شتت تفكيري وعبادتي خوفي من الرياء، هل هو بسبب ذنوبي؟

0 411

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة ملتزمة، ولكن دائما أحس بأنني أعجب بما أعمل وهذا شعور يتعبني جدا، لأني أعلم أن العجب يفسد العمل وأن الله غني عن أعمالي، وبعض الأحيان لا أعمل خوفا من الرياء مع علمي بأن ترك العمل من أجل الناس لا يجوز، ومشكلتي الأكبر أصبحت أني لا أستطيع الخشوع بصلاة، لا أعلم هل بسبب ذنوبي؟ ودائما تأتيني أفكار سلبية ومزعجة.

وأخيرا وأتأسف عن الإطالة، كيف أكون من الذاكرين؟ لأنني أحاول كل يوم أن لا يتوقف لساني عن ذكر الله، وعندما ينقضي هذا اليوم أتذكر أن محاولتي باءت بالفشل ولم أذكر الله طوال هذا اليوم، عقلي متشتت بهذه الأمور، ولا أخفيك أني الأيام التي مضت قصرت بالعبادة من أجل هذا التشتت الذي بداخلي.

وجزاكم الله الفردوس على ما تقدمونه للمسلمين بهذا الموقع الجميل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع.

وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة - فمما لا يخفى عليك أن الشيطان – لعنه الله – هو أعدى أعداء الإنسان، وأن الشيطان يحرص كل الحرص على أن يصرف الناس عن العبادة والطاعة، ولذلك حذرنا الله تبارك وتعالى من كيده ومكره، وقال لنا سبحانه: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير} والشيطان يقوم بالغارة على الإنسان المسلم على وجه الخصوص؛ لأنه لا يذهب إلا إلى المسلمين الصادقين أصحاب الأعمال الصالحة، لأن اللص عادة لا يسرق إلا من البيوت العامرة، أما البيوت الخربة فإن اللص لا يتوجه إليها لمعرفته أنه ليس فيها شيء، وكذلك أيضا الشيطان يرى أصحاب الأعمال الصالحة وأصحاب الطاعات والإيمان فيركز عليهم ويحرص على أن يفسد علاقتهم مع ربهم، وأن يفسد طاعتهم لله جل وعلا، أما أصحاب المعاصي والكفر والفسوق فإنهم لا يذهب إليهم مطلقا، لعلمه بأنه ليس لديهم أي شيئا.

ولذلك بما أنك حريصة على طاعة الله تبارك وتعالى فالشيطان سيركز عليك بكل ما أوتي من قوة، والشيطان يستعمل مع العبد المسلم طريقتين للإفساد والغواية، الطريقة الأولى: أن يحبب إليه المعاصي الظاهرة وهو ما يعرف بالشهوات، والطريقة الثانية: أن يحاول أن يفسد علاقته بربه ويشي له بعدم قبول الأعمال، وهذا ما يعرف بالشبهات، وهذا الذي أنت فيه الآن من مسألة العجب بالعمل هو نوع من الشبه التي يثيرها الشيطان في قلبك؛ لأنه يسلط حربه على قلب العبد ويسلط حربه أيضا على جوارح العبد، فإذا استطاع أن يمنعه من الطاعة فاكتفى بذلك، وإن عجز عن ذلك فإنه يتحول إلى الجهة الأخرى وإلى الجبهة الثانية وهي القلب.

ولذلك أنا أتمنى بداية أن تواصلي عملك، وألا تفكري في قضية العجب هذه ما دمت لا تنطقي بها أمام الناس، وما دمت لا تتكلمين بها ولا تحرصين على أن تتباهي بهذا العمل أمام الخلق، فالأمر - إن شاء الله تعالى - في خير.

كون الإنسان يفرح بعمله الصالح فهذا شيء طيب، وليس فيه شيء، ولكن عليه أن يدعو الله تبارك وتعالى أن يتقبل وأن يجتهد في ذلك، كما قال الله تبارك وتعالى: {وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم} فعليك ألا تتوقفي طويلا أمام مسألة العجب ما دمت لا تخبري الناس ولا تحاولي أن تفعلي الأعمال أمام الناس، لأن هذه هي المراءة التي حذرنا منها الإسلام وكذلك التسميع، والتسميع كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ومن سمع سمع الله به) أي يقول للناس أنا فعلت وفعلت ولم يره أحد.

فما دمت لم تفعلي ذلك فما عليك - إن شاء الله تعالى - من هذه الحرب، وكلما جاءك الشيطان وقال (أنت معجبة بعملك) فاتفلي على يسارك ثلاثا، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وحاولي أن تنكسري بين يدي الله بأن تقولي (يا ربي لولا أنت ما اهتديت، ولولا أنت ما صليت، ولولا أنت ما فعلت كذا، فاجعل عملي خالصا لوجهك الكريم)، واجتهدي في ذكر الله تبارك وتعالى على قدر ما تستطيعين، لأن الله تبارك وتعالى قال: {فاتقوا الله ما استطعتم}، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه استطعتم)، فعليك بمواصلة الذكر على قدر استطاعتك، واستغلال الفرص المتاحة لديك، ولا تشغلي بالك بأن هذا الذكر كم عدده وهل غطى الوقت كله أم لا؟

المهم أن تكوني في وقتك الذي تملكينه حريصة على استغلاله الاستغلال الأمثل والاستغلال الأحسن والأفضل، واعلمي أن الله تبارك وتعالى يعطي على العمل ويعطي على النية، فما دامت نيتك ألا تفوت منك لحظة في غير طاعة، فاعلمي بأن الله سيمنحك هذا الأجر - بإذنه سبحانه وتعالى -.

فواصلي العمل ولا تلتفتي لكيد الشيطان، وأن هناك إعجاب أو عدم إعجاب، ما دام الأمر كما ذكرت لك، واجتهدي في ذكر الله سبحانه وتعالى على قدر استطاعتك، وسلي الله تبارك وتعالى القبول، وأهم شيء أن تجتهدي في ذلك أن يتقبل الله تبارك وتعالى منك؛ لأن العمل في حد ذاته عبادة، وسؤال الله تبارك وتعالى قبول العمل عبادة أخرى.

أسأل الله أن يتقبل منا ومنك، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عباده، وألا يحبط لك عمل، وأن يجعلك من المقبولات الصالحات المتميزات في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات