السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما، أريد الاستقامة، لكني لا أعرف لها طريقا، أحاول مرارا وتكرار الاستقامة لكني لا أستمر، أريد أن أحفظ كتاب الله، لكني لا أجد من يعينني، أعاني من الوحدة؛ لذا معظم وقتي في البيت، إما نائما، أو افكر في كيفية المشي على الطريق الصحيح، مجتمعي لا يساعد على اتخاذ الأصدقاء الصالحين، فأغلب الشباب لا يصاحب إلا لحب شهوة، أو مصلحة، مشكلتي أنني مشتت.
حاليا أريد الاستقامة، وأريد التمتع بمرحلتي العمرية، فأنا لست ككثير من الشباب أفكر في اللهو فقط، بل أخالط فكري بمسائل تفوق عمري مثل: ما الذي سأفعله إن مات والدي؟ وكيف أتمكن من الكسب الحلال الذي سأعطيه إخوتي؟ وأيضا ما الذي أفعله كي أسدد ديون والدي الحالية التي أرهقته كثيرا؟ قلبي يتقطع من غلبة الدين، نسأل الله الفرج القريب، أحاول جاهدا الخشوع في الصلاة أو التلذذ بأي عمل أقوم به لوجه الله، لكني لا أذوق لذة الطاعة، أعاني أيضا من وساوس في الوضوء في كل صلاة؟ أحاول قراءة كتب دينية، لكن لا أثر للمنفعة.
أعذرني -أيها الشيخ- على اندفاع قلمي وهيجانه، فأنا شخص كتوم جدا، وأتيحت لي فرصة للتفريغ، أرشدني للطريق الصحيح الذي يضمن لي سلامة نفسية وكنزا معرفيا، ومنطلقا للجنان، لا حرمك الله الأجر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك ابننا الفاضل في الموقع، ونعبر لك عن سعادتنا بهذه الفضفضة مع موقعك، ونحن لك في مقام الآباء، فخذ راحتك يا بني، وتكلم بكل ما في نفسك، ونؤكد لك أن الكتابة إلينا والتواصل معنا، وهذا العرض الرائع لمشكلاتك هو المفتاح الرئيسي والخطوة الأولى للخروج مما أنت فيه، ونسأل الله أن يعينك على الخير.
أنت -ولله الحمد- تحمل نفسا ذات مؤهلات عالية، فأنت مهموم للوالد، وأنت حريص على الخشوع، وأنت باحث عن دور ورسالة، وكل ذلك ممكن، فاكسر هذه الحواجز الوهمية التي تجعلك تجلس في البيت، واستبدل الجلوس في البيت بالجلوس في المسجد، واستبدل الانعزال عن الناس بمخالطة الصالحين منهم، وتحرك للحياة وابتسم لها، واعلم أن هذه الدنيا تضيق على من ابتعد عن الله تبارك وتعالى، لكنها واسعة على أمثالك ممن يصلي بل يبحث عن الخشوع والخضوع والطمأنينة لله في صلاته، فنسأل الله أن يزيدك خيرا، ونتمنى أن تقترب من الوالد، وتحاول أن تكتسب مهارات ومواهب.
البداية الصحيحة أن تبدأ في المسجد، تتعرف على الصالحين، وتتعرف على إمام المسجد، وترتب معه مسألة الحفظ والتلاوة، فإن الإنسان لا ينبغي أن يحفظ القرآن وحده، لكن يرجع إلى أهل العلم، يعرف القراءة الصحيحة، ثم بعد ذلك يبدأ في مشروع الحفظ لكتاب الله تبارك وتعالى، ونؤكد لك أنك تستطيع أن تفعل الكثير، وإن كان في الشباب من يريد الشهوة والمجاملة والمصالح فهناك أيضا من يريد التقوى لله والرضوان، فاجعل كتاب الله لك جليسا، وابحث عن الصالحين في مواطن الصلاح في بيوت الله، وفي مواطن المحاضرات والخيرات، واعلم أنك مثل السوق الرائجة تحمل إليك البضائع الرائجة، فاجعل الصدق رائجا عندك، واجعل الإخلاص شعارا لك، وأقبل على الله تبارك وتعالى، فهو الموفق (سبحانه) لكل خير.
سنكون سعداء جدا بالتواصل معك، وندعوك الآن إلى وضع برنامج يبدأ بالصلوات في المساجد، يبدأ بالجلوس مع الوالد، يبدأ بالاهتمام بالأسرة، يبدأ بالانتباه للأشياء المفيدة، يبدأ بأخذ إرشادات من إمام المسجد أو الدعاة الذين حولك الذين تعرفهم، ليبين لك ماذا تقرأ وكيف تقرأ، أيضا حاول الاستماع للمشايخ والعلماء الأفاضل، ولا تهجم على العلم وحدك، وإنما استرشد بمن بين يديك من الفضلاء – وما أكثرهم – .
فنسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يوفقنا وإياك لما يحبه ويرضاه، ونحن سنسعد جدا في حال استمرارك في التواصل، وهذا مكان تحفظ فيه الأسرار، فقل ما في نفسك، ومن حقك أن تطلب حجب الاستشارة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.