مشكلتي تتركز في الاختلاط بالناس وبناء علاقات والتواصل معهم

0 488

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة أبلغ من العمر 18 سنة، طالبة في الثانوية، أشعر أن لدي أمراضا نفسية، لدي مشكلة في وجهي، دائما عابسة ولا أستطيع التبسم أو الضحك -وخاصة في الصف بين زميلاتي- لا أدري ما السبب ولا أجد أي شيء يفرحني، أحيانا أكون في مواقف تتطلب مني أن أضحك أو أبتسم، لكن لا أستطيع مع أني أحاول، وأحيانا زميلاتي في الصف يقلن عني نكدة، ويطلبون مني أن أكون مبتسمة دائما، وكل من يرى وجهي يقول أنه حزين والدمع في عيوني، مع أني أحيانا أكون لست حزينة لكن هذا الكلام يجرحني، لأني أحس أن طبيعة وجهي عبوس، وأنا لا أستطيع أن أضحك إلا مع صديقتي المقربة.

ثاني شيء أني بالصف هادئة ولا أتكلم، عندما حاولت أن أتكلم أو أبتسم أو أشارك لم أستطع الكلام، عندما أكون بينهن لا أجد كلاما أقوله، أشعر أن عقلي فارغ، أتمنى أن أتكلم بطلاقة، دائما أكون مستمعة، وعندما أريد أن أقول رأيا يكون صوتي منخفضا، أريد المشاركة وأحب زميلاتي، عندما أتكلم أشعر نفسي غبية من نظراتهن، وأحس أنهن لا يحترمن كلامي، ولا أحد يجيبني، أو يرد علي بكلام جارح، وكلما تكلمت ارتبكت وصارت خدودي حمراء وعيوني ترتجف خاصة إذا نظر أحد في عيوني، مع أني لم أؤذ مشاعر أحد من قبل.

أحس أن وجودي كعدمه، وأحيانا يخطئ معي أحد بالكلام لكن لا أدري كيف أرد؟ أحاول دائما أن أتقرب من الجميع لكني أفشل، أشعر أنه ليس لدي أسلوب في الحديث، هذه الأشياء جعلتني غير واثقة بنفسي عندما أتكلم، وعندما أريد أن أقول شيئا أخاف أن يحرجني أحد.

عندي مشكلة أني لا أستطيع أن أثق بأي أحد، وإذا كانت عندي ثقة بشخص أفقدها ولأتفه الأسباب، هذه الحالات بدأت معي منذ سنين طفولتي، كنت بلا أب، كان أبي بعيدا عني، ووالداي منفصلان، إخوتي لم أرهم كثيرا في طفولتي، لكن كانت علاقتي بهم جيدة، لم أتقرب من أصدقاء من قبل في طفولتي، أمي كانت معاملتها جيدة.

كذلك أعاني من الأفكار السلبية قبل النوم وأبكي، أرجو مساعدتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على هذه الكتابة المفصلة في وصف الحال الذي أنت عليه، أو كما تشعرين بأنك متصفة بها، ويبدو من خلال سؤالك أمران، وربما يفسران طبيعة المشكلات التي وردت في سؤالك.

الملاحظة الأولى: أنه من الواضح أنك تحبين الكمال، وهي نزعة موجودة عند الإنسان، عندما يريد كل شيء بشكل كامل، وبحيث لا يحب الشخص أي نقص أو خطأ أو عيب، ومن المتوقع أن هذه الصفة قد تجعل الشخص يعاني عندما لا تكون الأمور كما يحب أو كما ينبغي.

والصفة الثانية: ربما الحساسية التي تجعلك دوما منتبهة لما يراه الآخرون فيك، طبعا كلنا يهمنا ماذا يعتقد الآخرون عنا، إلا أن هذه الصفة قد تزيد أحيانا عن الحد الطبيعي، مما يجعل الشخص يعاني الكثير لمجرد إبداء الناس لرأيهم فيه، فيما كان كذا وكذا، وقد يقضي الشخص الساعات الطويلة وهو منشغل البال فيما يظن فيه الآخرون، وفيما إذا كنا نحصل على رضى الناس عنا أو لا؟ وهكذا فالمعاناة لا تنتهي.

فكيف يمكن الآن تجاوز هذا الحال؟ ربما لا بد لتجاوز هذا الحال من أمرين:

الأول: أن نخفف من نزعة الميل للكمال، وبحيث نقبل الحقيقة الكبيرة في الحياة أن الأمور قد لا تكون "كاملة" كما نحب، وأنه لا بد أحيانا من تقبل أن الأمور أقل جودة مما نتمنى أو نتوقع. صحيح أن الإسلام يدعونا للإحسان في عملنا، وأن نتوقع دوما الأفضل "إن الله قد كتب الإحسان على كل شيء"، ولكن ككل شيء في الحياة، ما زاد عن حدة انقلب إلى ضده، وقد تكون الأمور أقل مما نتمنى.

والشيء الثاني المطلوب: هو أن نقلل من أهمية رأي الآخرين فينا، وأن لا نجعل رضى الناس غايتنا النهائية، نعم نحن نحب أن يرضى الناس عنا وأن يتقبلوننا، إلا أن هذا يجب أن لا يكون هو الغاية القصوى، أو على حساب الأمور الأخرى الكثيرة، ومن أهمها رضى الإنسان عن نفسه أولا.

لك أن تفكري فيما ورد هنا، وطبعا هذا من السهل الكلام عنه، والأصعب منه هو التطبيق. فكري في الموضوع، هل يمكنك أن تقومي بهذا التغيير من نفسك، أو ربما تحتاجين لبعض المساعدة، والتي يمكن أن تقدمها أخصائية نفسية، ممن يمكن أن تأخذي موعدا معها، لتراجعي الأمر معها، والخروج بطريقة مفيدة.

وهذه فرصة مناسبة لأقول هنا: أن الطب النفسي أو الإرشاد النفسي، ليس لمجرد تشخيص "المرض النفسي" ومن ثم العلاج، فالعلوم النفسية قد تكون لمجرد الاستشارة وتبادل الرأي، وإن لم نجد مرضا نفسيا وبتشخيص معروف كما هو في تصنيف الأمراض، ولعل في هذا الجواب ما يفيدك من باب التفكير والتأمل.

وفقك الله، وأعانك على التغيير المطلوب.

مواد ذات صلة

الاستشارات