أختي مصابة بالوسواس القهري ولا تلتزم بالعلاج السلوكي، ماذا نفعل؟

0 307

السؤال

السلام عليكم...

أختي عمرها 22 سنة، طالبة بكلية الطب.

تعاني من الوسواس القهري منذ سنة ونصف، وسواس في النظافة، والاستحمام لساعات طويلة جدا، وتجنب لمس أي شيء، وتكرار غسيل يدها ورجلها من غير سبب لساعات طويلة، لدرجة تشقق جلدها وتقشره، وتساقط شعرها والتهاب بشرتها، بالإضافة إلى أفكار تمس مقدسات الدين، هي شخصية خجولة طول عمرها، والآن أصبحت أكثر خجلا بسبب مرضها.

حاولت أن أعرف ما بها مرارا، لأنها من النوع الكتوم جدا، وبعد أن عرفنا عن حالها، تم عرضها على استشاري نفسي، والآن تأخذ علاج (باروكستين 60 ملجرام)، لمدة شهر وأسبوعين، وقد تحسنت بنسبة خمسين بالمئة.

بدأنا بعمل تمارين تعرض ومنع استجابة، لكنها تلتزم في المقاومة في بعض الأعراض القهرية، وفي بعضها تستجيب، وأنا استمر في الضغط عليها أنه يجب أن تقاوم، وأتعصب عندما أراها تستسلم بحجة أنها لا تستطيع المقاومة، وأن الشعور قوي.

سؤالي: هل ضغطي عليها يفيد أم يتعبها نفسيا؟ مع العلم بأنها تقول أن الشعور خف بسبب الدواء، ولكنها لا زالت تبكي منه، وترتجف خلال الاستحمام.
كيف أساعدها لتشفى؟ وما هو المتوقع بالنسبة لحالتها، هل ستشفى تماما؟ وكم المدة التي تستمر في أخذ الدواء؟ هل ستؤثر حالتها على حياتها الزوجية مستقبلا؟ وهل يمكنها الزواج أصلا؟ مع العلم أن هناك من يتقدم لها وترفضه؛ لأنها غير مستعدة الآن بسبب مرضها.
هل إضافة دواء آخر (للباروكستين) سيساعدها أكثر؟ مع العلم بأنها كانت على ( risperidone 0.5 mg/d )، لكن توقفت عنه لأنه ينعسها كثيرا، فيؤثر على المذاكرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hyt حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله -تعالى- لأختك الصحة والعافية، وأعتقد أنها قد عرضت علي في قسم الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية، منذ ثمانية أشهر تقريبا، هذا قطعا مع احتفاظي الشديد لخصوصية وأسرار المرضى.

أيتها الفاضلة الكريمة: الوساوس القهرية كثيرا ما تكون مطبقة ومستحوذة وملحة، والتجنب يعرف أنه سمة من سمات بعض أصحاب الوساوس، خاصة الذين يخافون من وساوس الأوساخ، ويريدون أن يعيشوا حياة معقمة، تجدهم يتجنبون العلاج حتى مصادر العلاج، كالأطباء مثلا يتجنبونهم، فيجب أن نجد لهم العذر، لكن في ذات الوقت يجب أن نحثهم وأن نرغبهم وأن نساندهم وأن نحفزهم من أجل القضاء على وساوسهم، المطلوب منك هو أن تعطي أختك هذه دائما الشعور بالأمل والرجاء.

ثانيا: كوني أنت المعالج المساعد لها، ويا حبذا لو جلست جلسة أو جلستين مع الأخصائي النفسي حتى يطلعك تماما على الدور العلاجي، الذي يجب أن تقومي به، وأهم دور هو أن تكوني لها نموذجا تمارس التعريض مع منع الاستجابة، وأقصد بذلك أن تقومي أنت بالفعل أمامها، وتجعليها تتبعك، مثلا من التمارين الممتازة جدا أن تقومي بوضع يديك في سلة الأوساخ لمدة ثلاثة دقائق، وتجعليها تقلدك، قد ترفض، قد تقاوم، لكن يجب أن تصري عليها، وإن اضطررت أن تمسكي بيدها فقومي بذلك، بعد ذلك –أي بعد إدخال اليدين في سلة الأوساخ– تقومين بقبض يديك مع بعضهما البعض لمدة دقيقة، ثم بعد ذلك تضعين ماء في كوب، ولا تستعملي أبدا ماء الصنبور، وتغسلين يديك مرتين، وتتابعك أختك في هذا السياق.

من أهم الأشياء، هذا التمرين ليس تمرينا آليا ميكانيكا، إنما فيه الجانب الفكري والتأملي والتدبري، وهذا هو الذي يجب أن تتبعه أختك، على سبيل المثال، حين أدخلت يديها في الأوساخ، يجب أن تعرف أنها سوف تغسل يديها لكن بكمية ماء محدودة جدا (وهكذا)، إذا أن تكوني أنت النموذج القدوة، والدافع والمحفز العلاجي قطعا سوف تساعديها كثيرا وكثيرا.

(الباروكستين) من الأدوية الممتازة، وإن كانت بعض الدراسات أشارت أيضا أن (فافرين) ومعه (بروزاك)، قد تكون أكثر فعالية، لكن لا نلاحظ اختلافات كثيرة، والأدوية المضادة للذهان مثل (رزبريادون)، هنالك بعض المؤشرات التي تشير على أنها مدعمة من الناحية العلاجية، تناول الدواء هو أبسط شيء وأسهل شيء، والعلاج السلوكي يجب أن يطبق بإرادة قوية؛ لأنه الأفضل ولأنه الأحسن ولأنه هو الذي يمنع الانتكاسات المرضية.

هذه الفتاة –حفظها الله– يجب أن تخرج من كابوس الوساوس، من خلال أن تنطلق في حياتها انطلاقات إيجابية، أن تطلع، أن تقرأ، أن ترفه عن نفسها بما هو طيب وجميل، أن تكون لها صحبة طيبة من الفتيات الأخريات، أن تلعب دورا رائدا وقياديا في الأسرة، هذا كله يصرف انتباهها -إن شاء الله تعالى- عن هذه الوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات