السؤال
السلام عليكم...
أنا سيدة عمري 29 سنة، متزوجة وأم لطفل، توفيت والدتي حين كان عمري 17 سنة.
كان موت أمي صدمة قوية لي، ومن بعدها بدأت أشعر في كل الأوقات بحزن شديد، وكأنني مخنوقة، وكأن شيئا في صدري، ومزاجي ينقلب فجأة من دون أي سبب، وأشعر بأنني سأموت، فلا أستطيع أن أنام، وتتسارع دقات قلبي وجسمي يرتجف وتضيق بي الدنيا، شعور مخيف جدا، وكل فترة يزداد خوفي أكثر، ولم أخبر أحدا عن حالتي، فأنا بطبعي كتومة، وأفضل أن أحتفظ بكل شيء لنفسي، أصبح عمري الآن 29 سنة، وأنا ما زلت أعاني.
قرأت عن حالتي، وعرفت بأنني أعاني من الوسواس القهري والاكتئاب، وصلت لحد لم أعد أحتمل، أخبرت زوجي منذ فترة قصيرة عن المعاناة التي أعيشها -لأن مزاجي ينقلب فجأة من دون سبب، وهذا سبب مشكلة بيني وبين زوجي-.
ذهبت لمراجعة الطبيب منذ شهر تقريبا، فوصف لي (زولوفت 50 mg )، حبة كل يوم، ساعات أشعر بارتياح وساعات أخرى يتجدد الخوف، ولكنني أصبحت أشعر بشيء -وهذا أقلقني- منذ أسبوع، حيث أنني أتخيل شخصا يقف ورائي، أو أحدا يلاحقني، وعندما ألتفت لا يوجد أحد، أو عند سماع أي صوت أشعر بخوف شديد، وأشعر بأنني فقدت عقلي، أريد الشعور بالسعادة التي فقدت طعمها منذ سنوات، فأنا أخاف أن أؤذي ابني، أو أؤذي نفسي، فأحيانا أفكر بأشياء مؤذية ولكنني لا أفعلها، وأقاوم هذه الأشياء -والحمد لله-، ولكن مجرد وسوس في عقلي، لكنني تعبت كثيرا ولا يعلم بحالتي إلا الله.
سؤالي: هل هذه الأعراض بسبب الدواء الذي أتناوله؟ بماذا تنصحونني؟ هل كل هذه المخاوف والمعاناة ستزول أم سأعيش حياتي هكذا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ورسالتك ليست طويلة أبدا، على العكس تماما هي واضحة ومفصلة، وذات معلومات حصيفة وراكزة.
أقول لك بالفعل أن حالتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة، الذي تعانين منه هو وسواس قهري أدى إلى اكتئاب ثانوي بسيط.،الوساوس القهرية خاصة حين تكون محتوياتها مفزعة وتكون مهددة لكيان الإنسان هنا يحدث عسرا ثانويا في المزاج.
حالتك -إن شاء الله تعالى- بسيطة جدا، حقري هذه الوساوس، لا تعطيها قيمة، اصرفي انتباهك عنها، وما ظهر لك من عرض جديد من سماعك للصوت، وتخيلك لشخص يقف ورائك، هذا كله -أيتها الفاضلة الكريمة– نوع من الهلاوس الكاذبة غير حقيقية، ونشاهدها كثيرا لدى مرضى الوساوس؛ لأن الوسواس لا يخلو من القلق، والقلق لا يخلو من الخوف، لذا يفضل بعض علماء النفس أن يسمي هذه الحالات: قلق المخاوف الوسواسي، أؤكد لك أن الحالة بسيطة.
(الزولفت) دواء ممتاز، لا يؤدي إلى التجربة السلبية التي تحدثت عنها وهي تخيل أحدا واقفا ورائك، هذا جزء من المخاوف الوسواسية التي لديك، ويعرف عن هذه الحالات أن أعراضا تختفي وتظهر أعراض أخرى، حتى تختفي الأعراض كلها وبالكلية.
الدواء يتطلب بناء كيميائيا، والبناء الكيميائي لا يتم قبل أربعة إلى ستة أسابيع، الذي أقترحه لك هو أن ترفعي جرعة (الزولفت) وتجعليها حبتين في اليوم، (مائة مليجرام) هي الجرعة التي تساعد في علاج الوساوس، وبعض الناس يحتاجون إلى (مائة وخمسين مليجراما)، وهنالك قل من يحتاج إلى (مائتي مليجرام) – أي أربعة حبات في اليوم –، وهذه كلها جرع طبية صحيحة، لم تخرج أبدا من طيف السلامة الدوائية، حبتين في اليوم جرعة مقنعة جدا، جيدة جدا، سليمة جدا، وتحتاجين أن تواصلي عليها لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، بعد ذلك اخفضي الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر مثلا، لأنك تحتاجين لجرعة وقائية ممتدة، وبعد ذلك يمكن أن تخفضي الجرعة إلى (خمسة وعشرين مليجراما) –أي نصف حبة – ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخريين، ثم تتوقفين عن تناول الدواء.
هذه وجهة نظري، لكن قطعا اتباعك لإرشاد طبيبك يجب أن يأخذ الأسبقية، لأنه فحصك وناظرك ووصل لقناعات علاجية معينة، و-إن شاء الله تعالى- لا يوجد اختلاف بيننا أبدا.
في بعض الأحيان أنا أنصح الناس بتناول دواء آخر بسيط جدا يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول)، هو دواء جيد جدا حقيقة، وهذا الدواء أنا لي تجارب إيجابية معه جدا، غير إدماني، غير تعودي، وسريع الفعالية، وله قوة تضافرية معينة مع الأدوية الأخرى، مثل (الزولفت)، إذا أردت أن تتناولي هذا الدواء (فلوناكسول)، يمكنك أن تحصلي عليه، فهو دواء بسيط جدا، والجرعة هي (نصف مليجرام)، تتناولينها يوميا في الصباح لمدة شهر، ثم تتوقفين عن تناوله وتستمري في تناول (الزولفت) بنفس الذي وصفته لك، أو ما سوف يقوله لك طبيبك.
أنصحك -أيتها الفاضلة الكريمة- أيضا بتطبيق تمارين الاسترخاء، هي مفيدة جدا، يمكن أن يدربك عليها الطبيب، أو الأخصائية التي تعمل معه، أو يمكنك الرجوع إلى استشارة موقعنا تحت رقم (2136015) فيها توجيهات وإرشادات بسيطة وسهلة التطبيق.
أيتها الفاضلة الكريمة: كوني متفائلة، أنت -والحمد لله تعالى- لديك إيجابيات عظيمة في حياتك، اسألي الله -تعالى- الرحمة لوالدتك، وإن استطعت أن تتصدقي لها حتى ولو شيئا بسيطا، هذا -إن شاء الله تعالى- فيه خير كثير، ويشعرك -إن شاء الله تعالى- بالطمأنينة، ويزيل عنك أي شعور بالذنب حيالها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نسأل الله لك التوفيق والسداد.