، كما أن الشيخ الدكتور عائض القرني – جزاه الله خيرا – استفاد كثيرا من أفكار علماء السلوك في كتابه (لا تحزن)، والذي وضعه بصورة إسلامية جميلة، فأرجو أن تستفيدي منه.

النقطة الرابعة هي: ضرورة أن تلجئي إلى ما ورد في السنة المطهرة في التعامل مع الغضب والانفعال، لا تغضبي، لا تغضبي، لا تغضبي، وإذا أتاك شيء من هذا –أي من الغضب– فغيري مكانك، فإن كنت واقفة فاجلسي، وإن كنت جالسة فاضطجعي، وهكذا. واتفلي على شقك الأيسر ثلاثا، وأطفئي نار الغضب بالوضوء، وصلي ركعتين، الذين طبقوا هذه التمارين مرة أو مرتين وجدوا أنها تجهض الغضب حتى وإن لم يطبقوها بعد ذلك، وإنما مجرد تذكرها، كوني على هذا النهج وهذا الطريق.

خامسا: ما لا ترضيه للآخرين لا ترضيه لنفسك، يعني أن الانفعالات السلبية التي تصدر منك لا شك أن وقعها مؤلم جدا على الآخرين.

سادسا: تعاملي من خلال أفعالك وليس مشاعرك أو أفكارك، كوني منجزة، كوني مثابرة، كوني مفلحة، واجعلي لحياتك هدفا... هذا يبدل مشاعرك ويجعلها إيجابية.

سابعا: اعلمي أن بر الوالدين هو أمر ضروري لا جدال حوله، لا مساومة فيه، هو مدخل الدنيا وسعادتها وكذلك الآخرة.

ثامنا: هذا الضجر والعصبية التي تحدث في أسرتكم، لا بد أن يكون لك مساهمات إيجابية في القضاء على هذا الأمر، اجعلي السكينة في البيت من خلال الكلام اللطيف الرقيق الطيب، وبر الوالدين، اتفقي مع أسرتك أن تقوموا بعمل حلقة قرآنية أسبوعية على الأقل في البيت، والتي -بإذن الله- ستأتي بالرحمة والسكينة لكم.

النقطة الأخيرة: وبالرغم من أنك لم تذكري اسم الدواء الذي تتناولينه، ولكن أعتقد أن محسنات المزاج ستكون مفيدة لك جدا، والعقار الذي يعرف تجاريا باسم (إفيكسر)، ويعرف علميا باسم (فلافاكسين)، سيكون دواء جميلا بالنسبة لك، تناوليه بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، وقوة الكبسولة خمسة وسبعين مليجراما، استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم اجعليها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم بعد ذلك توقفي عن تناول هذا الدواء.

وهنالك علاج إضافي بسيط يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول)، ويسمى علميا باسم (فلوبنتكسول)، تناوليه أيضا بجرعة حبة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عنه، قوة الحبة هي نصف مليجرام.

أود أن أضيف أيضا في ختام هذه الرسالة أنه عليك أن تكثري من الاستغفار، وأن تحرصي على صلاتك في وقتها، وأن تمارسي أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، وعليك أيضا بتمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدا، وللتدرب على تمارين الاسترخاء، وإدراكها بصورة جيدة، وتعلمها، ارجعي إلى استشارة بموقعنا تحت رقم (2136015).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات